البحث العلمي بين المشکلات المنهجية وعدم صدق النتائج

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ بکلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان

المستخلص

لا يستطيع أن ينکر أحد أهمية البحث العلمي في تطوير النظرية والممارسة في جميع العلوم بصفة عامة والخدمة الاجتماعية بصفة خاصة. وقد کان للبحث العلمي الکثير من الانجازات التي نقلت الخدمة الاجتماعية من مجرد مهنة تقديم خدمات ومساعدات إنسانية قائمة على المساعدات الاجتماعية والاقتصادية إلى الفقراء والمحتاجين إلى مهنة إنسانية واجتماعية لها قاعدتها العلمية والتطبيقية والتي اقتحمت جميع مجالات العمل الإنساني وألقت بجذورها فيه وأصبحت لها قيمتها في المجتمعات المتحضرة.
        ويمکن القول بأن البحث العلمي يعتبر عنصرا أساسيا وحاسما في بناء الممارسة المهنية الفعالة وتطورها بما يضمن استمرارها وتحقيقها لأهدافها في إطار المتغيرات الإنسانية المتجددة والمتطورة.
أما على الجانب القومي والعربي فإن البحث العلمي يعاني في مصر والوطن العربي وخاصة البحث في الخدمة الاجتماعية العديد من المشکلات التي أثرت بدرجة کبيرة على فعالية النتائج التي يتم الوصول إليها من خلال البحوث العلمية المتعددة في هذا المجال. ولعل أهم المشکلات التي يعاني منها البحث العلمي في مجتمعاتنا هي مشکلات المنهجية التي تمثل الدعامة الأساسية لنجاح البحث العلمي والوصول إلى النتائج التي يمکن أن تفيد النظرية والممارسة في الخدمة الاجتماعية.
ولقد کان لعلماء الخدمة الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريکية فضل السبق في تقييم نتائج بحوث الخدمة الاجتماعية وجوانب القصور التي أدت إلى التشکيک في صدق النتائج وخاصة خلال الحقبة المبکرة التي تلت ظهور مهنة الخدمة الاجتماعية. ويعتبر ما قام به کل من ألين روبن وإيرل بابي Rubin A, & Babbie (2001) من مقارنة نتائج لعدد من البحوث العلمية في التدخل المهني للخدمة الاجتماعية التي أجراها بعض القدامى والمحدثون من علماء الخدمة الاجتماعية من أهم الإشارات إلى أهمية دقة ورصانة البحث العلمي في الوصول إلى النتائج التي تثري الممارسة.
        وقد تعرض الکاتبان لبحوث بعض العلماء البارزين في الخدمة الاجتماعية والتي تقيم فعالية التدخل المهني. ومن أهم ما تناوله الکاتبان البحث الذي قام به فيشر Joel Fischer (1973) وأحدث صدمة في أوساط ممارسة الخدمة الاجتماعية بالولايات المتحدة الأمريکية، عندما قام بتحليل مجموعة من الدراسات التجريبية التي تقيم فعالية طريقة خدمة الفرد. وقد وجد فيشر إحدى عشر دراسة فقط تتمشى مع المعايير التي حددها في هذه الدراسات. وقد أجريت هذه الدراسات في الولايات المتحدة الأمريکية في الفترة التي تلت عام 1930. وقد تضمنت هذه الدراسات مقارنة جماعات يتم التدخل المهني معها (تجريبية) مع جماعات لا يتم معها أي تدخل (ضابطة) أو جماعات يستخدم معها أساليب بديلة للتدخل غير الخدمة الاجتماعية. کما اعتمدت هذه الدراسات أساسا على الأخصائيين الاجتماعيين الممارسين في إطار خدمة الفرد. وقد أشارت نتيجة دراسة فيشر أن هناک ست دراسات من بين الدراسات الإحدى عشر لم تظهر أي تأثيرات دالة بين الجماعات التجريبية التي استخدمت معها أساليب التدخل في خدمة الفرد وبين الجماعات الضابطة التي لم تتعرض لأي تدخل. أما الخمس دراسات الأخرى التي قارنت التدخل المهني لخدمة الفرد مع أنواع التدخل الأخرى، فقد أظهرت ثلاث دراسات منها عدم وجود فروق دالة بين الجماعات التي استخدم معها التدخل في خدمة الفرد والجماعات التي استخدمت معها أشکال تدخل أخرى، أو أظهرت فروق طفيفة لا ترجح کفة التدخل المهني في خدمة الفرد. أما الدراستان الأخيرتان فقد وجد فيشر فيهما وجود قصور منهجي يشکک في نتائجهما.
        ولعل دراسة فيشر ليست هي الوحيدة في هذا الإطار فقد تعددت الدراسات التي انتقدت فعالية التدخل المهني للخدمة الاجتماعية، فبعض هذه الدراسات انتقد التصميمات المنهجية التي اختبرت برامج التدخل المهني، والبعض الآخر انتقد عدم وضوح عملية التدخل المهني أو عدم مناسبتها لمشکلات العملاء. وتعتبر دراسة کاترين وود Katherine Wood (1978) واحدة من أهم هذه الدراسات والتي بدأتها بعنوان أکثر إثارة وهو هل خدمة الفرد کإحدى طرق الخدمة الاجتماعية قد ماتت؟ Is Social Casework Died?. وقد راجعت وود من خلال هذه الدراسة 22 بحثا تناولوا التدخل المهني للممارسة المباشرة في الخدمة الاجتماعية في أربعة مجالات. وقد أظهرت "وود" أيضا عدم فعالية الممارسة المباشرة للخدمة الاجتماعية في المجالات التي تناولتها. وقد ذهبت "وود" إلى أبعد من ذلک حيث رأت من خلال تحليل الدراسات التي تناولتها وجود جوانب عديدة من القصور في الأطر المنهجية لهذه الدراسات والتي قد تکون هي السبب في الوصول إلى نتائج تلک الدراسات. وعموما اتفق کل من "فيشر" و "وود" على النظرة التشاؤمية للممارسة المباشرة.
   وعلى العکس من ذلک ظهرت العديد من بحوث العلماء المعاصرين في الخدمة الاجتماعية الذين کانت نتائجها أکثر تفاؤلا من بحوث فيشر وکاترين وود. فقد قام کل من ريد وهانراهان Reid & Hanrahan (1982) بمراجعة 22 دراسة تجريبية تقيم الممارسة المباشرة للخدمة الاجتماعية، حيث أجريت هذه الدراسات خلال الفترة من 1973 – 1979. وهو نفس ما قام به Rubin (1985) من خلال مراجعة 12 دراسة تجريبية تم نشرها خلال الفترة من 1978-1983. وقد أظهرت نتائج الدراستين السابقتين وجود درجة مناسبة من فعالية الممارسة المباشرة للخدمة الاجتماعية في التعامل مع المشکلات التي تتعامل معها في المجتمع.
   وبمراجعة نتائج الدراسات التي قام بها العلماء المحدثون والقدامى حول تقييم فعالية الممارسة المباشرة للخدمة الاجتماعية مع مشکلات العملاء خلال مراحل متفاوتة من الزمن. نجد أن العلماء المحدثين أکثر تفاؤلا من العلماء القدامى حول مستقبل التدخل المهني للممارسة المباشرة والدور الذي يمکن أن يلعبه في التعامل مع مشکلات المجتمع في ضوء النتائج التي توصلوا إليها. وقد أرجع بابي Rubin & Babbie هذا التفاؤل أو بمعنى أدق الاختلاف بين نتائج العلماء المحدثين والقدامى إلى:
1)  اتسم التدخل المهني الذي قام بتقييمه العلماء القدامى في الخدمة الاجتماعية مثل فيشر وکاترين وود بأنه غير محدد المعالم بمعني أنه لا يوجد برنامج للتدخل المهني بالمعنى المعروف يمکن تقييمه، لدرجة أن بعض هؤلاء الباحثين قد حدد مفهوم التدخل المهني بأنه کل الأعمال التي يقوم بها الأخصائي الاجتماعي المدرب. ولکن هل هذه الأعمال في إطار خطة أو برنامج مهني؟ هل يرتبط بنظرية أو إطار نظري معين؟ بالطبع لم يهتم مهؤلاء الباحثين بذلک في هذا الوقت. وعلى العکس من ذلک کانت أبحاث العلماء المحدثين أمثال ريد وروبين وبابي تهتم بتقييم برامج تدخل المهني محددة بدقة وتخضع في أسسها العلمية لنماذج أو نظريات علمية واضحة. ومن هنا کانت الفروق بين العلماء القدامى والعلماء المحدثين لصالح العلماء المحدثين في هذا الجانب وهو التحديد الدقيق لبرامج التدخل المهني المستخدمة.
2)  إن النتيجتين السابقتين تجعلنا نتساءل عن منهجية البحث التي اعتمد عليها العلماء القدامى، والأدوات التي استخدموها، ومعايير تقييم الأداء التي اعتمدوا عليها، والتصميمات المنهجية التي اختاروها، والأسس العلمية أو النظرية التي أسسوا عليها تفسير النتائج التي توصلوا إليها. ولعل ذلک ما دعا وود wood إلى التشکيک في صدق النتائج التي توصلت إليها معظم الدراسات التي قيمتها في دراستها، حيث أرجعت ذلک إلى ضعف منهجية هذه البحوث وخاصة التصميمات التجريبية التر رأت أنها لا تتناسب مع طبيعة التدخل المهني للخدمة الاجتماعية.  
وفي دراسة أجراها هشام عبد المجيد (1998) عن تقييم استخدامات التجريب في بحوث التدخل المهني مع الحالات الفردية، والتي أجريت على 22 باحثا من أعضاء هيئة التدريس بکليتي الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان والفيوم. أظهرت نتائجها وجود العديد من جوانب القصور في استخدامات بحوث التجريب سواء في طرق اختيار العينات أو تصميمات التجريب المستخدمة أو صياغة الفروض وغيرها.
إلا أنه بمرور الزمن وحتى الآن لازالت هناک العديد من الأخطاء المنهجية التي تتسم بها بحوث الخدمة الاجتماعية على کافة المستويات. ونظرا لما اکتسبه کاتب هذا المقال من خبره متواضعة في مجال البحث العلمي لعشرات من السنين نتيجة العديد من البحوث العلمية التي أجراها بل وأخضعها للتقييم الذاتي، وکذلک قيامه بالتحکيم على العديد من الأبحاث على کافة المستويات محليا وعربيا وعمله کعضو في لجان الترقيات، أمکن له متابعة العديد من البحوث وتحديد أهم جوانب القصور بها والمرتبطة بالمنهجية. ولعل هذه الخطوة من الممکن أن تساعد بدرجة کبيرة في الوصول إلى حلول إلى هذه المشکلات والتي يمکن أن ترفع من القيمة العلمية لبحوث الخدمة الاجتماعية في المستقبل بحيث تکون بصدق أساس تطوير النظرية والممارسة في الخدمة الاجتماعية. لذلک أتناول في هذه الورقة الموضوعات التالية:
1)    مفهوم البحث في الخدمة الاجتماعية وأهدافه
2)    منهجية البحث العلمي ومشکلاته في بحوث الخدمة الاجتماعية Methodology
3)    العوامل التي تؤدي إلى المشکلات المنهجية في بحوث الخدمة الاجتماعية.
4)    أهم المشکلات المنهجية التي تتضمنها بحوث الخدمة الاجتماعية وهي:
‌أ)       المشکلات المرتبطة بصياغة مشکلة البحث.
‌ب)  المشکلات المرتبطة بصياغة المتغيرات والمفاهيم.
‌ج)    مشکلات صياغة فروض البحث.
‌د)      المشکلات المرتبطة باختيار منهجية البحث وتصميماته.
‌ه)   المشکلات المرتبطة بأدوات البحث وخاصة المقاييس.
‌و)     المشکلات المرتبطة بالعينة.
‌ز)     المشکلات المرتبطة بنتائج البحث وتفسيرها.

نقاط رئيسية

البحث العلمی

الكلمات الرئيسية


 

 

البحث العلمی بین المشکلات المنهجیة وعدم صدق النتائج

 

 

إعداد

أ.د/ هشام سید عبد المجید

أستاذ بکلیة الخدمة الاجتماعیة جامعة حلوان

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقدمة:

        لا یستطیع أن ینکر أحد أهمیة البحث العلمی فی تطویر النظریة والممارسة فی جمیع العلوم بصفة عامة والخدمة الاجتماعیة بصفة خاصة. وقد کان للبحث العلمی الکثیر من الانجازات التی نقلت الخدمة الاجتماعیة من مجرد مهنة تقدیم خدمات ومساعدات إنسانیة قائمة على المساعدات الاجتماعیة والاقتصادیة إلى الفقراء والمحتاجین إلى مهنة إنسانیة واجتماعیة لها قاعدتها العلمیة والتطبیقیة والتی اقتحمت جمیع مجالات العمل الإنسانی وألقت بجذورها فیه وأصبحت لها قیمتها فی المجتمعات المتحضرة.

        ویمکن القول بأن البحث العلمی یعتبر عنصرا أساسیا وحاسما فی بناء الممارسة المهنیة الفعالة وتطورها بما یضمن استمرارها وتحقیقها لأهدافها فی إطار المتغیرات الإنسانیة المتجددة والمتطورة.

أما على الجانب القومی والعربی فإن البحث العلمی یعانی فی مصر والوطن العربی وخاصة البحث فی الخدمة الاجتماعیة العدید من المشکلات التی أثرت بدرجة کبیرة على فعالیة النتائج التی یتم الوصول إلیها من خلال البحوث العلمیة المتعددة فی هذا المجال. ولعل أهم المشکلات التی یعانی منها البحث العلمی فی مجتمعاتنا هی مشکلات المنهجیة التی تمثل الدعامة الأساسیة لنجاح البحث العلمی والوصول إلى النتائج التی یمکن أن تفید النظریة والممارسة فی الخدمة الاجتماعیة.

ولقد کان لعلماء الخدمة الاجتماعیة فی الولایات المتحدة الأمریکیة فضل السبق فی تقییم نتائج بحوث الخدمة الاجتماعیة وجوانب القصور التی أدت إلى التشکیک فی صدق النتائج وخاصة خلال الحقبة المبکرة التی تلت ظهور مهنة الخدمة الاجتماعیة. ویعتبر ما قام به کل من ألین روبن وإیرل بابی Rubin A, & Babbie (2001) من مقارنة نتائج لعدد من البحوث العلمیة فی التدخل المهنی للخدمة الاجتماعیة التی أجراها بعض القدامى والمحدثون من علماء الخدمة الاجتماعیة من أهم الإشارات إلى أهمیة دقة ورصانة البحث العلمی فی الوصول إلى النتائج التی تثری الممارسة.

        وقد تعرض الکاتبان لبحوث بعض العلماء البارزین فی الخدمة الاجتماعیة والتی تقیم فعالیة التدخل المهنی. ومن أهم ما تناوله الکاتبان البحث الذی قام به فیشر Joel Fischer (1973) وأحدث صدمة فی أوساط ممارسة الخدمة الاجتماعیة بالولایات المتحدة الأمریکیة، عندما قام بتحلیل مجموعة من الدراسات التجریبیة التی تقیم فعالیة طریقة خدمة الفرد. وقد وجد فیشر إحدى عشر دراسة فقط تتمشى مع المعاییر التی حددها فی هذه الدراسات. وقد أجریت هذه الدراسات فی الولایات المتحدة الأمریکیة فی الفترة التی تلت عام 1930. وقد تضمنت هذه الدراسات مقارنة جماعات یتم التدخل المهنی معها (تجریبیة) مع جماعات لا یتم معها أی تدخل (ضابطة) أو جماعات یستخدم معها أسالیب بدیلة للتدخل غیر الخدمة الاجتماعیة. کما اعتمدت هذه الدراسات أساسا على الأخصائیین الاجتماعیین الممارسین فی إطار خدمة الفرد. وقد أشارت نتیجة دراسة فیشر أن هناک ست دراسات من بین الدراسات الإحدى عشر لم تظهر أی تأثیرات دالة بین الجماعات التجریبیة التی استخدمت معها أسالیب التدخل فی خدمة الفرد وبین الجماعات الضابطة التی لم تتعرض لأی تدخل. أما الخمس دراسات الأخرى التی قارنت التدخل المهنی لخدمة الفرد مع أنواع التدخل الأخرى، فقد أظهرت ثلاث دراسات منها عدم وجود فروق دالة بین الجماعات التی استخدم معها التدخل فی خدمة الفرد والجماعات التی استخدمت معها أشکال تدخل أخرى، أو أظهرت فروق طفیفة لا ترجح کفة التدخل المهنی فی خدمة الفرد. أما الدراستان الأخیرتان فقد وجد فیشر فیهما وجود قصور منهجی یشکک فی نتائجهما.

        ولعل دراسة فیشر لیست هی الوحیدة فی هذا الإطار فقد تعددت الدراسات التی انتقدت فعالیة التدخل المهنی للخدمة الاجتماعیة، فبعض هذه الدراسات انتقد التصمیمات المنهجیة التی اختبرت برامج التدخل المهنی، والبعض الآخر انتقد عدم وضوح عملیة التدخل المهنی أو عدم مناسبتها لمشکلات العملاء. وتعتبر دراسة کاترین وود Katherine Wood (1978) واحدة من أهم هذه الدراسات والتی بدأتها بعنوان أکثر إثارة وهو هل خدمة الفرد کإحدى طرق الخدمة الاجتماعیة قد ماتت؟ Is Social Casework Died?. وقد راجعت وود من خلال هذه الدراسة 22 بحثا تناولوا التدخل المهنی للممارسة المباشرة فی الخدمة الاجتماعیة فی أربعة مجالات. وقد أظهرت "وود" أیضا عدم فعالیة الممارسة المباشرة للخدمة الاجتماعیة فی المجالات التی تناولتها. وقد ذهبت "وود" إلى أبعد من ذلک حیث رأت من خلال تحلیل الدراسات التی تناولتها وجود جوانب عدیدة من القصور فی الأطر المنهجیة لهذه الدراسات والتی قد تکون هی السبب فی الوصول إلى نتائج تلک الدراسات. وعموما اتفق کل من "فیشر" و "وود" على النظرة التشاؤمیة للممارسة المباشرة.

   وعلى العکس من ذلک ظهرت العدید من بحوث العلماء المعاصرین فی الخدمة الاجتماعیة الذین کانت نتائجها أکثر تفاؤلا من بحوث فیشر وکاترین وود. فقد قام کل من رید وهانراهان Reid & Hanrahan (1982) بمراجعة 22 دراسة تجریبیة تقیم الممارسة المباشرة للخدمة الاجتماعیة، حیث أجریت هذه الدراسات خلال الفترة من 1973 – 1979. وهو نفس ما قام به Rubin (1985) من خلال مراجعة 12 دراسة تجریبیة تم نشرها خلال الفترة من 1978-1983. وقد أظهرت نتائج الدراستین السابقتین وجود درجة مناسبة من فعالیة الممارسة المباشرة للخدمة الاجتماعیة فی التعامل مع المشکلات التی تتعامل معها فی المجتمع.

   وبمراجعة نتائج الدراسات التی قام بها العلماء المحدثون والقدامى حول تقییم فعالیة الممارسة المباشرة للخدمة الاجتماعیة مع مشکلات العملاء خلال مراحل متفاوتة من الزمن. نجد أن العلماء المحدثین أکثر تفاؤلا من العلماء القدامى حول مستقبل التدخل المهنی للممارسة المباشرة والدور الذی یمکن أن یلعبه فی التعامل مع مشکلات المجتمع فی ضوء النتائج التی توصلوا إلیها. وقد أرجع بابی Rubin & Babbie هذا التفاؤل أو بمعنى أدق الاختلاف بین نتائج العلماء المحدثین والقدامى إلى:

1)  اتسم التدخل المهنی الذی قام بتقییمه العلماء القدامى فی الخدمة الاجتماعیة مثل فیشر وکاترین وود بأنه غیر محدد المعالم بمعنی أنه لا یوجد برنامج للتدخل المهنی بالمعنى المعروف یمکن تقییمه، لدرجة أن بعض هؤلاء الباحثین قد حدد مفهوم التدخل المهنی بأنه کل الأعمال التی یقوم بها الأخصائی الاجتماعی المدرب. ولکن هل هذه الأعمال فی إطار خطة أو برنامج مهنی؟ هل یرتبط بنظریة أو إطار نظری معین؟ بالطبع لم یهتم مهؤلاء الباحثین بذلک فی هذا الوقت. وعلى العکس من ذلک کانت أبحاث العلماء المحدثین أمثال رید وروبین وبابی تهتم بتقییم برامج تدخل المهنی محددة بدقة وتخضع فی أسسها العلمیة لنماذج أو نظریات علمیة واضحة. ومن هنا کانت الفروق بین العلماء القدامى والعلماء المحدثین لصالح العلماء المحدثین فی هذا الجانب وهو التحدید الدقیق لبرامج التدخل المهنی المستخدمة.

2)  إن النتیجتین السابقتین تجعلنا نتساءل عن منهجیة البحث التی اعتمد علیها العلماء القدامى، والأدوات التی استخدموها، ومعاییر تقییم الأداء التی اعتمدوا علیها، والتصمیمات المنهجیة التی اختاروها، والأسس العلمیة أو النظریة التی أسسوا علیها تفسیر النتائج التی توصلوا إلیها. ولعل ذلک ما دعا وود wood إلى التشکیک فی صدق النتائج التی توصلت إلیها معظم الدراسات التی قیمتها فی دراستها، حیث أرجعت ذلک إلى ضعف منهجیة هذه البحوث وخاصة التصمیمات التجریبیة التر رأت أنها لا تتناسب مع طبیعة التدخل المهنی للخدمة الاجتماعیة.  

وفی دراسة أجراها هشام عبد المجید (1998) عن تقییم استخدامات التجریب فی بحوث التدخل المهنی مع الحالات الفردیة، والتی أجریت على 22 باحثا من أعضاء هیئة التدریس بکلیتی الخدمة الاجتماعیة جامعة حلوان والفیوم. أظهرت نتائجها وجود العدید من جوانب القصور فی استخدامات بحوث التجریب سواء فی طرق اختیار العینات أو تصمیمات التجریب المستخدمة أو صیاغة الفروض وغیرها.

إلا أنه بمرور الزمن وحتى الآن لازالت هناک العدید من الأخطاء المنهجیة التی تتسم بها بحوث الخدمة الاجتماعیة على کافة المستویات. ونظرا لما اکتسبه کاتب هذا المقال من خبره متواضعة فی مجال البحث العلمی لعشرات من السنین نتیجة العدید من البحوث العلمیة التی أجراها بل وأخضعها للتقییم الذاتی، وکذلک قیامه بالتحکیم على العدید من الأبحاث على کافة المستویات محلیا وعربیا وعمله کعضو فی لجان الترقیات، أمکن له متابعة العدید من البحوث وتحدید أهم جوانب القصور بها والمرتبطة بالمنهجیة. ولعل هذه الخطوة من الممکن أن تساعد بدرجة کبیرة فی الوصول إلى حلول إلى هذه المشکلات والتی یمکن أن ترفع من القیمة العلمیة لبحوث الخدمة الاجتماعیة فی المستقبل بحیث تکون بصدق أساس تطویر النظریة والممارسة فی الخدمة الاجتماعیة. لذلک أتناول فی هذه الورقة الموضوعات التالیة:

1)    مفهوم البحث فی الخدمة الاجتماعیة وأهدافه

2)    منهجیة البحث العلمی ومشکلاته فی بحوث الخدمة الاجتماعیة Methodology

3)    العوامل التی تؤدی إلى المشکلات المنهجیة فی بحوث الخدمة الاجتماعیة.

4)    أهم المشکلات المنهجیة التی تتضمنها بحوث الخدمة الاجتماعیة وهی:

‌أ)       المشکلات المرتبطة بصیاغة مشکلة البحث.

‌ب)  المشکلات المرتبطة بصیاغة المتغیرات والمفاهیم.

‌ج)    مشکلات صیاغة فروض البحث.

‌د)      المشکلات المرتبطة باختیار منهجیة البحث وتصمیماته.

‌ه)   المشکلات المرتبطة بأدوات البحث وخاصة المقاییس.

‌و)     المشکلات المرتبطة بالعینة.

‌ز)     المشکلات المرتبطة بنتائج البحث وتفسیرها.

مفهوم البحث فی الخدمة الاجتماعیة:

یمکن تعریف البحث العلمی بوجه عام وفقا لبیلی Bailey D, (1998) بأنه "الدراسة المنظمة التی تعتمد على المنهج العلمی لمشکلة معینة بهدف الوصول إلى معرفة جدیدة قابلة للتعمیم على نطاق واسع" فالبحث العلمی بمعناه العام یستهدف دراسة مشکلة للوصول إلى حقائق علمیة بصددها من خلال الاعتماد على معطیات المنهج العلمی, حیث یرتبط مدى تعمیم هذه الحقائق على مدى التزام الباحث بأسس المنهج العلمی فی دراسة هذه المشکلة.  

        وإذا أردنا أن نحدد مفهوم البحث العلمی فی الخدمة الاجتماعیة الإکلینیکیة، فإننا نجد أن هناک العدید من المحاولات العلمیة من الباحثین فی الخدمة الاجتماعیة لتحدید هذا المفهوم. ومن هذه المحاولات ما قامت به مارجریت ولیم وآخرون  Margaret Williams (1997)من تعریف البحث فی الخدمة الاجتماعیة بأنه "الدراسة العلمیة للمشکلات التی تدخل فی إطار اهتمام الخدمة الاجتماعیة والتی تحتاج إلى إجابات تساهم فی بناء تعمیمات علمیة تتضمن فهم طبیعة هذه المشکلات, وکیفیة التعامل معها بواقعیة. (P.17) ولعل من أهم تعریفات البحث فی الخدمة الاجتماعیة والتی یرى المؤلف أنها ترتبط بدرجة أکبر بالبحث فی الخدمة الاجتماعیة الإکلینیکیة هو تعریف جون وودارسکی John S. Wodarski (1997) والذی یرى أن البحث فی الخدمة الاجتماعیة هو "التطبیق المخطط للمنهج العلمی فی ممارسة الخدمة الاجتماعیة من أجل التحدید الدقیق لأنواع التدخل المهنی التی یستخدمها الأخصائی الاجتماعی فی مصطلحات علمیة".

   وتعکس هذا التعریفات أهمیة البحث العلمی فی ممارسة الخدمة الاجتماعیة من خلال ترکیزه أساسا على صیاغة أسالیب خطط وبرامج التدخل المهنی للأخصائیین الاجتماعیین فی إطار علمی. ولعل استخدام البحث العلمی فی بحوث الخدمة الاجتماعیة لم یکن ولید العصر الحدیث ولکنه واکب المهنة منذ مراحل تطورها الأولى، وأسهم بدور کبیر فی تقدم الممارسة وزیادة فعالیتها. وهنا لابد أن نشیر إلى حقیقة هامة وهی أن ما یقدمه البحث العلمی من إسهامات إیجابیة لممارسة الخدمة الاجتماعیة یتوقف إلى حد کبیر على مدى قدرة الباحثین فی إنجاز أبحاث تتسم بالرصانة والدقة العلمیة والواقعیة فی عرض النتائج ومناقشتها. وفی إطار ذلک یمکن أن نوجز أهداف البحث فی الخدمة الاجتماعیة على النحو التالی:

1)    تفسیر المشکلات والاجتماعیة والسلوکیة التی یعانی منها العملاء.

2)    تقییم برامج تدخل مهنی والمشروعات القائمة على کافة المستویات

3)    اختبار برامج جدیدة للتدخل المهنی أو مشروعات جدیدة على کافة المستویات.

منهجیة البحث العلمی ومشکلاته فی بحوث الخدمة الاجتماعیة Methodology:

        بدایة لابد أن نشیر هنا إلى أننا لا نرید الدخول فی الجدل القائم حول المنهج العلمی وهل هو منهج واحد أو مناهج متعددة؟ لأننا نرید أن نضع ترکیزنا حول منهجیة البحث العلمی والتی تشکل الأساس الذی یجب أن یعتمد علیه الباحث عند قیامه بإجراء أی بحث. وهنا أحاول وضع تعریف محدد وواضح حول مفهوم منهجیة البحث یمکن الاتفاق علیه لیکون الأساس الذی یعتمد علیه مناقشاتنا فی هذه الورقة وهو:

 "مجموعة الإجراءات والقواعد المنهجیة التی یعتمد علیها الباحث عند إجراؤه لبحثه والتی تبدأ من اختیار مشکلة البحث وحتى الوصول إلى نتائجه ومناقشتها". ولعلنا نجد أن هذه القواعد والإجراءات متفق علیها فی جمیع کتب البحث العلمی سواء فی الخدمة الاجتماعیة أو فی غیرها من العلوم الأخرى، وإن اختلفت بعض هذه القواعد وفقا لطبیعة کل تخصص أو کل علم. ولعل أهم ما یمیز هذه القواعد والإجراءات ما یلی:

1)    أنها تتسم بالوضوح والاتفاق النسبی بین جمیع العلماء المهتمین بالبحث العلمی.

2)    تقوم على أسس علمیة وتجارب واقعیة.

3)    الاتساق بین جمیع عناصر بحیث تتوافق جمیع خطوات البحث بدءا من تحدید المشکلة وحتى الوصول إلى النتائج.

4)    أی خلل فی خطوة من خطوات البحث العلمی تؤثر على جودة البحث العلمی وفی مصداقیة النتائج بصفة خاصة.

العوامل المرتبطة بالمشکلات المنهجیة فی بحوث الخدمة الاجتماعیة:

        قبل البدء فی عرض أهم المشکلات المنهجیة فی بحوث الخدمة الاجتماعیة یمکن التطرق إلى العدید من العوامل التی تسهم فی ظهور هذه المشکلات فی مصر والمجتمعات العربیة ولعل أهمها:

1)  التعامل مع منهجیة بحوث الخدمة الاجتماعیة على أنها أطر نظریة تخضع لوجهات نظر الباحثین والمشرفین والعلماء، ولیس کأسس منهجیة تتسم بالاستقرار النسبی وتتطلب الاتفاق علیها، وقد یکون هناک بعض الاختلافات ولکن فی أضیق الحدود ولا یمس جوهر هذه الخطوات.

2)  عدم وجود هویة واضحة لممارسة الخدمة الاجتماعیة فی مصر والوطن العربی. فنحن نعیش فی حالة فصام علمی ومهنی لا نعرف ما إذا کنا نسیر وفقا للعالم المتقدم أو نسیر وفقا للممارسة التقلیدیة التی وجدنا آباءنا علیها عاکفین. لاحظ لوائح کلیات ومعاهد الخدمة الاجتماعیة.

3)  التعامل المحدود الأهداف مع البحث العلمی فی مصر والوطن العربی على أنه فقط وسیلة للترقیة أو الحصول على الدرجات العلمیة أو الحصول على تمویل.

4)  عدم وجود تأثیرات ملموسة لنتائج البحث العلمی فی مجالات الممارسة المتعددة فهی فقط على رفوف المکتبات یستخدمها الباحثون الآخرون کدراسات سابقة.

5)  النقل غیر الواعی لبعض الباحثین الجدد من الأبحاث السابقة واعتبارها نماذج یحتذونها وبالتالی ینقلونها بأخطائها على أنها هی الخطوات الصحیحة.

6)  المجاملات الواضحة لدى البعض عند تقییم الرسائل العلمیة أو البحوث العلمیة سواء فی المناقشات، أو فی المؤتمرات والدوریات العلمیة. وقد یتم نشرها کما هی بأخطائها التی یتبعها الباحثون الآخرون.

7)  قلة متابعة التطورات الحدیثة فی بحوث الخدمة الاجتماعیة وما یتضمنها من ضبط أکثر لمنهجیة البحث. وبدلا من ذلک یتم الاسترشاد بالکتابات القدیمة خلال حقبة السبعینیات والثمانینیات، وقد انعکس ذلک فی صورة مشکلات واضحة فی المنهجیة.

أهم المشکلات المنهجیة التی تتضمنها بحوث الخدمة الاجتماعیة وهی:

المشکلات المرتبطة بصیاغة مشکلة البحث:

        مشکلة البحث هی القضیة أو الموضوع الذی یتناوله الباحث والذی یستهدف من وراء دراسته له الوصول إلى نتائج علمیة تفید النظریة والممارسة فی الخدمة الاجتماعیة. ولعل تناول مشکلة البحث یمثل القضیة الأولى والأکثر أهمیة فی البحث العلمی نظرا لأن تحدیدها بدقة یمثل أساسا صحیحا لجمیع الخطوات المنهجیة التی یتبعها الباحث بعد ذلک. فإذا کانت طریقة اختیار المشکلة صحیح کانت الخطوات التالیة واضحة وسهلة التناول من جانب الباحث. أما إذا کانت صیاغة مشکلة البحث غیر دقیقة أو متسرعة ترتب على ذلک العدید من المشکلات المنهجیة والتی قد تقلل کثیرا من مصداقیة النتائج التی توصل إلیها الباحث. ولعل من أهم المشکلات الشائعة لصیاغة مشکلة البحث ما یلی:

1) أن یبدأ الباحث بتحدید عنوان البحث ثم یصیغ على أساسه مشکلة بحثه: کثیرا ما یأتی إلینا باحثین یسألون عن الرأی فی عنوان ما على أنه أعجبهم (کلمة غیر علمیة) وعندما تسأله کیف وصلت إلى هذا العنوان؟ تکون الإجابة واحدة عند الجمیع "آخذ الرأی أولا ثم أقوم بجمع الدراسات السابقة والکتابات عن الموضوع، أو هذا اقترح فلان لی.... وهکذا.

        وأیضا فی هذا السیاق ویأتی إلیک باحث لیسألک هل یمکن أن أستخدم نموذج تدخل کذا للتعامل مع مشکلة کذا.... وعندما تسأله لماذا اخترت هذا النموذج بالتحدید یقول أحد الزملاء أو غیرهم أو أنا یرى أنه مناسب، بل الأکثر من ذلک یأتی بأکثر من أسلوب اقترحه علیه البعض ویستفتی حوله. بالرغم من أنه لم یسأل نفسه سؤالا واحد وهو هل هذا الأسلوب مناسب لهذه المشکلة أم لا؟

        وفی الحقیقة فإن هذه مشکلة کبرى قد یجد الباحثون أنفسهم بعد ذلک حائرین عند القیام بالخطوات العملیة للدراسة لأنه لم یتبع القواعد الصحیحة فی صیاغة مشکلة البحث وبالتالی تظهر العیوب والصعوبات بعد ذلک ویصبح لیس أمامه إلا خیارین أحلاهما مر, وهو إما أن یغبر عنوان الدراسة لصعوبة دراستها, أو یستمر فیها باتباع طرق أخرى.......

        وعموما سواء کان عنوان البحث اقتراح من أحد المحیطین بالدارس أو صاغه الباحث تأثرا بواقع میدانی معین فلابد من اتباع الخطوات المنهجیة السلیمة للتعامل معها والتی یمکن توضیحها باختصار على النحو التالی:  

  • الاطلاع على الکتابات النظریة حول الموضوع الذی یرغب فی دراسته لیعرف الکثیر عنه قبل أن یبدأ فی التفکیر فی دراسته.
  • الاطلاع على الدراسات السابقة فی هذا الموضوع وتحدید أهم النتائج التی توصلت إلیها هذه الدراسات والتی على أساسها یقوم ببناء مشکلة بحته وبالتالی صیاغة العنوان
  • الاطلاع على الواقع المیدانی للتعرف على هذه المشکلة ومدى خطورتها وانتشارها ومدى توفر العینة التی یمکنه التطبیق علیها وفقا لطبیعة دراسته. وبذلک یکون قد اکتشف العدید من الجوانب التی تحیط بمشکلة بحثه، ومن ثم صیاغة العنوان بطریقة علمیة صحیحة.
  • فی حال دراسات اختبار أو تقییم برامج التدخل المهنی، فلابد أن یتأکد الباحث أن هذا النموذج أو البرنامج یتناسب مع طبیعة المشکلة التی اختارها، وأن هذا النموذج أو البرنامج ینتمی إلى نظریة علمیة وأن هذه النظریة لها القدرة على تفسیر المشکلة التی یتعامل معها ونتائج التدخل المهنی التی توصل إلیها.

2) الاختلاف حول انتماء الدراسة إلى الخدمة الاجتماعیة: تکثر هذه المشکلة فی الدراسات الوصفیة التی تحدد طبیعة العلاقات الارتباطیة بین المتغیرات. وقد تعرض الباحثین الذین یجرون هذه الدراسات إلى العدید من الأسئلة بل الانتقادات منها مثلا "ما الذی یفرق بین الدراسة التی تقوم بها کباحث فی الخدمة الاجتماعیة وبین باحث فی علم النفس أو الاجتماع أو غیره؟" وبالتالی یکون النقد أن هذه الدراسة لیست فی الخدمة الاجتماعیة. ومن أمثلة هذه الدراسات "العلاقة بین العلاقات الأسریة وانحراف المراهقین" أو "الضغوط النفسیة والاجتماعیة وعلاقتها باکتئاب المسنین"...وهکذا والحقیقة أن التعامل مع هذه المشکلة یتضمن مناقشتها فی ضوء الآتی:

  • الاتجاه الحدیث الآن فی ضوء العولمة یتضمن التداخل الواضح بین کافة العلوم حیث یعتبر التکامل بین العلوم أو ما یطلق علیه Interdisciplinary والذی لا یمنع تناول الموضوعات والمشکلات فی إطار أی تخصص ولکن وفقا لشروط معینة.
  • وفی هذا الإطار أشار کل من إیریل بابی وألین روبین Allen Rubin & Earl Babbie (2005) فی کتابهما عن البحث فی الخدمة الاجتماعیة إلى هذه المشکلة على النحو التالی: "عکست دراسة رویز Royse (1988) هذه المشکلة حیث دار تساؤل مؤداه ما هو الذی یمیز بین بحوث الخدمة الاجتماعیة وغیرها من البحوث فی العلوم الاجتماعیة الأخرى. وقد تناولت هذه الدراسة استطلاع رأی المقاطعات الأمریکیة حول دعم أو رفض زیادة الضرائب على هذه المقاطعات مقابل زیادة موارد الرعایة الاجتماعیة. وقد دار الجدل فی ذلک الوقت حول هل ما إذا کانت هذه الدراسة تنتمی إلى الخدمة الاجتماعیة أو العلوم السیاسیة؟ وبالرغم من النقاشات حول هذا الموضوع فقد تم حسم هذه القضیة من خلال تحدید ثلاثة معاییر لحسم اعتبار البحث من بحوث الخدمة الاجتماعیة أم لا حتى لو تم إجراؤه فی تخصص آخر. وهذه المعاییر هی 1) أن یکون الباحث منتمیا لأحد کلیات أو أقسام الخدمة الاجتماعیة 2) أن یکون البحث منشور فی دوریة علمیة متخصصة فی الخدمة الاجتماعیة 3) إذا کان الهدف من البحث الوصول إلى نتائج تفید النظریة والممارسة فی الخدمة الاجتماعیة (P.117) .
  • وعموما یمکن أن یقوم الباحث بإجراء مثل هذه الأبحاث والتی یمکن أن یقوم بها الباحثین فی العلوم الأخرى ولکن فی إطار ما یلی:

-   إذا کان البحث قد تم إجراؤه فی أحد التخصصات الأخرى ویمکن أن یفید النظریة والممارسة فی الخدمة الاجتماعیة فلا داعی لتکراره مرة أخرى.

-   إذا وجد الباحث أن الدراسة التی یقوم بها تدخل فی إطار الدراسات التی یمکن أن یقوم بها أی تخصص آخر ولکن لم تتوفر لدیه, أو کانت قدیمة لا تصلح نتائجها للوقت الحالی, أو أنها افتقدت إلى بعض العناصر التی تحتاجها المهنة فهنا یستطیع أن إجراءها بدون أی محاذیر.

-   المهم فی کل هذه الأمور أن یکون واضحا من صیاغة مشکلة البحث ومن أهدافه مدى الفائدة التی تعود على المهنة من إجراء هذه الدراسة نظریا وتطبیقیا وکیفیة توظیف نتائجها فی هذا الخصوص. لذلک لا یشترط التزید بکتابة کلمة الخدمة الاجتماعیة أو أی من تخصصاتها فی أی عنوان من عناوین البحوث.

3) عمومیة المفاهیم التی یتضمنها موضوع البحث: أحیانا یتضمن عنوان البحث بعض المفاهیم العامة الغیر قابلة للدراسة نظرا لعمومیتها وعدم القدرة إلى تحویلها إلى متغیرات غیر قابلة للقیاس أو الضبط والتحکم مثل ذلک "الممارسة العامة" أو "الممارسة العامة المتقدمة" أو "الممارسة المهنیة" وغیرها. ومثل هذه الموضوعات لا یمکن أن نسمیها متغیرات. فالممارسة العامة على سبیل المثال تستخدم کنمط للممارسة یستخدم مقابل للممارسة التقلیدیة لذلک لا یصلح مثلا أن نقول فعالیة خدمة الفرد أو فعالیة خدمة الجماعة أو تنظیم المجتمع أو حتى یبالغ البعض وبقول فعالیة الخدمة الاجتماعیة. وبالطبع فإن ذلک یرجع إلى حالة الازدواجیة غیر المفهومة أو الفصام الذی تعانی منها الممارسة المهنیة فی مصر والوطن العربی والتی أشرنا إلیها سابقا. لذلک لحل هذه المشکلة یمکن القول:

  • إن المفهوم لابد أن یکون محددا وواضحا فی موضوع البحث وأن یصاغ فی صورة متغیرات واضحة ومحددة ولا تتضمن متغیرات معقدة تتعدد فیها المتغیرات المتداخلة.
  • إن اختبار أی برنامج للتدخل على أی مستوى من مستویات الممارسة لابد أن یکون فی إطار نظریة علمیة أو نموذج نابع من نظریة أو حتى نموذج انتقائی مرتبط بطبیعة المشکلة التی یتعامل معها الباحث.

4) یستخدم أیضا فی الکثیر من الأبحاث مفاهیم غیر علمیة بالمرة ولا یمکن تحدیدها أو کتابتها فی صورة مفاهیم أو متغیرات مثال ذلک "نموذج مقترح" أو "دور مقترح" فکلمة مقترح suggested لیس لها أی مکان فی البحث العلمی. مثل ذلک "نموذج مقترح للتعامل مع مشکلة السلوک العدوانی لدى الأطفال. مثل هذا العنوان لا یعکس أی مضمون علمی للدراسة والغریب أن الباحثین یعتبرونها دراسة وصفیة. ونجد أن ما بداخل البحث لا یرتبط بالنموذج المقترح ولکنه البحث کله یتناول المشکلة. ویأتی النموذج المقترح فی النهایة نظریا ولیس له علاقة بالموضوع ویمکن کتابته بدون إجراء الدراسة. وإذا أراد الباحث الوصول إلى نموذج للتعامل مع مشکلة معینة فیمکنه القیام بالتالی:

  • یمکن أن یکون العنوان "بناء نموذج للتدخل المهنی للتعامل مع مشکلة السلوک العدوانی لدى الأطفال"
  • فی هذه الحالة یقوم الباحث بدراسة مشکلة السلوک العدوانی جیدا لنوعیة الأطفال التی یحددها، وأسباب المشکلة والمساهمین فی حدوثها والآثار المترتبة علیها.
  • یقوم باختیار نموذج التدخل المهنی المناسب فی ضوء النتائج التی توصل إلیها من خلال مصفوفة المشکلات سواء کان ینتمی هذا النموذج إلى نظریة معینة أو نموذج انتقائی.
  • یقوم بتجربة هذا النموذج على عینة محدودة من الأطفال العدوانیین. وهذا الدراسات تسمى قبل التجریبیة لیس الهدف منها اختبار فعالیة البرنامج ولکن اختبار کفاءته. أی ضبطه وتحدید جوانب القوى والقصور فیه بحیث یکون صالحا لاختباره بعد ذلک فی دراسات تالیة سواء بواسطة الباحث أو بواسطة باحثون آخرون.

المشکلات المرتبطة بصیاغة المتغیرات والمفاهیم وأهداف البحث:

        بالتأکید یرتبط جزء کبیر من مشکلات صیاغة المفاهیم وتحویلها إلى متغیرات یسهل قیاسها بما ذکرناه فی الجزء الخاص بصیاغة مشکلة البحث ولکن یمکن الترکیز هنا على مشکلتین على قدر من الأهمیة فی صیاغة مفاهیم البحث:

1) الاسراف فی تعریف المفاهیم من المعاجم اللغویة وخاصة العربیة: ونجد مثل هذه المشکلة ومتکررة فی کثیر من الدراسات والبحوث بشکل واضح. فیبدأ الباحث فی عرض معنى المفهوم من قاموس المصباح المنیر أو مختار الصحاح ویسرف فی معانیها المختلفة وفی تصریفاتها وکأنه فی دراسة لموضوع باللغة العربیة. وفی الحقیقة یعتبر ذلک نوعا من التزید والمبالغة وخاصة إن کان المفهوم الذی یتناوله الباحث له أصوله العلمیة ومعروف لکل المتخصصین فی العلم فمثلا نجد من یعرف الاکتئاب أو العلاقة المهنیة أو العلاج أو المجتمع وغیرها بالرغم أنه لیس المطلوب منه ذلک ولکن یمکن التعامل مع هذه المشکلة کالتالی:

  • إذا کان المفهوم له أصوله العلمیة وسبق استخدامه فی الکثیر من الکتابات العلمیة أو الدراسات والبحوث فهنا لا داعی لاستخدام المعاجم اللغویة ولکن یمکن استخدام المعاجم العلمیة التی تقدم تعریفات لمفاهیم ولیس مفردات لکلمات.
  • إذا کان المفهوم حدیث وغیر متواتر فی الکتابات والدراسات العلمیة فیمکن فی هذه الحالة استخدام بعض المعاجم اللغویة للتدلیل على معناه اللغوی فی أکثر من لغة ثم الانتقال إلى تحدید معناه العلمی.

2) مشکلة التعریف الاجرائی للمفاهیم: بدایة قد یخطئ البعض ویقول المفهوم الاجرائی وهذا تعبیر غیر علمی ولکن التعبیر الصحیح هو التعریف الاجرائی للمفهوم. المهم تعتبر هذه المشکلة من أخطر الأخطاء التی یقع فیها الباحثون وهی أن التعریف الاجرائی للمفهوم هو تحلیل المفهوم فی شکل خطوات. وهذا خطأ شائع عند بعض الباحثین على کافة المستویات. کذلک یقوم بعض الباحثین بتعریف المفاهیم التی لا تتطلب تعریف إجرائی بوضع تعریف إجرائی لها-من وجهة نظرهم طبعا-کوضع تعریف إجرائی للمتغیر المستقل.

3) یخلط بعض الباحثین بین أهداف البحث وأهداف التدخل المهنی فی الدراسات القائمة على التجریب. فأهداف البحث معروفة ومحددة وأهمها فی هذه الدراسات هو "اختبار فعالیة برنامج التدخل المهنی المستخدم فی التعامل مع مشکلة معینة. إلا أن بعض الباحثین یکتب مثلا أن من أهداف البحث "مساعدة الطلاب على زیادة تحصیلهم الدراسی" أو "مساعدة الوالدین على تحسین أسالیب معاملتهم للأبناء". کل هذه تعتبر أهداف للتدخل المهنی ولیست أهداف للبحث.

لذلک یجب الوضع فی الاعتبار ما یلی للتعامل مع هذه المشکلة:

  • لابد أولا من فهم أن التعریف الاجرائی للمفهوم هو تحویل المفهوم إلى متغیر قابل للقیاس من خلال أداة قیاس منضبطة.
  • لا یتم تعریف المفاهیم إجرائیا إلا المفاهیم التی تمثل المتغیرات التابعة أو التی بینها علاقة نرید الکشف عنها من خلال الدراسة.
  • هناک مفاهیم لا یجب وضع تعریفات لها لا نظریة ولا إجرائیة مثل الأسرة-الأطفال-المسنین-الأحداث......الخ. لأن مثل هذه المفاهیم لا تمثل أی متغیرات للدراسة بقدر ما تمثله من مجتمع للبحث أو إطار للمعاینة یختار منه الباحث عینة بحثه.

مشکلات صیاغة فروض البحث:

        الفروض هی عبارة عن "تخمینات علمیة لما نتوقع حدوثه ولیس لما هو قائم بالفعل. أو هی صیاغة محددة تتضمن علاقة (سببیة-وظیفیة) بین متغیرین، حیث یقوم الباحث بصیاغة فروضه بناء على إطار نظری ودراسات سابقة". وبالرغم من أهمیة الفروض فی بحوث الخدمة الاجتماعیة سواء کانت وصفیة أو تجریبیة إلا أن هناک العدید من المشکلات المنهجیة التی تؤثر نعلى کفاءة بناء الفروض وبالتالی اختبارها. ومن أهم هذه المشکلات:

1ن) استخدام التساؤلات فی الکثیر من الدراسات تضعف من قیمتها، وخاصة أن التساؤلات تتضمن متغیرا واحدا وهذا لا یتناسب مع نوع الدراسات الوصفیة والتجریبیة والتی تستهدف کل منهما اختبار العلاقة بین متغیرین أو أکثر. مثال ذلک "ما الأسباب النفسیة لمشکلة البطالة؟ أو ما العوامل التی تساهم فی تغیب الطلاب عن الدراسة؟ بالطبع مثل هذه التساؤلات لا تعکس أی علاقة بین متغیرات. وعادة ما تستخدم التساؤلات فی الدراسات الکشفیة أو الاستطلاعیة التی لا تتوفر فیها الدراسات السابقة أو البیانات الکافیة.

2) صیاغة الفروض فی الدراسات التجریبیة مثل صیاغتها فی الدراسات الوصفیة. فإذا قلنا مثلا أن صیاغة فرض ما فی دراسة وصفیة مثلا یتضمن "توجد علاقة إیجابیة دالة إحصائیا بین مستوى الذکاء وبین التحصیل الدراسی للطلاب. فهذا فرض جید لأنه یتضمن متغیرین یتم قیاسهما أو حسابهما , وأنه کلما زاد أحدهما زاد الآخر. أی یتم قیاس کلا المتغیرین. أما الصیاغة غیر المناسبة فی الدراسة التجریبیة أن یقول الباحث مثلا "توجد علاقة إیجابیة دالة احصائیا بین استخدام نموذج سلوکی وزیادة معدل العلاقات الاجتماعیة بین الأطفال" فهذه الصیاغة تتطلب أن یقوم الباحث بقیاس المتغیرین النموذج السلوکی والعلاقات الاجتماعیة بین الأطفال. وهذا بالطبع لا یحدث لأن المتغیر المستقل وهو النموذج السلوکی لا یتم قیاسه. والمتغیر الذی یتم قیاسه فقط هو المتغیر التابع.

3) أحیانا ما یخلط الباحثون بین الفروض البحثیة والفروض الإحصائیة. فالفرض البحث یتم صیاغته فی ضوء اتجاه البحث أو ما یرغب الباحث أن یختبره مثال ذلک "یؤدی النموذج السلوکی إلى زیادة العلاقات الاجتماعیة لدى الأطفال" وقد یفضل البعض أن یسبق هذا الفرض کلمات احتمالیة مثل "من المتوقع" أو "من المحتمل" وما شابه ذلک. أما الفرض الاحصائی فهو صیاغة الفرض بناء على النتائج الإحصائیة التی یتم الوصول إلیها نتیجة استخدام المعاملات الإحصائیة التی تتناسب مع نوعیة البیانات التی تم الوصول إلیها أو بناء على الهدف من البحث (اختبار علاقة سببیة-وظیفیة) ومن امثلة ذلک "توجد فروق دالة إحصائیا بین متوسط درجات المجموعة التجریبیة ومتوسط درجات المجموعة الضابطة على مقیاس.....لصالح المجموعة التجریبیة"

4) یبدو أحیانا وجود سوء استخدام لدى بعض الباحثین لما یسمى بالفروض الصفریة نتیجة فهم خاطئ للهدف من هذه الفروض. فالفرض الصفری هو فرض إحصائی یتکون من فرضین أحدهما یطلق علیه فرض العدم (لا توجد فروق....) والآخر یطلق علیه الفرض البدیل (توجد فروق......) وفی حالة رفض فرض العدم یقبل الفرض البدیل والعکس. وتکمن المشکلة هنا أن بعض الباحثین یعتقد أن استخدام الفرض الصفری هو بهدف عدم تحیز لنتیجة ما یرغبها الباحث. وهذا بالضرورة اعتقاد خاطئ تماما. لأن الذی یستطیع رفض فرض ما یستطیع أی تبریر قبول فرض آخر وبالتالی لا علاقة بالموضوعیة أو عدم التحیز هنا.

        وعموما للتعامل مع مشکلات الفروض یجب أن یتبع الباحث ما یلی:

  • ألا تستخدم التساؤلات فی الدراسات الوصفیة إلا فی أضیق الحدود ولابد أن تصاحبها فروض تجمع علاقة بین متغیرات.
  • أن تکون المتغیرات التی یتضمنها الفرض واضحة جدا وقابلة للقیاس فی ضوء الأدوات المتاحة فی البحث.
  • یستطیع الباحث أن یستخدم الفروض البحثیة والفروض الإحصائیة معا أو استخدام أحدهما. ولکن إذا استخدم الفروض البحثیة فیجب أن یحدد کیفیة قیاس المتغیرات التابعة والمعاملات الإحصائیة المناسبة لها.
  • لا یستخدم کلمة علاقة فی الفروض التجریبیة ولکن تعکس الفروض مدى تأثیر المتغیر المستقل فی المتغیر التابع.

المشکلات المرتبطة باختیار منهجیة البحث وتصمیماته.

        أو ما یطلق علیها طریقة البحث وأطلق علیها عبد الحلیم رضا عبد العال استراتیجیات البحث. ولعلنا نرکز هنا على أنها نوعین من الطرق أو المناهج وهی الطرق غیر التجریبیة وهی الدراسات التی تختبر علاقات وظیفیة بین متغیرین، حیث أن وجودهما معا لا یعنی أن أحدهما سببا فی الآخر ولکن یوجدان معا فی وقت واحد. مثال ذلک العلاقة بین المستوى التعلیمی والبطالة. حیث یقال هنا أن هناکما یسمى بالمتغیرات الثالثة التی یمکن أن تؤثر على الاثنین معا. أما النوع الثانی فهو الطرق التجریبیة والتی تستهدف اختبار العلاقة السببیة بین متغیرین أحدهما مستقل (مؤثر) والآخر تابع (متأثر) وهذه الطرق تتضمن ثلاثة مستویات رئیسیة هی الدراسات قبل التجریبیة والدراسات شبه التجریبیة والدراسات التجریبیة الحقیقیة. وبالرغم من سهولة ووضوح هذه الطرق إلا أن هناک العدید من المشکلات التی ترتبط بها:

1) الاعتقاد الخاطئ لدى البعض أن طبیعة العلوم الاجتماعیة لا تسمح باستخدام الباحثین للدراسات التجریبیة الحقیقیة لأن العلوم الاجتماعیة تتسم بالتغیر وعدم القدرة على الضبط. ویؤدی هذا الاعتقاد الخاطئ إلى الحرمان من الاستفادة من طریقة هامة جدا تحتاجها الخدمة الاجتماعیة لتصمیم برامج التدخل المهنی والتحقق من صدق النتائج.

        صحیح أن العلوم الاجتماعیة ومنها الخدمة الاجتماعیة أقل دقة وقدرة على التحکم فی المتغیرات الدخیلة مقارنة بالعلوم الطبیعیة، إلا أن علماء البحث فی العلوم الاجتماعیة بصفة عامة والخدمة الاجتماعیة خاصة لم یجعلوا هذه الخاصیة سببا فی الحرمان من هذه الطریقة التجریبیة الأکثر أهمیة لذلک اشترطوا أن یتوفر شرطین رئیسیین لقیام الباحثین فی الخدمة الاجتماعیة لاستخدام الدراسات التجریبیة وهما القدرة على تحیید المتغیرات الدخیلة (ولیس التحکم فیها) وهذا لن یتم إلا من خلال الشرط الثانی وهو العشوائیة (الاختیار العشوائی والتوزیع العشوائی) . أما إذا لم یستطع الباحث ذلک فعلیة بالطرق شبه التجریبیة.

2) یرتبط بالنقطة السابقة اختیار التصمیم التجریبی المناسب. فنجد أن بعض الباحثین مثلا یحدد نوع دراساته بأنها تجریبیة ثم یستخدم تصمیمات لا تتناسب معها تماما مثل التجربة القبلیة البعدیة لجماعة تجریبیة واحدة أو تصمیم دراسة الحالة الواحدة. وهذا بالضرورة لا یتناسب مع الدراسات التجریبیة الحقیقیة التی تتطلب على الأقل استخدام مجموعتین إحداهما تجریبیة والأخرى ضابطة بناء على معاییر العشوائیة السابق الإشارة إلیها.

        وبناء على ذلک یمکن التعامل مع هذه المشکلات على النحو التالی:

  • من حق الباحث أن یختار طریقة التجریب التی تتناسب مع دراسته طالما توافرت فیها الشروط الضروریة. فإذا کان یریدها دراسة تجریبیة فلابد أن یتوفر مجتمع بحث کبیر ومتجانس یتم اختیار عینه منه بطریقة عشوائیة، حیث یقوم بتوزیعها عشوائیا إلى مجموعتین إحداهما تجریبیة والأخرى ضابطة على الأقل.
  • لابد من انتقاء التصمیمات التجریبیة التی تتناسب مع کل نوع أو طریقة من طرق الدراسة، فالتجربة الحقیقیة کما ذکرنا تتطلب جماعات تجریبیة وجماعات ضابطة، أما الدراسة شبه التجریبیة فتتطلب أی نوع من التصمیمات، ولکن إذا استخدم جماعتین فأحدهما تکون جماعة تجریبیة والأخرى جماعة متکافئة Equivalent ولیست ضابطة. ویعتبر تصمیم تجربة الحالة الواحدة أو ما یطلق علیها النسق المفرد من أهم التصمیمات التی تستخدم فی الدراسات شبه التجریبیة. أما الدراسات قبل التجریبیة فتستخدم فی بناء النماذج ولیس الهدف منها کما ذکرنا سابقا التحقق من فعالیة البرامج أو النماذج، ولکن التحقق من کفاءتها وقابلیة للتطبیق، لکی تکون صالحة للاختبار فی دراسات أخرى.  

المشکلات المرتبطة بأدوات البحث وخاصة المقاییس.

        الأدوات هی وسائل جمع البیانات التی یستخدمها الباحثین فی دراساتهم ومنها المقاییس والملاحظات العلمیة والاستبیانات والمقابلات المقننة وغیرها. غیر أن أکثر الأدوات المثیرة للجدل هی استخدام الباحثین للمقاییس العلمیة وذلک من خلال تصمیمها وتطبیقها فی بحوثهم العلمیة مما یوجد العدید من المشکلات لعل أهمها:

1) عدم قدرة الباحثین فی الخدمة الاجتماعیة على تصمیم المقاییس نظرا لضعف إعدادهم العلمی فی هذا المجال حیث لم یدرسونها فی جمیع مراحل دراستهم الأکادیمیة بالدرجة التی تساعدهم على تصمیمها.

2) الطریقة التی یتم بها تصمیم المقاییس بواسطة الباحثین فی الخدمة الاجتماعیة تتسم بالضعف المنهجی سواء من خلال تکوین أبعاد وبنود المقاییس والتی تقتصر فی معظم الأحیان على تجمیع عبارات من مقاییس سابقة تتسم بسوء الصیاغة وعدم الارتباط بواقع الموضوع الذی یدرسونه.

3) الاعتماد على طرق سطحیة لحساب صدق وثبات المقاییس مثل صدق المحکمین وما یسمى بالصدق الاحصائی دون الدخول فی أسالیب علمیة عمیقة لحساب صدق المقاییس مثل الصدق التجریبی والتحلیل العاملی وصدق المحک وغیرها. کما أن العینات التی یتم تطبیق الصدق والثبات علیها تعتبر عینات صغیرة جدا لا یمکن من خلالها التحقق من صدق المقاییس بطریقة موضوعیة ودالة.

4) یستخدم بعض الباحثین أسالیب غریبة لتحلیل نتائج المقاییس فی البحث العلمی حیث یلجأ بعضهم إلى تحلیل النسب المئویة لکل عبارة أو استخدام ما یسمى الوزن العاملی المرجح لکل عبارة متجاهلین فکرة أن کل بعد یتکون من مجموعة من البنود أو العبارات التی تعتبر مؤشرات تحدد فی النهایة مدى وجود البعد أو مدى حدته.

5) الاعتماد على الدرجات الخام فی تحلیل نتائج المقاییس وعدم تحویلها إلى درجات معیاریة أو درجات مئینیة.

6) غالبا ما یکتب الباحثین فی أدوات البحث أدوات لا یمکن استخدامها ولا تعتبر أدوات أصلا. مثال ذلک "المقابلة" وهنا المقابلة أداة للتدخل المهنی ولیست أداة للبحث إلا إذا استخدم الباحث المقابلة المقننة أو المقابلة شبه المقننة وکان لها تحلیل للنتائج فی الجزء العملی.

7) یکتب الباحث الملاحظة کأداة دون أی إشارة لها فی النتائج، حیث ى یجب اعتبار المقابلة أداة إلا إذا کانت عبارة عن دلیل ملاحظة وترتبط باختبار الفروض ویتم تصمیمها وفقا لطریقة تصمیم المقیاس.

        وللتعامل مع هذه المشکلات یجب الوضع فی الاعتبار ما یلی:

  • أن تهتم کلیات الخدمة الاجتماعیة بدءا من مرحلة البکالوریوس وما یلیها من مراحل بتدریس المقاییس بعمق وتدریب الطلاب على تصمیمها وتطبیقها.
  • ألا یسمح لأی طالب فی مرحلة الماجستیر بتصمیم أی مقیاس على الاطلاق، أما بالنسبة لطلاب الدکتوراه فیمکن أن یتم ذلک فی أضیق الحدود وبعد التدریب على تصمیم المقاییس من جهات علمیة متخصصة.
  • أن یتبع الباحثین الخطوات العلمیة فی تطبیق المقاییس التی یستخدمونها بناء على دلیل کل مقیاس حتى وإن بلغ الأمر الاتصال بالشخص الذی صمم المقیاس للاستفسار عن بعض النقاط الهامة فی هذا الدلیل.

المشکلات المرتبطة بالعینة:

        هی المفردات التی یعتمد علیها الباحث فی جمع بیانات بحثه والتی تمثل قطاع عریض من مجتمع بهدف تعمیم النتائج علیه. وبذلک تشمل المصطلحات الخاصة بالعینة کلمن مجتمع البحث وإطار المعاینة أو إطار العینة والعینة سواء کانت احتمالیة (عشوائیة) أو غیر احتمالیة. وتنبع أهمیة العینة من کونها یتحدد على أساسها نوع الدراسة والطریقة أو المنهج المستخدم، بل ومدى صدق النتائج التی یتم الوصول إلیها وقدرتها على التعمیم فی ضوء حجم العینة وطریقة اختیارها. وهناک العدید من المشکلات المنهجیة المرتبطة بالعینة أهمها:

1) تحدید بعض الباحثین لحجم العینة دون الاعتماد على أساس علمی أو تحدید السبب فی اختیار هذا العدد. فعادة ما نجد أن عدد 10 حالات هو العدد الأکثر شیوعا فی بحوث خدمة الفرد مع العلم أن هناک معادلات إحصائیة تساعد فی حساب حجم العینة.

2) أحیانا یستخدم بعض الباحثین عینات صغیرة الحجم فی دراساتهم الوصفیة والتی من المفترض أنها تعتمد على عینات کبیرة نسبیا حتى یمکن الاستفادة من نتائجها على نطاق واسع وعلى مجتمع أکبر.

3) اختیار بعض الباحثین للعینات غیر الاحتمالیة أو العمدیة فی دراساتهم والتی قد تؤدی إلى صعوبة تعمیم النتائج. 

4) أحیانا ما یقوم بعض الباحثین بتوضیح خصائص العینات التی یستخدمونها سواء فی الدراسات الوصفیة أو الدراسات التجریبیة. بالرغم من أن الدراسات التجریبیة لا تحتاج إلى خصائص العینة بقدر احتیاجها إلى مدى تجانس الجماعات التی تقسم إلیها العینة.

5) تعتبر هذه من أکثر المشکلات التی یعانی منها طلاب الماجستیر والدکتوراه، حیث أنهم لا یهتمون بتوفر العینة التی سوف یطبقون علیها بعد تسجیل دراستهم. وبعد التسجیل یفاجئون بعدم توفرها مما یجعلهم یلجئون إلى أسالیب مشروعة أو غیر مشروعة لحل هذه المشکلة.

        وللتعامل مع هذه المشکلات لابد أن یراعی الباحثون ما یلی:

  • التأکد من توفر العینة المناسبة لبحثهم فی ضوء مجتمع البحث.
  • استخدام المعاملات الإحصائیة والقوانین التی تسمح بتحدید حجم عینة البحث.
  • أن یقوم الباحث بتحدید خصائص العینة فی البحوث الوصفیة مع الترکیز فقط على الخصائص التی تساعده فی الوصول إلى بعض العلاقات بین هذه الخصائص وبین بعض متغیرات البحث.
  • فی حالة الدراسات التجریبیة وخاصة التی تتضمن أکثر من جماعة علیه أن یحسب التجانس بین الجماعات فیما یتعلق بالمتغیرات التی یرید تحییدها.

المشکلات المرتبطة بنتائج البحث وتفسیرها:

        النتائج هی المستهدف من إجراء الدراسة أو البحث والتی من خلالها یتم التحقق مدى صدق الفروض من عدمه. وهنا تتضمن النتائج نوعین أساسیین الأول النتائج الإحصائیة والتی تتضمن جداول ومعاملات اختبار الفروض، والنوع الثانی هو التحلیل الکیفی للنتائج الإحصائیة ومناقشتها فی ضوء الدراسات السابقة والإطار النظری والخبرة المیدانیة. وهناک العدید من المشکلات المرتبطة بصیاغة النتائج ومنها:

1) المبالغة أحیانا کثیرة فی استخدام الجداول والمعاملات الإحصائیة بدرجة تشتت انتباه القارئ لأنها قد تبعد عن فروض الدراسة. ویرجع ذلک فی کثیر من الأحیان إلى عدم المعرفة الکافیة للباحثین بالعملیات الإحصائیة وکیفیة استخدامها وبالتالی یعتمدون على بعض محترفی الإحصاء الذین یزیدون من المعاملات الإحصائیة بغرض الربح.

2) یقوم بعض الباحثین باعتبار تجانس العینة من النتائج بل ویضعون فرضا مرتبط بعدم وجود فروق بین المجموعة التجریبیة والمجموعة الضابطة فی بعض المتغیرات. وهذا خطأ لأنه لو ثبت عدم قبول هذا الفرض لرفضت نتائج الدراسة من بدایتها.

3) یعتقد بعض الباحثین أن نتائج الدراسة لابد أن تنتهی بقبول جمیع الفروض وإلا کانت دراسته فاشلة. ویعتبر ذلک أمرا فی غایة الخطورة لأن معناه أن الباحث یسعى بکل الطرق إلى قبول فروضه مما یشکک فی صدق هذه النتائج. ولابد أن یعرف الباحث أن الوصول إلى عدم مقبول الفروض یضیف جدیدا تماما مثل الوصول إلى قبول الفروض.

4) یعتبر بعض الباحثین أن مجرد مناقشة النتائج فی ضوء الدراسات السابقة هو المطلوب فقط وهذا غیر صحیح. فبالرغم من أهمیة مناقشة النتائج فی ضوء الدراسات السابقة إلا أنها لیست کل شیء. فیجب أن یوضح الباحث سبب اتفاق أو اختلاف بنتائج دراسته مع نتائج الدراسات الأخرى. وکذلک لابد أن یفسر سبب نجاح البرنامج مع بعض الحالات وعدم نجاحه مع حالات أخرى، وکذلک أهم الصعوبات التی واجهت الباحث عند تطبیقه للبرنامج والوصول إلى النتائج التی توصل إلیها.

        وفی ضوء ما سبق یمکن التعامل مع المشکلات السابقة کالتالی:

  • اختیار المعاملات الإحصائیة المناسبة لاختبار فروض البحث وهذا لا یتأتى إلا من خلال الدراسة العلمیة الجیدة والحصول على الدورات التدریبیة فی مجال الإحصاء. فهی لیست کل شیء فی البحث ولکن عامل مساعد فی اختبار الفروض.
  • تجانس العینة فی الدراسات التجریبیة یوضع فی الجزء الخاص بالعینة ولا یخصص له فروض.
  • الحیادیة والأمانة العلمیة وصیاغة نتائج البحث وفقا لما تشیر إلیه النتائج ولیس بالالتواء أو اصطناع نتائج تؤدی إلى قبول الفروض. فالجدید فی البحث یأتی من الرفض ومن القبول.
  • مناقشة النتائج لابد أن تکون عامة وشاملة وتعکس التحلیل الکیفی لها. لذلک یجب أن یحدد الباحث أسباب الوصول إلى أی نتیجة وأسباب عدم الوصول وکذلک أسباب الاختلاف مع الدراسات السابقة أو حتى الاتفاق معها.

مشکلات التوثیق والمراجع:

        تعتبر مشکلات توثیق المراجع والکتب والأبحاث العلمیة سواء کانت مقالات علمیة أو رسائل ماجستیر ودکتوراه من أکثر المشکلات التی یقع فیها الباحثون فی الخدمة الاجتماعیة. ولعل ما یزید من خطورة هذه المشکلات ارتباطها الوثیق بالأمانة العلمیة التی ترتبط ارتباطا مباشرا بأخلاقیات البحث العلمی وتفقد نتائجه مصداقیتها وبالتالی تفقد أهمیتها فی مجال النظریة والممارسة فی الخدمة الاجتماعیة.

        ونظرا لوجود مقالة للمؤلف بعنوان "البحث العلمی بین التزییف والأمانة العلمیة، طرق التوثیق باستخدام نظام APA" فإننی أکتفی فی هذه المقالة بتوضیح بعض الأخطاء الشائعة فی التوثیق العلمی فی الکتابات والبحوث العلمیة فی الخدمة الاجتماعیة والتی تؤثر کثیرا على مصداقیة النتائج والتی قسمتها فی المقال السابق إلى نوعین من الأخطاء وهی الأخطاء حسنة النیة والأخطاء سیئة النیة. والتی یمکن توضیح بعضها على النحو التالی:

  1. أحیانا یقتبس الباحث من کتاب ما جزء یتضمن مجموعة من النقاط موضوعة فی شکل رقمی (1-2-3) ثم یأتی بنهایة النقطة الأخیرة ویضع توثیق المرجع. وهذا بالطبع خطأ kفی التوثیق ذلک لأن توثیق المرجع موجود بعد النقطة الخامسة مثلا یعنی أن هذه النقطة فقط مأخوذة من هذا المرجع فقط، فأین توثیق النقاط السابقة؟!
  2. أحیانا ینسب الباحث تعریف أو وجهة نظر معینه لصاحب الکتاب المأخوذة منه بالرغم أن صاحب الکتاب نفسه وثقها إلى مؤلف آخر. مثال ذلک "عرف سلیم شعبان التخطیط على أنه.........." بالرغم أن سلیم شعبان وثق هذا التعریف فی کتابه على أنه من "ریاض حمزاوی مثلا".... وهکذا.
  3. أحیانا یستسهل الباحث الرجوع إلى الدراسات السابقة العربیة من بحث قریب من موضوع بحثه ویأخذ دراسة أو أکثر منها ویضعها فی بحثه ویوثقها إلى الدراسة الأصلیة دون الرجوع إلیها. وهنا قد یعتقد الباحث أن الأخذ من الرسائل العربیة لیس مشکلة لأنها فی المتناول ولن یتهمه أحد بالسرقة لأن الدراسة الأساسیة أصلا موجودة وهذا یعتبر اختصارا للوقت. بالرغم من أن ذلک یعتبر مخالف لأخلاقیات البحث العلمی وکذلک خطأ منهجی لأن کل باحث یأخذ من الدراسة السابقة ما یخدم الهدف من بحثه، والأهداف تختلف من بحث إلى آخر. ویدخل فی ذلک البیانات الإحصائیة التی یأخذها الباحث من دراسة معینة ثم ینسبها إلى المصدر الرئیسی.
  4. یقوم بعض الباحثین بتلخیص أکثر من صفحة فی کتاب ویضعونها فی بحثهم فی فقرة واحدة وهذا أمر جید وجائز. ولکن المشکلة أنه یقوم بتوثیق الصفحة الأولى من الکتاب فقط أی (ص.5) مثلا بالرغم أن هذا الجزء ملخص الصفحة 5 إلى الصفحة 10. 
  5. یقوم الباحث أحیانا باقتباس أکثر من فقرة من کتاب ولیکن فقرتین منفصلتین مثلا ثم یقوم بوضع توثیق الکتاب فی نهایة الفقرة الثانیة. وهذا خطأ لأن المفترض أن هذا التوثیق خاص بالفقرة الثانیة فقط ولیست الأولى. وبذلک یمکن اعتبار أن الفقرة الأولى مسروقة من الکتاب ولیست موثقة.
  6. وارتباطا بالنقطة السابقة نجد بعض الباحثین یوثقون فقرة أو جزء من کتاب معین ثم تأتی فقرات أو أجزاء کبیرة بدون توثیق ثم تأتی بعد ذلک فقرة موثقة بکتاب آخر. هنا نجد جزء کبیر لا نعرف ما إذا کان یمثل رأی الباحث أو مأخوذ من کتاب آخر. 
  7. یعتقد بعض الباحثین خطأ أن وضع توثیق المرجع بعد أی جزء هو نهایة لفقرة وبالتالی یجب البدء بفقرة جدیدة. لذلک نلاحظ أنه فی بعض الأبحاث فقرات تتکون من سطر ونصف أو سطرین فقط وهذا بالطبع خطأ.
  8. أحیانا یخلط الباحثین أو الکتاب بین وجهات نظرهم والأجزاء المقتبسة من الکتب التی اعتمدوا علیها. فمثلا نرى أن الباحث اکتسب جزءا من کتاب ثم یتبعه بجزء یقول فیه "ویرى الباحث أن......) ثم فی النهایة یوثق للکتاب الذی اقتبس منه ظنا منه أن کلمة "ویرى الباحث" تعنیه هو، وهذا بالطبع خطأ لأنها فی الوقع جاءت قبل التوثیق أی تعنی صاحب الکتاب ولیس الباحث.
  9. أحیانا یستخدم الباحثین أکثر من طریقة للتوثیق داخل البحث مما یثیر الشکوک فیهم بالرغم من أنهم أمناء فی التوثیق ولکنهم یعتبرون ذلک أمرا عادیا.
  1. فی کثیر من الأحیان یلجأ بعض الباحثین إلى المنتدیات على الشبکة الدولیة للمعلومات (انترنت) ویقتبسون من مقالات موجودة علیها. ومثل هذه المقالات غیر علمیة وإنما هی عرض لوجهات نظر تتعامل مع العامة ولیس المتخصصین. والأکثر خطورة أن الباحث یوثقها بطریقة www.google.com فهناک طریقة للاقتباس والتوثیق على النت یجب اتباعها.
  2. توثیق الجوانب النظریة فی البحوث من بحوث سابقة أو رسائل ماجستیر ودکتوراه. وبالطبع فإن ذلک خطأ. لأن توثیق الکتابات النظریة فی الجزء النظری من البحث یکون من الکتب والمراجع العلمیة ولیس من الرسائل والبحوث العلمیة.
  3. التوثیق من المذکرات الدراسیة. والمقصود بالمذکرات الدراسیة -حتى وإن کانت فی شکل کتب-بأنها غیر المنشورة بدور نشر معروفة ومعترف بها. ذلک لأن مثل هذه المذکرات تمثل تبسیط للمعلومات یقدم لطلاب المراحل الجامعیة الأولى لا تصلح للدراسات العلمیة التی تتضمن التعمق.
  4. هذا بالإضافة إلى مشکلات عدم الأمانة العلمیة والتی تم التنویه عنها بشکل واضح فی المقال المشار إلیه سابقا.

 

المراجع المستخدمة:

عبد الحلیم رضا عبد العال (1993) البحث فی الخدمة الاجتماعیة، القاهرة، دار الحکیم للطباعة (غیر منشور).

هشام عبد المجید (2006) البحث فی الخدمة الاجتماعیة الاکلینیکیة، القاهرة، مکتبة الأنجلو المصریة.

Babbie E,(2001) Thee Practice of Social Research, United States, Wadsworth/ Thomson Learning.

Baker T, (1999) Doing Social Research Boston, McGraw- Hill, 3rd ed.

Bailey D, (1998) Methods of Social Research, 3rd ed, New York, Free Hepworth D, (2013) Direct Social Work Practice, New York, Brooks/ Cole Publishing Company Press.

Nugent R William, "Probability and Sampling", In Thyer A, Bruce, (Edit) (2001), Social Work Research Methods, London, Sage Publishing.

Rubin A, Babbie E, (2001) Research Methods for Social Work, United States, Wadsworth/ Thomson Learning.

Williams M, et al, (1997) Research in Social Work, New York, F.E Peacock Publishers, Inc.

Wodarski S. John, (Edit) (1998) Research Methods for Clinical Social Work, N.Y, Springer Publishing Company, Inc.

المراجع المستخدمة:
عبد الحلیم رضا عبد العال (1993) البحث فی الخدمة الاجتماعیة، القاهرة، دار الحکیم للطباعة (غیر منشور).
هشام عبد المجید (2006) البحث فی الخدمة الاجتماعیة الاکلینیکیة، القاهرة، مکتبة الأنجلو المصریة.
Babbie E,(2001) Thee Practice of Social Research, United States, Wadsworth/ Thomson Learning.
Baker T, (1999) Doing Social Research Boston, McGraw- Hill, 3rd ed.
Bailey D, (1998) Methods of Social Research, 3rd ed, New York, Free Hepworth D, (2013) Direct Social Work Practice, New York, Brooks/ Cole Publishing Company Press.
Nugent R William, "Probability and Sampling", In Thyer A, Bruce, (Edit) (2001), Social Work Research Methods, London, Sage Publishing.
Rubin A, Babbie E, (2001) Research Methods for Social Work, United States, Wadsworth/ Thomson Learning.
Williams M, et al, (1997) Research in Social Work, New York, F.E Peacock Publishers, Inc.
Wodarski S. John, (Edit) (1998) Research Methods for Clinical Social Work, N.Y, Springer Publishing Company, Inc.