تکنولوجيا الاتصالات والمعلومات من أجل التنمية ببلدان العالم النامي في ظل العولمة رؤية تحليلية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ التنمية والتخطيط کلية الخدمة الاجتماعية جامعة الفيوم

المستخلص

        تتعلق هذه الورقة البحثية بمناقشة قضية شائکة عن تکنولوجيا الاتصالات والمعلومات وکيفية الاستفادة منهما في عمليات التنمية الجارية، على أن هذا الاستغلال ليس وليد اللحظة فهو قديم قدم برامج التنمية ذاتها. فقط مع مطلع سنة 2000، وبالتعاون بين مجموعة الثمانية والأمم المتحدة دشَّنت فکرة الربط بين تکنولوجيا الاتصالات والمعلومات وبين برامج التنمية بصورة واضحة مع التأکيد على أن الأولوية لهذا الربط عند التطرُّق لقضية استخدامات تلک التکنولوجيا.
        ورغم أن هذه الورقة، کُتبت بالنظر للمستقبل القريب، إلا أنها تبدأ بدراسة الخلفيات التاريخية لهذا الموضوع والتطرُّق لبعض المبادرات التي طرحها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، أيضًا سوف تتعرَّف على بعض العبر والدروس المستفادة من ناتج هذا الربط بينهما، وأثر ذلک فعليًا على التنمية، والتحليل الوارد بهذه الدراسة يتناول ثلاث محاور رئيسية وهي:

المفهوم: من خلال المراجعة المتأنية لمصطلح استخدام تکنولوجيا الاتصالات والمعلومات للتنمية على المستوى العالمي.       
الدروس المستفادة: من خلال طرح لبعض التحديات التي تواجه هذا المصطلح ومنها، الوعي، السياسات، الوصول، الملائمة، التنسيق وأخيرًا الاستدامة.
التوصيات: وهي خلاصة عمليات المراجعات والتنقيح للأفکار الواردة بهذه الورقة البحثية.

نقاط رئيسية

التنمیة

الكلمات الرئيسية


تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات من أجل التنمیة ببلدان العالم النامی فی ظل العولمة

رؤیة تحلیلیة

 

 

إعـــداد

أ.د/ أحمد عبد الفتاح ناجی

أستاذ التنمیة والتخطیط

کلیة الخدمة الاجتماعیة

جامعة الفیوم



 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقدمة:

        تتعلق هذه الورقة البحثیة بمناقشة قضیة شائکة عن تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات وکیفیة الاستفادة منهما فی عملیات التنمیة الجاریة، على أن هذا الاستغلال لیس ولید اللحظة فهو قدیم قدم برامج التنمیة ذاتها. فقط مع مطلع سنة 2000، وبالتعاون بین مجموعة الثمانیة والأمم المتحدة دشَّنت فکرة الربط بین تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات وبین برامج التنمیة بصورة واضحة مع التأکید على أن الأولویة لهذا الربط عند التطرُّق لقضیة استخدامات تلک التکنولوجیا.

        ورغم أن هذه الورقة، کُتبت بالنظر للمستقبل القریب، إلا أنها تبدأ بدراسة الخلفیات التاریخیة لهذا الموضوع والتطرُّق لبعض المبادرات التی طرحها البرنامج الإنمائی للأمم المتحدة، أیضًا سوف تتعرَّف على بعض العبر والدروس المستفادة من ناتج هذا الربط بینهما، وأثر ذلک فعلیًا على التنمیة، والتحلیل الوارد بهذه الدراسة یتناول ثلاث محاور رئیسیة وهی:

  • المفهوم: من خلال المراجعة المتأنیة لمصطلح استخدام تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات للتنمیة على المستوى العالمی.       
  • الدروس المستفادة: من خلال طرح لبعض التحدیات التی تواجه هذا المصطلح ومنها، الوعی، السیاسات، الوصول، الملائمة، التنسیق وأخیرًا الاستدامة.
  • التوصیات: وهی خلاصة عملیات المراجعات والتنقیح للأفکار الواردة بهذه الورقة البحثیة.

المفهوم:

ما المقصود بتکنولوجیا الاتصالات والمعلومات؟

        مع مطلع القرن العشرون لم یکن العالم على علم بالرادیو أو التلیفزیون، أما بدایات القرن الحادی والعشرون فقد وجدنا تطورًا مُذهلاً من هواتف محمولة أو حواسب آلیة أو شبکات لاسلکیة أشهرها بالطبع الانترنت. ممَّا یعنی أن الدول النامیة یجب علیها أن تواکب تلک المُتغیِّرات التکنولوجیة إذا أرادت أن تلحق برکب التقدُّم، خاصة أیضًا وأن العالم یشهد أشبه ما یکون بثورة رقمیة، تُزیح أمامه کافة صور التخلف التقنی وتُؤثِّر فی شتى برامج التنمیة، وعلى الرَّغم من أن أجهزة مثل الرادیو والتلیفزیون والتلغراف، تُعد من تلک التکنولوجیات الخاصة بالاتصالات والمعلومات، إلاَّ أن ما نقصده بهذه الأخیرة قد تجاوز الأولى بمراحل بحیث أصبحت هذه من أدوات الماضی فهناک منتجات تقنیة اتصالاتیة ومعلوماتیة جدیدة یومیًا، لا شک أن استخدامها یُؤثِّر کثیرًا على برامج التنمیة الاجتماعیة بل وحتى برامج التنمیة السیاسیة.

        ویعتقد البعض بأن التکنولوجیا، هی سلاح ذو حدین، فمن ناحیة رأینا أن الرادیو مع بدایات القرن المنصرم، أدى إلى تحسن مستویات المعیشة والارتقاء بالجانب المعرفی للشعوب وبالأحوال الصحیة، لکن الشاهد أیضًا أنها ساهمت کذلک فی الرواج للحرب والمذابح البشریة الجماعیة، کما ساهمت فی حدوث التلوث البیئی الذی نجنی جمیعًا آثاره السلبیة حتى الآن.

        فی شهر یولیو 2000، عقدت قمة مجموعة الدول الصناعیة "الثمانیة" لمناقشة الفجوة الرقمیة الناشئة بین الدول النامیة أو الآخذة بالنمو من ناحیة وبین الدول الصناعیة المتقدمة، مؤکِّدة على أهمیة الاعتماد على تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات فی تحقیق النتائج المرجوة من برامج التنمیة بمختلف مجالاتها "تمخَّض عن هذه القمة، صدور بیان أوکیناوا ، عن مجتمع المعلومات".

        وتعتبر هذه القمة العالمیة لدول الثمانیة، بمثابة نقطة تحول تاریخیة من حیث تأکیدها أو ترکیزها على أهمیة المعلومات والتکنولوجیا الخاصة بها فی تحقیق النجاحات لبرامج التنمیة بالعالم النامی،    من منطلق أن هذه التکنولوجیات تُتیح للفرد أو المواطن بالدول النامیة من تجاوز الحدود الجغرافیة أو العوائق السیاسیة للوصول للمعلومات أو لمصادرها بسهولة ویُسر وبأقل التکلفة الممکنة.

        کما تُتیح له، إبرام الصفقات والمعاملات المالیة والتجاریة مع الغیر أو الاتصال بالأسواق العالمیة مُتجاوزًا کافة الحواجز أو القیود، وبذلک تُسهم هذه التقنیات الجدیدة فی العمل على تحسُّن مستویات المعیشة والدخول لأبناء العالم الثالث.

        ولعَّل الجدل دائر ومُستمرّ ومُحتدم بین الجمیع وعلى المستوى العالمی ما بین مُبشِّر ومُؤمِّن بقیمة وأهمیة تلک التغیُّرات والتطورات على مختلف الجوانب بالمجتمعات المعاصرة، وبین ما هو مُعارض ورافض لهذه التغیرات أو التطورات، فمثلاً یتضح لأی منصف حالیًا الکیفیة التی اخترقت بها تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات کافة المجالات الاجتماعیة والاقتصادیة المعاصرة، وأن هناک تحولاً جذریًا یحدث فی عالم الیوم من المجتمع الصناعی إلى المجتمع القائم على المعلومات، وأصبح التقدُّم فی مجال المعلومات والتقنیات اللانهائیة التی شهدها هذا المجال هو أساس التصنیف المعاصر لمکانة الدول مع نهایة القرن العشرین، الذی رفض أن ینتهی دون أن یُمهِّد الطریق للثورة الرابعة فی حیاة البشریة وهی "ثورة المعلومات"، بما یُؤکِّد أن العصر الذی نحیاه فی ظل هذه الثورة، هو عصر الهیمنة المعلوماتیة، ولیس مُجَّرد الهیمنة الاقتصادیة أو العسکریة، وهذا یرجع إلى مدى الأهمیة التی تمثلها المعلومات فی حیاة  الدول والشعوب، وصُنَّاع القرارات فی کافة أنواعها السیاسیة والاقتصادیة، سواء أکانت إستراتیجیة طویلة المدى، أم تکتیکیة قصیرة المدى.

        ترى منظمة التعاون الاقتصادی الأوروبیة سنة 1998 أن تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات هی عبارة عن منتجات أو نواتج صناعة تختص بالآتی:

1-   القیام بتشغیل المعلومات الموجودة بالمنظمة.

2-   إجراء نقل، تحویل، تخزین المعلومات.

3-   القیام بالرقابة، التحکم والسیطرة على مختلف العملیات الإنتاجیة بالمنظمة.

وتُعَّرف أیضًا بأنها:

        هی تلک التقنیة التی تُدعِّم، وتُساند کافة الأنشطة المُتعلِّقة بتجمیع، وتحلیل المعلومات وتصنیفها، وتخزینها، کما أن تقنیة المعلومات لا توجد مُستقلَّة أو مُنعزلة عن السیاق العام بالمنظمة إذ أنها تقوم بالآتی:

1-   تُسهم بجهد کبیر فی کافة الأنشطة الإنتاجیة.

2-   نشاط تابع أو رهن بوجود أنشطة أخرى.

3-   یُمکن الاستفادة منها فی کافة المجالات الصناعیة، الخدمیة.

کما أن مفهوم تقنیة المعلومات والاتصالات:

        یعتمد بصفة مباشرة على طبیعة، نوعیة الثقافة المحلیة الموجودة، وکیفیة الوصول لها، وکیفیة استغلالها من حیث:

أ‌-     تجمیع الأدوات، الأجهزة المستخدمة فی مهام مُحدَّدة، مثل النشر وتوصیل الخدمات، والمعاملات التجاریة.

ب‌-      مجموعة من الأجهزة المرتبطة مع بعضها البعض بطریقة منظمة.

ج- مکونات ترتبط بأنساق بشریة، ومعلوماتیة [بشر، أجهزة، معلومات] تُمکِّن الآخرین من التعلُّم، حل المشکلات، والتفکیر التعاونی.

بوجه عام تُعرَّف تکنولوجیا المعلومات والاتصالات على أنها تکنولوجیات مستخدمة لنقل ومعالجة وتخزین البیانات بالوسائل الکترونیة (الجامعة المفتوحة) ویشمل هذا البرید الالکترونی والرسائل النصیة والمحادثات بالفیدیو مثل (اسکای بی) والتواصل الاجتماعی على الانترنت مثل (الفیس بوک) وتشمل أیضًا الخدمات والوحدات المختلفة مثل (کمبیوترات اللاب توب والتلیفونات) التی تُنفِّذ مجموعة کبیرة من وظائف الاتصالات والوظائف المعلوماتیة.

وتساهم تکنولوجیا المعلومات والاتصالات فی الدول المتقدمة باعتبارها تکامل فی الجهود لبناء مشارکة اجتماعیة وسیاسیة واقتصادیة فی الدول النامیة على سبیل المثال (الولایات المتحدة الأمریکیة 2006) عرفت أن تکنولوجیا المعلومات والاتصال تُعتبر ضروریة لمساعدة العالم فی تحقیق الأهداف فی وقت مُعیَّن للحد من الفقر والمشکلات الاقتصادیة والاجتماعیة الأخرى.

وبطبیعة الحال، وبعد العرض السابق نستطیع القول أن مفهوم تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات ارتبط عبر سنوات طویلة بالتطور الحضاری والثقافی والمعلوماتی والاقتصادی منذ العصور القدیمة بدءًا من الثورة التکنولوجیة الأولى بظهور وانتشار الزراعة، مرورًا بمرحلة نضج خلال الثورة التکنولوجیة الثانیة (الثورة الصناعیة)، ثم ازدهر وتسارع ازدهاره فی منتصف القرن العشرین خلال ما یُمکن أن نُطلق علیه "الثورة الالکترونیة" ثم ثورة "التکنولوجیا العالیة" منذ أواخر الثمانینات ومطلع التسعینات من القرن العشرین، وانتهاء إلى ثورة الاتصالات والمعلومات فی مطلع القرن الحادی والعشرین، ومن ثم فهی لیست ولیدة العصر الحالی بقدر ما هی ترتبط به فقط بسبب التقدُّم التقنی الکبیر الذی وصلنا إلیه الآن.

وعلیه یمکن تعریف تکنولوجیا الاتصالات وبالمعلومات باعتبارها:

  • عبارة عن منتجات صناعیة تختص بتشغیل المعلومات الموجودة فی منظمة ما، من خلال إجراء نقل أو تحویل أو تخزین أو استدعاء وتحلیل، تلک البیانات واستخدامها فی الرقابة أو التحکم والسیطرة على مختلف العملیات الإنتاجیة أو الخدمیة بها.
  • تلک التقنیة التی تُدعِّم وتساند کافة الأنشطة المُتعلِّقة بتجمیع وتحلیل المعلومات وتصنیفها وتخزینها، کما أنها لا تُوجد مُستقلَّة أو منعزلة عن السیاق العام للمنظمة أو المجتمع، بل هی نشاط تابع أو رهن بوجود أنشطة أخرى، ویُمکن الاستفادة منها فی کافة المجالات الصناعیة والأنشطة الإنتاجیة والخدمیة، وترتبط مباشرة بطبیعة ونوعیة الثقافة المحلیة الموجودة، وکیفیة الوصول لها واستغلالها، باعتبارها مجموعة من الأجهزة المرتبطة مع بعضها بطریقة منظمة، ومرتبطة أیضًا بأنساق بشریة ومعلوماتیة (بشر+ أجهزة+ معلومات) تُمکِّن الآخرین من التعلُّم، وحل المشکلات والتفکیر التعاونی.
  • کما عرَّف "بلونر Robert Plowner" تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات بأنها عبارة عن "کُلًّ مُعقَّد ومُتداخل من المکونات المادیة والعملیات التکنولوجیة، بما یُؤدِّی فی النهایة لمیکنة الجهد الإنسانی"، کما أکَّد على أنها تُحدِّد مستوى القدرَّة أو القوة البشریة للعامل من حیث السیطرة أو التحکم، وأن التوسع فی الأخذ بها رهن بالتوسع فی تقسیم وتنظیم العمل بالمنظمات، کما أکَّد على أن هناک علاقة بن قدرة العامل على تحمل المسئولیة والمشارکة الفعَّالة فی العدید من العلاقات المجتمعیة، وبین تدنی المستوى التقنی المتبع فی العمل، کما أن العامل الذی یمتلک قدرًا من المهارة فی استخدام تلک التقنیة تتزاید اتجاهاته الإیجابیة نحو العمل والعکس صحیح.

ومن خلال هذه التعریفات والعرض السابق یمکن أن نُحدِّد ما نقصده بتکنولوجیا الاتصالات والمعلومات فی هذه الورقة باعتبارها:

  • عبارة عن أجهزة وأدوات صناعیة مُتقدِّمة تختص بتشغیل المعلومات الموجودة بالمنظمة.
  • تُستخدَّم فی کافة منظمات المجتمع الحکومیة وغیر الحکومیة والخاصة.
  • یتطلَّب تطبیقها وجود الخبرات والمهارات اللاَّزمة.
  • أنها عملیة اجتماعیة مُستمَّرة بمعنى أنها لا تقف عند لحظة تاریخیة مُعیَّنة.
  • أنها تُمثِّل حافزًا على التغییر الاجتماعی والاقتصادی والسیاسی.
  • أن تطبیقها یستلزم بنیة تحتیة داعمة.
  • أن آثارها مباشرة وغیر مباشرة لکن فوریة وتتغلغل بعامل الزمن داخل بنیة المجتمع ومنظماته.
  • تستخدم فی مجالات الرقابة والتحکم أو السیطرة على مختلف العملیات الإنتاجیة والخدمیة.
  • یمکن الاستفادة منها فی کافة المجالات الصناعیة والاقتصادیة والإنتاجیة والخدمیة.
  • ترتبط مباشرة بطبیعة ونوعیة الثقافة المحلیة الموجودة وکیفیة الوصول لها واستغلالها.
  • ترتبط بأنساق بشریة ومعلوماتیة (بشر +أجهزة+ معلومات).
  • تُمکِّن الآخرین فی المنظمة أو المجتمع من التعلُّم، وحل المشاکل والعمل التعاونی.
  • تحتاج إلى وجود الدعم السیاسی والاجتماعی لاستخدامها.

وإذا نظرنا لما یُمکِّن أن یحدث فی المستقبل القریب یمکننا الخروج بالملاحظات التالیة:-

1-   التحول الکبیر للعصر الرقمی التقنی حیث یمکن للفرد وبسهولة الولوج لمصادر البیانات والمعلومات المعرفة. وفی أی وقت وبتکلفة تکاد تکون زهیدة.

2-   کما أن مهارات الفرد مثل التذکر والحساب، وغیرها سوف تزداد لقدرة الفرد على التعلُّم والوصول للمعلومات بسهولة بخلاف الماضی.

3-   یمکن للفرد أن یحصل على المعلومة بأشکال وصور تفاعلیة تتسم بالحیویة بحیث یُصبح التعلیم أشد مُتعة وتزداد مقدرة الفرد على التحصیل بدرجة لا یُمکن مقارنتها بالأوضاع الحالیة.

4-   تحسُّن کبیر جدًا فی وسائل الاتصال وتعددها بطریقة یتجاوز بها الفرد المسافات الجغرافیة والمعوقات المکانیة.

وبغض النظر عن أوجه النقد الموجهة لهذه التقنیات الحدیثة، إلاَّ أنه ومن المُؤکَّد أنها تلعب حالیًا دورًا کبیرًا فی إجراء تغییرات اجتماعیة وثقافیة وتعلیمیة عمیقة سوف تظهر نتائجها فی القریب العاجل، وفی هذا السیاق لا یجب أن نفصل بین هذه التطورات التقنیة والتغییرات الاجتماعیة الجاریة على مختلف العلاقات الإنسانیة القائمة بالمجتمعات المعاصرة. فالتقنیة وحدها لا یُمکن أن تُغیَّر من الواقع الاجتماعی ما لم تکن هناک بوادر أو إشارات اجتماعیة برغبة عارمة بالتغییر، ولا شک أن الأخصائیون الاجتماعیون من الفئات الأکثر أهمیة والمنوط بهم إدارة أو قیادة قاطرة التغییر الاجتماعی هذه، ومن ثم یهتم هؤلاء وأکثر من غیرهم بالتطورات التقنیة الجاریة لاستخدامها فی المجالات التنمویة المختلفة للإسراع بعملیة التغییر الاجتماعی.

 

النظریات المتعلقة بالتقنیة بالمجتمع:

        لکی یمکن للفرد أن یتفاعل سلبیًا أو إیجابیًا مع التطورات التقنیة بأی مجتمع علیه أولاً أن یتسلَّح بأطر نظریة أو مناهج فکریة تُفسِّر له ما غمض له من أمور تتعلَّق ببنیة هذه التقنیة وعلاقاتها بالمجتمع تأثیرًا وتأثرًا، ولا شک أیضًا أن التقنیة بأی مجتمع هی محصلة لجملة من العوامل الثقافیة والاجتماعیة والاقتصادیة، أو هی فی النهایة تأتی تعبیرًا عن حاجات مجتمعیة ملحة، انظر "أندریو فنبرج 1992" ومؤلفه الشهیر، النظریة النقدیة للتقنیة بالمجتمعات الغربیة المعاصرة. والذی انتهى فیه إلى أن مستقبل التقنیة بأی مجتمع یأتی تعبیرًا أیضًا عن بنیة اجتماعیة قائمة أو مرغوبة.

النظریة النوعیة "الأداتیة" للتقنیة:-

        تتکون هذه النظریة من مناقشات ومُجادلات ترى فی التقنیة أدوات مُحایدة، فهی لا تتَّسم بالخیر أو الشر، مُجرَّد أدوات أو وسائل یُمکِّننا توظیفها لغایات سیاسیة أو اقتصادیة أو اجتماعیة سواء أکانت سیئة أو خیِّرة. ومن وجهة فنبرج أیضًا أن هذه النظریة تقوم على عناصر أربعة وهی:

1-   أن التقنیة بطبیعتها مختلفة فی الغایات التی نُوظِّفها للوصول لها من خلالها.

2-   أنها أیضًا مختلفة سیاسیًا، بحسب الغایات التی تسعى لها السیاسة.

3-   أنها مُحایدة بطبیعتها فیما یتعلَّق بالمنطق التی تقوم علیه.

4-   أنها تخضع لذات أدوات القیاس، بغض النظر عن المواقف المختلفة.

ومن ثم نجد أیضًا أن التقنیة لا وطن لها أیّ أنها وبمجرَّد نشأتها تُصبح قابلة للانتقال والتطبیق من مکان لآخر بغض النظر عن المواقف السیاسیة أو الاجتماعیة الموجودة. وکُلُّنا یرى الآن الحالة التی وصل لها العالم من انتشار الحواسب الآلَّیة، بشتى بقاع الأرض وبمجالات مُتباینة، ومن الناحیة النظریة قد یصلح هذا الإطار النظری الفکری حول حیادیة التقنیة، لکن واقع الحال الیوم یُؤکِّد للجمیع على أن التقنیة ولیدة للمجتمعات التی نشأت بها وأن النشأة أو التکوین تختلف کلَّیة عن بیع أو ترویج هذه التقنیة، فالأخیرة عملَّیة اقتصادیة تُجاریة بحتة، فثمَّة اختلاف کبیر بین أن تمتلک الحق فی تصمیم أو ابتکار التقنیة وبین أن نستهلکها فقط، وندفع مقابل لحق الانتفاع بثمارها، وهذا هو الوضع الحالی لعالم الیوم.

نظریة الجوهر أو المضمون للتقنیة:

        على العکس تمامًا من النظریة الحیادیة للتقنیة، نجد نظریة الجوهر، فهذه النظریة تفترض وجود تحیُّز أو جوهر أو غایة من وراء أو نشأة التقنیة، وأن التقنیة تعمل على تشکیل نسق ثقافی جدید یُؤثِّر بدوره على الواقع الاجتماعی القائم، ومن هذا المنطلق یُعد الکمبیوتر بمثابة نسق ثقافی جدید یعمل على تغییر الترکیبة أو البنیة الاجتماعیة الحالیة للمجتمعات الحالیة للتأثر بالثقافة التی نشأت فی ظلها هذه التقنیة، بمعنى أن التقنیة هنا دلیل على سیادة نسق ثقافی مُعیَّن على حساب باقی الأنساق الثقافیة الأخرى.

النظریة النقدیة للتقنیة:

        وهی هنا النظریة الأکثر تعقدًا بین النظریات والمناهج الفکریة التی تناولت التقنیة والمجتمعات الحدیثة، وطبقًا لهذه النظریة فإن التقنیة هی شعور عام عادی بمشکلة ما، مع وجود تطورات مُصاحبة له بُغَّیة التعامل مع هذه المشکلة، ومن ثم وطبقًا لهذه النظریة أیضًا فلا توجد ما یُطلق علیها الحیادیة التقنیة، فالتقنیة هنا محصلة لصراعات بالمجتمع، وهنا نجد أن تلک النظریة تتکوَّن من بعدین اثنین وهما:

أ‌-     الحاجة للسع نحو الأفضل للمجتمع (عدالة اجتماعیة مثلاً) والتقنیة هی من الوسائل المصاحبة للوصول لهذه الحالة.

ب‌-      أن التقنیة لا یُمکن فصلها عن السیاق الاجتماعی المحیط، أیّ لا یمکن نزعها من المجتمع التی نشأت به.

ومن هذه الزاویة، یُمکن النظر إلى الکمبیوتر على أنه وسیلة هامة ومساعد قوی للخدمة الاجتماعیة فی تأدیة رسالتها وغایاتها التی تسعى لها.

تقنیة المعلومات، العولمة والتنمیة الاجتماعیة:

        للمرَّة الأولى فی التاریخ التی یُصبح فیها کوکب الأرض بکامله یدین بالرأسمالیة، وعلى الرغم من وجود بعض المجتمعات أو الأمم الشاردة، إلاَّ أن هذه الأخیرة لن تفلت أبدًا من مطرقة العولمة والرأسمالیة القاسیة، وعلى الرَّغم من أن العولمة، ظاهرة أو علامة على الصحوة التی تحیاها الرأسمالیة المعاصرة، إلاَّ أنها أیّ العولمة أیضًا لیست ولیدة الیوم أی أنها لیست جدیدة کُلَّیة فهی قدیمة قدم الإمبراطوریات والأمم الغابرة، فهی قدیمة لارتباطها بقیمة المنافسة الشرسة التی هی بدورها علامة من علامات الرأسمالیة، لکنها أخذت طابعها هذا الذی نعرفه حالیًا بسبب قدرة تقنیة المعلومات والاتصالات على نشرها والترویج لها بطریقة لم یعهدها الکوکب ولا سکانه طوال تاریخهم الإنسانی الطویل، لذلک نحن نتطرَّق لتأثیرات العولمة، والمنافسة الشرسة، والعلاقة بین تقنیة المعلومات والاتصالات وبین قیمة العولمة، وسیُبیِّن لنا کیف أن القیمة الاقتصادیة وصراعات المصالح هی المحرک الرئیسی لسطوة الرأسمالیة التی نشهدها حالیا، وسندرک بالنهایة أن الرأسمالیة قد وَّظفت بذکاء التطورات الجاریة فی مجالات تقنیة المعلومات والاتصالات، لصالحها ولخدمة أغراضها وعلى الأخص تحویل الکوکب بکامله لقریة صغیرة ترتبط جنباتها من خلال شبکات المعلومات وعلى وجه الدقة الشبکة الدولیة الانترنت، وکیف أن هذه الشبکة بدورها ساهمت فی نشر مفهوم العولمة وربط الأسواق العالمیة والمحلیة بمنظومة تقنیة واحدة، الجدیر بالذکر أن فکرة الشبکة المعلوماتیة أو الانترنت هنا، تقوم على توصیل العدید من أجهزة الکمبیوتر ببعضها البعض عبر أدوات اتصال سواء لاسلکیة أو سلکیة هاتفیة، لکنها تتمیَّز بعدم وجود مرکز لها أو وسط مادی مُحدَّد، ومن ثم نجد المعلومات والأموال والأصول الإنتاجیة فی حالة دوران وتدفق مُستمرّ من طرف لآخر على مستوى الکوکب بکامله، وبالنهایة یُمکنَّنا القول بأن مختلف شبکات المعلومات، إنمَّا تُستغل للتأکید على أوضاع مُحدَّدة، مُرسَّخة إیاها، لکنها لا تسمح بأی حال من الأحوال بإجراء أو حدوث تغییرات هامة على المستویین الاجتماعی والاقتصادی العالمی.

والخلاصة أن تقنیات المعلومات والاتصالات من الأدوات التی تستغلها الرأسمالیة الحالیة للترویج لبضاعتها وسلعها، وفی نفس الوقت تسمح للدول النامیة أو الفقیرة باستغلالها فی حدود تغییر اجتماعی أو اقتصادی یهدف للتسویق أو فتح أسواق جدیدة للرأسمالیة أیضًا.

ففی الربع الأخیر من القرن الماضی، ثمَّة تنظیم سوسیو- اقتصادی، جدید قد بزغ لنا، فبعد انهیار فکرة الدولة الاشتراکیة العظمى بزعامة الاتحاد السوفیتی، وجدنا أنفسنا للمرَّة الأولى بالتاریخ أمام هیمنة رأسمالیة کاملة على مُقدَّرات الکوکب بکامله، وللمرَّة الأولى فی التاریخ التی یُصبح فیها کوکب الأرض بکامله یُدین بالرأسمالیة، وعلى الرَّغم من وجود بعض المجتمعات أو الأمم الشاردة، إلاَّ أن هذه الأخیرة لن تفلت أبدًا من مطرقة العولمة والرأسمالیة القاسیة، وعلى الرَّغم من أن العولمة، ظاهرة أو علامة على الصحوة التی تحیاها الرأسمالیة المعاصرة إلاَّ أنها أی العولمة أیضًا لیست ولیدة الیوم أی أنها لیست جدیدة کلیة فهی قدیمة، حیث السعی المحموم وراء غایة تعظیم الربحیة والمنافسة الشرسة للسیطرة على الأسواق العالمیة والمحلیة، ولا شک أیضًا أن هذه الظاهرة هی ما یطلق علیها حالیًا مُسمَّى العولمة.

ومن الضروری أن نتفَّهم جیدًا أن تقنیة المعلومات لیست هی السبب وراء التغیر الاجتماعی الجاری بالمجتمعات الإنسانیة، لکنها مُجرَّد أداة تُحقِّق ذلک التغیُّر فبدونها یُصبح من العسیر تحقیق هذا التغییر المنشود مُجتمعیًا، فالیوم ونحن فی بدایة ألفیة جدیدة، نجد أن العالم یقف مشدودًا أمام شبکة المعلومات الانترنت التی تُحقِّق التواصل والربط بین مختلف جنبات وأماکن العالم النائیة بصورة أضحى للمعلومات قیمة لا تُقدَّر بثمن أحیانًا، بل أنها ساهمت أیضًا فی تحقیق بعض النتائج المُدهشة فی تطور بعض العلوم الأخرى مثل الهندسة الوراثیة والتحقُّق من مشروع الجینوم البشری، أمکن أیضًا استغلال تقنیات المعلومات والاتصالات فی تحقیق التعلیم عن بعد للملایین من البشر ممَنْ کانت تعوزهم المقدرة على تحقیق هذا الحلم من قبل، والیوم نجد أن جُملة مستخدمی الانترنت یومیًا یقارب المائة ملیون نسمة، ویتضاعف هذا الرقم کل سنة تقریبًا، کما نجد أن انتشار استخدامات هذه التقنیة أمرًا غیر مسبوق حتى الآن، لکن على مستوى العالم نجد أن ثمَّة عنصریة رقمیة متزایدة، فبینما نجد أن الکافة من أبناء العالم المُتقدِّم تنعم وتعیش وتتمتع فی منجزات هذه التقنیة الحدیثة، نجد بالمقابل أن أبناء قارة أفریقیا تحدیدًا الأکثر بُعدًا واستبعادًا عن التمتُّع بثمار هذه التقنیة، بما یعنی أن التقنیة نفسها لا تحل المشکلات الاجتماعیة ما لم یصحبها إستراتیجیة شاملة للتنمیة قادرة بدوها على توظیف مُنجزات هذه التقنیة توظیفًا صحیحًا.

 من ناحیة أخرى یُؤمن البعض بأن تقنیة المعلومات والاتصالات، هی أحد روافد أو أدوات العولمة وأنها تُمثِّل المطیَّة التی تستخدمها هذه العولمة للسیطرة والهیمنة على أسواق العالم المختلف، وإعلاء قیمة المنافسة الحرَّة، وقیمة رأس المال البشری والمادی على السواء، باختصار وفی ضوء التطورات التی شهدها المجتمع الإنسانی خلال السنوات الماضیة، فمن المُؤکَّد أن العقود القادمة ستشهد تحولات عاصفة وعمیقة بالبنیة التحتیة المجتمعیة والبشریة على السواء وبصورة لا یُمکن لأعتى العقول أن یتوصل لها حالیًا.

وتُشیر الدراسات إلى أن الأخذ بهذه التقنیة على مستوى العالم النامی رهن بضرورة تدریب وتعلیم وتنمیة مهارات أبناء هذه الدول، وخلق الکوادر المؤهلة علمیًا وعملیًا على الاستفادة من قدرات هذه التقنیة فی عملیات التنمیة المتواصلة الجاریة، أمَّا بالنسبة للدور التی یمکن لتقنیة المعلومات والاتصالات أن تلعبه على مستوى برامج ومشروعات التنمیة فنجد أنها تتمثل فی:-

  • العمل على تشجیع النمو الاقتصادی من خلال تحدیث نظم الإنتاج والأخذ بالتقنیات الحدیثة فی الإنتاج، أو الترویج للسلع والخدمات المنتجة. انظر فی ذلک العدید من الأمثلة، تایوان، مالیزیا، إندونیسی، الفلبین، هو نج کونج.
  • بالنسبة لهذه الاقتصادیات غیر القادرة على التکیف مع النظم التقنیة الحدیثة، نجد أنها فی مفرق طرق إمّا الخروج من دائرة المنافسة کُلیَّة ومن ثم من السوق العالمیة، وأمَّا التأقلم من جدید مع هذه التطورات التقنیة الجاریة، وهذا رهن بضرورة تدریب وتعلیم کوادر جدیدة على کیفیة استخدام وصیانة أو تطویر هذه التقنیة، من ناحیة أخرى على الدول النامیة أن تستقطب الخبرات التقنیة عالیة الکفاءة لضمان تأهیل کوادر خاصة بها قادرة على التعامل مع التقنیات الجدیدة أو توجیهها فی العملیات الإنتاجیة أو التنمویة الدائرة بالمجتمع، انظر فی ذلک الجهود التی تُبذل بالعدید من الدول النامیة للأخذ بتقنیات المعلومات والاتصالات، مثال، الصین، الهند بنجلادیش، سنغافوة کوریا، والعدید من دول أمریکا اللاتینیة، حیث أن هذه الدول وغیرها تهتم بالکیفیة التی تُرسِّخ بها تقنیة المعلومات والاتصالات بالبیئة المحلیة بها، بل کیف تطبعها بطابع خاص بها، یُحقِّق لها المساعدة فی برامج ومشروعات التنمیة الجاریة, والأمر هنا لا یتعلق بإنتاج أو تصنیع المکونات المادیة لهذه التقنیة، بل یمکن فقط البدء بإنتاج وتصنیع المکونات غیر المادیة، من برمجیات وخلافه، ومن ناحیة أخرى لا یُشترط أن یحصل الفرد من العامة على قسط وافر من التعلیم أو التدریب على الکمبیوتر، فلا یشترط کونه مُبرمجًا أو مُحلِّل نظم، بل یکفی أن یحصل الفرد على المعرفة الکافیة بهذه التقنیة الحدیثة، مثلاً کیفیة استخدام الکمبیوتر أو کیفیة البحث على شبکة الانترنت.

باختصار یمکن القول بأن لتقنیة المعلومات والاتصالات دورًا لا یستهان به فی تحقیق التنمیة الاقتصادیة بالمجتمعات المحلیة، فالمعلومة أضحت الآن قوة ونفوذ ومن ثم أضحت أیضًا أصلاً إنتاجیًا مَنْ یملکه فقد ملک أحد أسباب القوة والسیطرة، لکنها أیضًا رهن بضرورة توافر التربة أو المناخ الخصب للأخذ بهذه التقنیة، من ضرورة إجراء تغییرات اجتماعیة وتشریعیة وسیاسیة محلیة تهیئ المجتمع لتقبل وجود مثل هذه التقنیة.

والمتطلع للمشهد العالمی لتأثیر هذه التقنیة، یجد أنها- وبحق- قد عملت على تجاوز المسافات الجغرافیة بدرجة لا یُصدقها عقل، کما أسقطت الحواجز السیاسة والاقتصادیة والاجتماعیة بین الأفراد وبعضهم البعض، کما لها من القدرة بحیث تُقلِّص بشدة من عوامل التهمیش أو الاستبعاد للأقلیات أو الفئات المُستضعفَّة، والتی قد تعجز بدورها عن الوصول لعملیة صنع القرار، والمشارکة فی کل ما یتعلَّق بشئونهم وشئون مُجتمعهم بصفة عامة، ومن هؤلاء: المسنون، المقعدون، المعاقون، ویأتی على رأس هؤلاء النساء، فیصبح لهؤلاء الحق فی الوصول لمصادر المعلومات والمعرفة، ومن ثم المشارکة.

کما أن ثمَّة إیمانًا عمیقًا لدى الکافة بأن تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات أمرٌ هام وحیوی للمجتمعات المحلیة وخاصة الریفیة منها والنائیة، وتحدیدًا للتنمیة المحلیة، باعتبارها مکونًا رئیسیًا ضمن مکوناتها، وخاصة فی إحداث التغییر الاجتماعی والاقتصادی وبصفة خاصة فی الدول النامیة، باعتبار أن أغلب المناطق المحلیة بتلک الدول یُنظر إلیها کجزر مُنعزلة عن بعضها البعض، ومن هنا یُنظر لتلک التقنیة على أنها وسیلة جیدة لتجاوز العقبات التی تواجها تلک المناطق المحلیة وخاصة الریفیة والنائیة فی الوقت الحالی، حیث من المُؤکَّد أن مُفردات تلک التقنیة من شبکات الإنترنت، والحاسب الآلی، والهواتف المحمولة وغیرها سوف یکون لها دورًا کبیرًا فی الأیام القادمة بالنسبة لتطویر وتنمیة تلک المناطق، بحیث ستُصبح أداة قویة لتبادل ونقل المعلومات بتلک المناطق بالدولة النامیة.

ولعلَّه یتضح للناظر حالیًا، الکیفیَّة التی اخترقت بها تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات کافة المجالات الاقتصادیة والاجتماعیة المعاصرة، حیث نجد أن مفهوم التجارة الالکترونیة عبر شبکة الإنترنت، قد ساهم فی تجدید رءوس الأموال ودفع عجلة التنمیة الاقتصادیة للأمام، وفی تحقیق مُعدَّلات لتراکم الثروة فی دول الشمال الغنی بصورة غیر مسبوقة، لذا من المُتوقَّع أن تُصبح تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات وبمفرداتها، أدوات للتقدم والقاطرة التی تجر الاقتصادیات النامیة والمُتقدِّمة لبر الأمان فی الأیام القادمة، کما أنها ستُصبح بمرور الوقت عاملاً هامًا على حدوث التنمیة الاجتماعیة والسیاسیة، وستکون أیضًا- علامة مُمیَّزة على حدوث الرضا الاقتصادی المنشود فی المستقبل.

ومن ناحیة أخرى، نستطیع القول أن لتکنولوجیا الاتصالات والمعلومات قدرة على إثارة الوعی العام بالقضایا الاجتماعیة والاقتصادیة والسیاسیة، بل حتى الثقافیة والتعلیمیة والبیئیة، ومن ثم فهی تدفع المواطن دفعًا للمشارکة الایجابیة بطرق وأسالیب سلیمة، ویُؤکِّد الکثیر من العلماء على أن لهذه التقنیة تأثیرًا بشکل خاص على البیئة المجتمعیة، سیاسیة، اقتصادیة، اجتماعیة، وثقافیة، بحیث تُشکِّل فی النهایة عاملاً إیجابیًا على تحقیق التغییر الاجتماعی المنشود.

وطبقًا لما ذکره "أفیز Avis" فإن  التنمیة المجتمعیة تأتی على رأس الموضوعات التی تستفید فعلاً وحقیقة من تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات، ویتم ذلک بصور شتى منها، تشجیع ظهور المنظمات المدنیة للعمل على تحسین نسق توصیل الخدمات الاجتماعیة، بخلاف العمل على تقویة الشعور بأهمیة المجتمع وقیمته فی عیون المقیمین به وخاصة بین النشء والشباب، من خلال تقویة التوصل بین الجماعات والأفراد الموجودین به، خاصة تلک الفئات التی تعجز فی الظروف التقلیدیة عن توصیل أصواتها للساسة أو صناع القرار، والأکید أیضًا على أن هذه التقنیة تعمل جیدًا على تحقیق فرصة الفرد فی الوصول الحر لمصادر المعلومات والمعرفة، ومن ثم المشارکة الجادة فی القضایا العامة بالمجتمع.

ویشیر- أیضًا- التقریر العالمی الصادر عن الأمم المتحدة عام 2001، والمعنى بالتنمیة البشریة إلى أن للتکنولوجیا الحدیثة دورًا لا یُستهان به فی إحداث التحولات والتغییرات الاجتماعیة والاقتصادیة والسیاسیة اللاَّزمة لنهضة ورقى المجتمعات الإنسانیة، ومن ثم یجب التأکید على ضمان حق الشعوب ومختلف المجتمعات سواء النامیة أو غیرها من الحصول والوصول لهذه التقنیات، حیث من خلالها یُمکن تحقیق آمال وحاجات الدول النامیة، وتُصبح المسألة فی الکیفیة التی یُمکن من خلالها مُساعدة الفقراء بتلک الدول على اختیار التقنیة المناسبة لظروفهم التنمویة.

وعلى أیة حال، فمن خلال التأکید على دور تلک التقنیة کجزء مُکمِّل وحیوی ولازم لعملیات التنمیة، یُمکن للدول النامیة أو الآخذة فی النمو أن تتجاوز الفجوة الرقمیة التی تُعانی منها فی مواجهة الدول الغنیة، من خلال التخطیط لسیاساتها وإستراتیجیاتها التنمویة بوعی وإدراک حقیق لحجم مشکلاتها وقضایاها الداخلیة التی تُعانی منها، وبالتالی غالبًا ما تأتی الحلول مُناسبة ومُتفقَّه مع حجم وخطورة هذه المشکلات وواقعیتها فی نفس الوقت.

کما یمکن لتکنولوجیا الاتصالات والمعلومات والاتصال ووسائل الإعلام المختلفة أن تکون- بل أنها ستکون بالفعل- بمثابة أداة قویة لتخطی الکبوة القائمة والمُتمثلِّة فی الفجوة الرقمیة والانقسام الإنمائی، والإسراع بعجلة الجهود المبذولة من أجل تحقیق أهداف التنمیة فی الألفیة الجدیدة، والمُتمثِّلة فی القضاء على الفقر، الجوع، المرض، الأمیة، التدهور البیئی، وعدم المساواة بن النوع، ففی غیاب الاستخدام المُبتکر وواسع النطاق لتکنولوجیا الاتصالات والمعلومات، قد یستحیل بلوغ تلک الأهداف، وسوف تسعى هذه التقنیة لتحقیق الأهداف التنمویة المبتغاة شریطة زیادة قدرة أفراد وجماعات ومنظمات المجتمع للوصول أو النفاذ للمعلومات والمعرفة من خلال تعمیم وسائل الاتصالات الحدیثة وإتاحتها بأسعار زهیدة للمجتمعات المحلیة، مع حمایة حریة التعبیر کحق أساسی، مع ضرورة وضع إطار للسیاسات القومیة والمحلیة یتسم بالشفافیة ویمکن توقعه، ویُشجِّع على المنافسة.

الدمج بین تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات والتنمیة:

ومنذ عام 1993، تتضافر الجهود الدولیة بُغیة الدمج بین هذه التقنیة وبین برامج ومشروعات واستراتیجیات التنمیة، حیث یُمثِّل ذلک الأولویة الأولى بداخل البرنامج الإنمائی التابع للأمم المتحدة على مستوى العالم أجمع، باعتبارها تُمثِّل قوة دفع کبیرة تُسرِّع من التنمیة، وبالتالی لابد من تعظیم دورها، لأن تسهیل وصول أو نفاذ الأفراد لمصادر المعلومات والمعرفة من البدایات القویة لأیّ عملیات تنمویة فعَّالة، من حیث تحسین القدرة على استغلال الموارد المختلفة، بخلاف العمل على نشر الوعی الثقافی والبیئی والصحی والسیاسی، کما یأتی التعلیم على رأس هذه التقنیة الجدیدة.

ولقد توصَّلت الکثیر من الدراسات والبحوث إلى بعض الأدلَّة والبراهین التی تُؤکِّد على أن نشر تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات مکن أن یسهم فی حد ذاته فی إطلاق بعض المبادرات التنمویة، هذا بخلاف العمل على تحسین الأبعاد الأخرى المتصلة بالتنمیة المستدامة مثل الأبعاد الاقتصادیة والاجتماعیة والسیاسیة والبیئیة والثقافیة، کما أنها من جانب آخر تعمل على تطویر طرق وأسالیب العمل بالإدارات الحکومیة، وتُسهم فی تحسن الاقتصادیات الوطنیة بدرجة غیر مسبوقة، کما یُمکن لها أن تُحدث تغییرات وتحولات اجتماعیة وثقافیة کبیرة ممَّا یُسهم فی تنمیة وتطویر المجتمعات النامیة، ویُرسِّخ فکرة المشارکة الایجابیة واسعة النطاق بها.

ومن الواجب هنا أن نشیر لأهمیة الدور الذی یمکن أن یلعبه الأخصائی الاجتماعی فی تأکید أهمیة هذه التقنیة فی ربط الناس بالمجتمع، من حیث التأکید على قیم العدالة والمساواة وعلاقتیهما بالتقنیة، وکیف یُمکن استخدامها فی إجراء التغییر الاجتماعی المنشود فی المجتمع، باعتبارها تُمثِّل أحد أهم الأدوات التی تعتمد علیها مهنة الخدمة الاجتماعیة فی ترسیخ أو الترویج لقیمة التغییر الاجتماعی، فإذا کانت التقنیة الحدیثة مصدرًا من مصادر القوة، فیجب علینا أن نستعملها بالطریقة التی تُحقِّق الغایة منها، وهی مثلاً إجراء التغییر الاجتماعی للواقع الحالی سعیًا لواقع أفضل.

ما المقصود باستخدام تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات فی التنمیة؟

        رغم الدعوات المُتفائلة بشأن إمکانیات هذه التکنولوجیات الجدیدة الواعدة، نجد أن ثلث سکان العالم وحتى هذه اللحظة لا یملکون هواتف من أی نوع، وأن أقل من الخمس من هؤلاء فقط الذین أمکن لهم الدخول على الانترنت أو الاتصال بشبکات المعلومات، وتعکس هذه الإحصاءات وغیرها حجم الفجوة أو الهوّة الرقمیة بین الشمال الغنی والجنوب الفقیر النامی، والتی تُترجَّم فی عجز واضح لأغلب سکان المعمورة فی النفاذ لتکنولوجیا المعلومات والاتصالات، على أنه یمکن القول بأن هذه الورقة قد کتبت، من منظور مستقبلی استنادًا لتوصیات قمة "أوکیناوا" کما سبق ذکره فی البدایة.

        ورغم ذلک نجد بعض المنظمات الدولیة وعلى رأسها الاتحاد الدولی للاتصالات، قد دعم العدید من المشروعات والبرامج الخاصة بنشر تکنولوجیا الاتصالات الهاتفیة على أکبر مساحة ممکنة بالعدید من المناطق الریفیة الفقیرة بالعالم النامی، خاصة إبان عقدی الثمانینات والتسعینات.

        وثمَّة اعتقاد بأن تلک التکنولوجیا تُسهم بما یُطلق علیه فائض القیمة، أو القیمة المضافة، بمعنى أنها تُضیف دائمًا قیمة إیجابیة لبرامج التنمیة الجاریة بهذه الدول النامیة، ولا شک أن قمة أوکیناوا، وغیرها الکثیر من المبادرات، کانت تهدف فی الأساس إلى الربط بین استخدامات هذه التکنولوجیا وبین البرامج التنمویة الدائرة، بحیث تستفید الثانیة من الأولى بصورة عملیة.

        ولا شک أن الجدل الفکری، یدور حالیًا حول کیفیة استخدام أو استغلال هذه التکنولوجیا فی برامج التخفیف من حدة الفقر؟! البعض ممَنْ یُعارضون استخدام تلک التقنیات فی التنمیة یرون أنه من الأفضَّل أن توجه الجهود والأموال فی القضاء على الأمیة أو الارتقاء بالنواحی الصحیة للمواطنین، بدلاً من إتاحة الفرصة للمواطن للوصول للنت أو لمصادر المعلومات، إذ کیف یُمکِّن لهذا المواطن المریض أو الفقیر أو غیر المُتعلِّم أن یستفید من هذه التقنیات؟

        هؤلاء أیضًا  یشککون فی مصداقیة مقولة أن تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات تُفید فی برامج التنمیة، ویبررون شکوکهم هذه بالتأکید على عدم وجود الدراسات والبحوث ذات المصداقیة العالیة فی هذا الموضوع وأن الأمر لا یتعدَّى مُجَّرد أقوال متناثرة ومُتأثِّرة بالمیدیا.

        المؤکد فعلیًا، وردًا على تلک الدعاوی، أن تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات، لیس بالعصا السحریة التی بُمجرَّد التلویح بها، تنحل المشکلات والأزمات المزمنة للدول النامیة، فقط هی تُحدِّد لنا الطریق الصحیح الذی یُمکن أن نسلکه لبلوغ الغایات التنمویة، کما أنه قد تمثل القوة الدافعة للمجتمعات النامیة على مُحاربة الفقر، من خلال إتاحة الفرصة للمواطن للتعرُّف على ما یُحیط به من مشکلات وإثارة وعیه بالقضایا المجتمعیة الموجودة ودفعه للمشارکة الکاملة فیما یتصل بالشأن العام الذی یُؤثِّر بصورة أو بأخرى على حیاته.

الربط بین التنمیة وتکنولوجیا الاتصالات والمعلومات:

        هذه التقنیة إلى توافرت بالصورة المناسبة یمکن أن تدعِّم التنمیة بصورة کبیرة وجیدة خاصة:

1-   على مستوى الحکم والحکومة من خلال إتاحة الفرصة لصیاغة أنماط إداریة مناسبة لتأدیة الخدمات الاجتماعیة للمواطنین، تمکین هؤلاء من المشارکة الکاملة بعملیة صیاغة السیاسات والبرامج المتعلقة بهذه الخدمات.

2-   أیضًا على مستوى التعامل مع قضیة تخفیف حدة الفقر، من خلال منح الفقراء الذین یقطنون بمناطق نائیة من الوصول للمعلومات، المشارکة بصیاغة القرارات والسیاسات المتصلة بحیاتهم والعمل على دمجهم بالنسق الاجتماعی العام وعادة النظر فی أنساق الرعایة المُخصَّصة لمساعدة هؤلاء أو دعمهم.

3-   بالنسبة لإدارة القضایا البیئة، یُمکن تصمیم برامج لإدارة المعلومات الجغرافیة أو للتحذیر من حدوث الکوارث البیئیة قبل حدوثها، أو المساعدة فما یسمى بالأمن الغذائی للمواطن.

4-   فی مجالات الصحة ومکافحة الأمراض الفتاکة، من خلال إتاحة الفرصة للمواطنین للوصول للمعلومات الخاصة بهذه البرامج الصحیة أو المتعلقة بالأمراض وکیفیة الوقایة منها.

الدروس المستفادة من الربط بین استخدامات تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات والتنمیة یُمکن حصرها فی تحدیات ستة رئیسیة على النحو التالی:-

أولاً: تحدی الوعی، التنمیة: عامة تحتاج لأن یعیها المواطن جیدًا وأن یتجاوب معها أو أن یُشارک بها ولا یتم ذلک إلاَّ من خلال التعرُّف أو الوصول للمعلومات الخاصة بها، والقدرة على الوصول لمتخذی القرارات والسیاسات، شرط ذلک أن یُحدِّد هؤلاء طبیعة التقنیات المطلوبة لتمکین المواطنین من المشارکة ببرامج التنمیة، أیضًا تُفید هذه التکنولوجیا، المواطن أو الجماعات الموجودة على تفهُّم أو تبیُّن الأهداف التنمویة المبتغاة من جانب الدولة أو المؤسسات الرسمیة وبحیث یستطیع هؤلاء التأثر على واضعی هذه الأهداف بحیث تتفَّق مع الغایات والحاجات والطموحات التی یسعى هؤلاء المواطنون لها "صانعی السیاسة" متخذی القرارات" سواء على مستوى العالی من صانعی السیاسات ألو المستویات المتوسطة وهم فئة أو طبقة المدیرین المسئولین عن تنفیذ هذه السیاسات أو البرامج، کما یُمکن التأثیر على قیادات القطاع الخاص أیضًا من حیث دفعهم إلى الاستثمار فی الأنشطة التی تُفید العامة بالمجتمع بدلاً من الترکیز على الربحیة.

ومن الأهمیة بمکان أن نُشیر لدور کُلاًّ من المنظمات غیر الحکومیة والمنظمات العامة المدنیة الأخرى فی إرساء فکرة المشارکة للمواطنین فی کافة المراحل المتصلة بالتنمیة من خلال تقنیات المعلومات والاتصالات، حیث تعمل هذه المنظمات على ضمان فرصة وصول هؤلاء لمصادر المعلومات سواء محلیًا و إقلیمیًا، کما یُمکنها أن تزید الحوار الإیجابی بین الحکومة والأطراف المشارکة أو المستفیدة من التنمیة.

أیضًا من الأهمیة بمکان أن نضمن مشارکة کافة الأطراف المستفیدة من خدمات تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات فی مختلفة مراحل تنفیذ السیاسة التنمویة، انظر تجربة کل من، أوغندا، شیلی، وقیام کل منهما بإنشاء ما أُطلق علیه، مراکز الاتصالات، التی تُمکِّن العامة من الوصول أو النفاذ بسهولة لخدمات أو عوائد تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات، بعضها أُدیر بمنطق أو رُؤیة تجاریة اقتصادیة بحتة والأخرى أُدیرت من منطلق توفیر الخدمات المعلوماتیة للعامة بسعر زهید یُمکِّن هؤلاء من المشارکة الجدیَّة فی برامج التنمیة أو التعبیر عن آرائهم تجاهها".

ما العمل؟

        نعتقد أن البدء یکون من خلال، عقد ورش عمل ولقاءات ودورات تدریبیة مُکثَّفة، لکافة الأطراف المستفیدة من العملیات التنمویة أو المُتأثِّرة ببرامجها، لتعریف هؤلاء بکیفیة استخدام عائد تقنیة الاتصالات والمعلومات وکیفیة الاستفادة منها فی الوصول للمعلومات المرتبطة ببرامج التنمیة المختلفة.

أمثلة:

-       أطلق البرنامج الإنمائی للأمم المتحدة، مبادرة بأفریقیا للوصول للانترنت، أسس لها من خلال:

1-   عقد لقاءات وورش عمل للمستویات الإداریة العلیا على مستوى الوزراء المعنیین بقضایا الاتصالات والمعلومات بهذه الدول. لوحظ بنهایة هذا الورش، أن العدید من الدول الأفریقیة قد أبدت رغبة عارمة بالدخول بهذا المشروع.

2-    دراسة تقیمیة لمبادرة أخرى تمت بأفریقیا حول مشروع لبوابات الوصول السریعة للانترنت وإنشاء بنیة تحتیة معلوماتیة قبل البدء بهذا المشروع، ووجد أن ثمة ضرورة لفهم المغزى الکامن وراء هذا المشروع من قبل المُدراء والسیاسیین والتنفیذیین المشارکین بالمشروع قبل البدء بتفعیله إذا أُرید تحقیق نتائج إیجابیة من ورائه.

3-   تشجیع عقد الندوات على المستویات الوطنیة أو القومیة حول دور أو أهمیة تلک التقنیة، وذلک بهدف تحقیق الربط بین کافة الأطراف المشارکة بالتنمیة والتقنیات المستخدمة بالاتصالات والمعلومات والتعریف بهذه الأخیرة أو تشجیع هؤلاء على التدریب علیها لاستخدامها بکفاءة.

أمثلة:

-       القمة التی عقدة بدولة "کازاغیتان" عن دور وأهمیة تلک التقنیات، تُعبِّر فی ذات الوقت عن الاهتمام الحکومی باستراتیجیات الدمج بین برامج التنمیة واستخدامات تکنولوجیا المعلومات والاتصالات، خاصة وأن هذه القمة إستفرق الإعداد لها أکثر من ثمانیة أشهر، سواء من دعوة الأطراف المشارکة وضمان التأمین الحکومی لإقامة هذه الندوة أو القمة وتهیئة المناخ المحلی الداخلی القانونی أو الاجتماعی لتقبل أو للإقبال على تلک التقنیات الجدیدة وإزالة أیّ رهبة فی النفوس إزاءها وتشجیع المواطنین على التعامل مع هذه التقنیات بدون خوف، ومن الأطراف التی ساهمت بهذه القمة، کافة المنظمات غیر الحکومیة العاملة فی مجالات خدمة المجتمع.

4- استقطاب الکوادر اللاَّزمة لإدارة هذه المشروعات:

        المقصود بهؤلاء، مجموعة الخبراء الذین یمتلکون الخبرة والمهارة الکافیة واللاَّزمة لإدارة مشروعات الإنترنت، وفی نفس الوقت یتسلحون بدافعیة قویة وإیمان بتلک التکنولوجیات الجدیدة وأهمیتها على البیئة والمجتمع کافة وهم قادرون أیضًا على تعبئة الجهود والموارد لضمان نجاح ما یصبون إلیه وبدون تلک النوعیة من الأفراد لا یتحقق النجاح الکافی لهذه المشروعات، یُطلق علیهم مُسمَّى (الأبطال).

أمثلة:

  • لهؤلاء ضرورة ملحة لنجاح أی برنامج تنموی أو أی مشروع تکنولوجی جدید، ولتحقیق نجاح لبرامج التنمیة المستدامة فی ذات الوقت، ومن خلال قدراتهم أیضًا على التصدی للمشکلات العویصة التی تُقابل المجتمع وطرح الحلول لها، والمشارکة بفاعلیة وکفاءة ببرامج التطویر التکنولوجی، فی بعض الحالات التی لم یوجد بها هؤلاء الأفراد لم یکتب للبرامج النجاح وباءت جمیعها بالفشل.
  • المراجعة الشاملة التی قام بها البنک الدولی، لمبادرة الجامعة الأفریقیة الافتراضیة "التخیلیة" ألقت الضوء على أهمیة التحدید القطعی لتلک النوعیة من الأبطال أو العناصر اللاَّزمة لقیادة وإدارة مثل هذه البرامج، وهؤلاء القادة ذوی الرؤى المستقبلیة الإبداعیة.
  • مبادرة تمت بهدف تقییم أوضاع أو الحکم على فکرة الحکومة الالکترونیة، أکدَّت أیضًا على ضرورة وجود العناصر المُبدِّعة القادرة على التخیُّل والإبداع والإدارة لهذه البرامج، فی ذات الوقت، بیَّنت أیضًا أهمیة هؤلاء فی تحدید درجة النجاح أو الفشل للمبادرة من الأساس.
  • بعض التجارب التی تمَّت بمالیزیا، استونیا، أکَّدت أیضًا أهمیة وجود ذلک العنصر البشری القادر على إدارة هذه البرامج أو تلک المشروعات وفی نفس الوقت یملک المقدرة على دفع الجمیع والموارد المحیطة به فی اتجاه النجاح أو الغایة التی یقصدها.

لذلک یمکن القول، بضرورة العمل على توعیة المواطنین بأهمیة استخدام تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات، فی الوفاء بحاجاتهم وطموحاتهم فی وقت واحد، مع التأکید على ضرورة التدریب لهؤلاء المواطنون على استخدام تلک التقنیات بکفاءة، وأنه بدون مشارکة هؤلاء جدیًا بهذه البرامج فلن یُکتب لها النجاح أیضًا.

أمثلة:

  • مشروع تقنی، اتصالاتی ومعلوماتی، طُبِّق بالهند تحت إشراف أحد المراکز البحثیة المعنیة بتکنولوجیا المعلومات والاتصالات، بیَّن أن النجاح لهذه المشروعات رهن بالإعداد الجید لها، ومشارکة کافة الأطراف المستفیدة من هذه البرامج التنمویة فی ذات الوقت.
  • دراسة استرشادیة عن برنامج طموح للربط بین تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات والتنمیة المستدامة، أکد على أن نجاح التنمیة المستدامة رهن بضرورة وجود التقنیات المناسبة للمعلومات والاتصالات، التی تُحقِّق للفرد والمواطن الحق فی الوصول لمصادر المعلومات بسهولة ویسر وتُحقِّق له فی ذات الوقت حُریَّة المشارکة الإیجابیة.

5- إثارة الوعی فی الداخل والخارج:

        برنامج التنمیة المستدامة من خلال استخدام الشبکات، من أهم البرامج التی یُشرف علیها البرنامج الإنمائی للأمم المتحدة، وأطلق هذه البرنامج کمبادرة ترتبط بتکنولوجیا المعلومات فی سنة 1992،       استهدف البرنامج الإنمائی هنا لربط الدول النامیة من خلال مجموعة کبیرة من الشبکات ومساعدة کافة الأطراف المشارکة فی العملیات التنمویة سواء أفرادًا أم منظمات حکومیة أو غیر حکومیة.

        وذلک على الشراکة فی المعلومات التنمویة أو إتاحة الفرصة لهؤلاء للوصول لهذه المعلومات.

        المشروع استهدف أیضًا ربط هذه الشبکات المعلوماتیة بشبکة الانترنت الدولیة، والعمل على تدریب المستخدمین لهذه الشبکات "فی تسعة وثلاثین دولة" وستة وثلاثین من الجزر الصغیرة النامیة، بعض هذه المبادرات تطوَّرت إلى أن أصبحت قادرة على تنمیة وتمویل نفسها ذاتیًا.

        وبخلاف تأثیر هذه المبادرات أو تلک المشروعات على هذه الدول النامیة فإنها لعبت أیضًا دورً لا یستهان به فی إثارة الوعی لدى العوام إزاء أهمیة المشارکة بالقضایا التنمویة أو القضایا العامة التی تتصل بحیاتهم الخاصة وبالمجتمع، لفتت المبادرات تلک نظر الناس کذلک لأهمیة الدور التی یمکن لتکنولوجیا الاتصالات والمعلومات أن تُحدِّثه فی النفوس والعقول سواء العامة أو متخذی القرارات أو صانعی السیاسات، خاصة إذا اشترکت بهذه المشروعات هیئات أو منظمات دولیة یُعتَّد بها فی ذلک المضمار، مثل: البرنامج الإنمائی للأمم المتحدة.

        وزیادة أو إثارة الوعی، من النقاط الرئیسیة التی تهدف تلک المشروعات إلى بلوغها، فهی تعنی أن یتعَّرف الفرد عن کثب بالمتغیرات أو المعطیات المحیطة به والتی تُؤِّثر على مجریات حیاته فیما بعد،

أمثلة:

  • تقییم مُحدَّد لمشروعات الاتصالات بدولة کولومبیا، حیث وُجد أن المشروع والمُعدَّات الجدیدة قد خلَّفت آثارًا إیجابیة لا یُمکن تخیلها على الأفراد والجماعات الموجودة، من حیث المعرفة بالمشکلات الموجودة أو السعی للمشارکة بطرح الحلول عنها. اتضح لنا کذلک أن الأهداف المُبتغاة من وراء تلک المشروعات ینبغی أن تُصاغ بالمشارکة بین کافة الأطراف المستفیدة أو المُتأثِّرة بهذه المشروعات.

ثانیًا: تحدی السیاسات الموجودة:

        نُوکِّد على أن المبادرات وتکنولوجیا الاتصالات والمعلومات یتأثران بالسیاسات القائمة، ومن ثم فزیادة فعالیة هذه البرامج أو تلک المبادرات یتم فقط من خلال تنشیط أو بدعم القوى السیاسیة الموجودة بالمجتمع، ومن ثم أیضاً کانت أشکال الرقابة على تدفق المعلومات من أشد الأمور التی تُسیطِّر بها القوى السیاسیة فی أی مجتمع "صحف، مجلات، رادیو، تلیفزیون، سینما.... إلخ".

        ومن هذا المنطلق کانت المبادرات الخاصة بمشروعات الوصول للمعلومات للفرد المواطن من خلال تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات، من أخطر وأهم الخطوات التی یُمکِّن اتخاذها على مستوى الدول النامیة أو الفقیرة للتغلُّب على سیطرة القوى أو النُخبة السیاسیة الحاکمة على القنوات التی تنساب منها المعلومات للمواطنین.

        وترتبط هذه الخطوة أیضًا بقدرة المواطن فیما بعد على المشارکة التنمویة الجادة فی کافة الأنشطة التنمویة نتیجة لحالة الوعی الجدید المثارة بفعل التواصل مع مصادر المعلومات الجدیدة.

        "والجدیر بالذکر أن هناک العدید من المشروعات التکنولوجیة المعلوماتیة، قد أُغلقت بسبب اعتبارات سیاسیة، أنظر تجربة أوغندا، بشأن إدخال تکنولوجیا الارتباط بالانترنت" حیث تغلَّب قضایا الأمن والسرَّیة على قضیة الأخذ بالتکنولوجیا الجدیدة بهذه الدول، ونجد أن تلک سمة تُمیِّز الدول النامیة بوجه عام، ممَّا یشق على القائمین على مشروعات ومبادرات الربط التکنولوجی.

  • نموذج آخر حول فشل بعض المشروعات الطموحة بالمکسیک "اتصالاتیة" سنة 1997، ویُعزى هذا أن تلک المشروعات وعددها 23 مشروعًا قد أقیمت بالمناطق الریفیة وبنهایة سنة 1999، بقیت اثنتین فقط قید النشاط، ویُعزى الفشل هنا لأسباب ومعوقات سیاسیة وثقافیة واجتماعیة تسود تلک المناطق، حتى أن هذه المشروعات الطموحة خضعت فی النهایة للحسابات السیاسیة وللممارسات الانتخابیة التی تتم بهذه المناطق الریفیة والمحصلة بالطبع کانت سلبیة الأثر من حیث استغلال هذه المراکز أو تلک المشروعات وغیرها لتحقیق مکاسب سیاسیة للبعض.

بخلاف التحدیات القائمة من أصحاب النفوذ الذی کان  یُخیل لهم أن تلک المشروعات سوف تُحد من تأثیرهم ونفوذهم على الناس، باعتبارهم محتکرین للمعرفة ولمصادر المعلومات بهذه المناطق.

ولا یجب أن نغفل الدور الذی یُمکن للحکومة نفسها أن تلعبه فی زیادة نجاح أو إعاقة تقدم هذه المشروعات خوفًا من تقلص تأثیرها على الناس أو المجتمع، ولنظرات الشک والریبة التی تُبدیها الأجهزة الحکومیة تجاه هذه المبادرات والمشروعات، باختصار مثل هذه العوامل السیاسیة والثقافیة الموجودة یُمکن أن تُحدِّث أثارًا سلبیة قد تعجز هذه المشروعات عن مواصلة نشاطاتها.

ما العمل؟

        الواجب أن نبدأ العمل فی المشروعات والمبادرات الخاصة بتکنولوجیا الاتصالات والمعلومات من منطلق توافر الفهم والإدراک الواجبین واللازمین تجاه أهمیتها للفرد والتنمیة على السواء تجنبًا لعوامل الفشل والسقوط، من الأهمیة بمکان أن نتفهم أیضًا العوامل الثقافیة والسیاسیة القائمة وعلاقات القوة التی قد تُحد من أداء هذه المشروعات.

        من ناحیة أخرى یُفضَّل اللجوء للمشارکة الکاملة للکافة فی عملیة صیاغة الخطط والبرامج الخاصة بهذا المشروعات التکنولوجیة تجنبًا لعثرات السقوط.

أمثلة:

  • أحد البرامج التنمویة المستدامة، التی ارتکزت على تقنیة شبکات المعلومات، التی لاقت نجاحًا منقطع النظیر ببعض البلدان، ولاقت فشلاً فی بعضها الآخر ویُعزى السبب لضآلة المشارکة العامة بهذه المشروعات، ممَّا یعنی أن المشارکة هی المُحدِّد الرئیسی فی نجاح أو فشل مثل هذه المشروعات.
  • أحد المشروعات التی تبناها البرنامج الإنمائی للأمم المتحدة لمبادرة التجارة عبر الانترنت ولنظام الاستثمار بالمملکة العربیة السعودیة، وُجد بالتقییم أن، النظام التکنولوجی قد حقَّق نجاحًا ملفتًا للنظر على مستوى وزارة الخارجیة السعودیة، بسبب مشارکة الکوادر بهذه الوزارة لعملیة تخطیط هذه البرامج منذ البدایة.

أیّ أن الوعی أو الفهم الجید والمشارکة بالمشروع منذ البدایة هو الذی یحدد مسار النجاح أو الفشل فیما بعد.

والقول أیضًا بأن المشارکة بدورها تتأثر بالعوامل السیاسیة القائمة:

        من المعروف أن مفهوم المشارکة فی حد ذاته یتأثَّر بالمُتغیِّرات والقوى السیاسیة والثقافیة السائدة فنجد أن بعض البلدان ذات تراث ضخم من التسلطیة فی الإدارة والحکم، ومن هنا یصعب القول بتقبلها أساس فکرة المشارکة الکاملة بهذه البرامج للعامة، أی أن المناخ الثقافی والسیاسی الموجودة یُحد فعلاً من الأخذ للنهایة بفکرة المشارکة، ومن ثم ینبغی العمل فی البدء على تهیئة المناخ الثقافی والسیاسی على تقبل فکرة أو فرضیة المشارکة قبل التطرُّق فعلاً للتطبیق لهذه المبادرات التکنولوجیة الجدیدة منعًا للفشل أو التعثر لها منذ البدایة.

ثالثًا: تحدی العملیة:

        یقصد بذلک جُملة المعوقات التی تُحد من قدرة الفرد أو الجماعة على الوصول الکامل لمصادر المعلومات بسبب:

1-   الافتقار للبنیة المعلوماتیة التحتیة:

وتعزى تلک المعوقات أیضًا لعوامل اقتصادیة أو تعلیمیة أو "سوسیو- ثقافیة" مثلاً، نجد أن المجتمعات الفقیرة أو التی على وشک السقوط بهوة الفقر، أقل قدرة على الوصول لمصادر المعلومات هذه، ومن ثم یُمکن القول بأن الإرادة السیاسیة والاجتماعیة لا یفیان فی تحقیق تلک القدرة على النفاذ أو الوصل لهذه المصادر فینبغی أیضًا أن تُوجد القدرات والموارد المادیة اللاَّزمة لتحقیق هذا الوصول.

2-   المعوقات المادیة للوصول والمشارکة:

فی المناطق النائیة والریفیة الفقیرة، نجد مُجمَّع من المحتوى السکانی المحدود والمسافات الجغرافیة الشاسعة والفقر، کل هؤلاء وغیرهم، یعملوا على الحد من القدرة الاستثماریة فی مجالات الوصول أو المشارکة الفاعلة بمشروعات الربط التکنولوجیة الجدیدة هذه.

3-   المعوقات الاقتصادیة التی تُحد من النفاذ:

فی کلاًّ من الدول النامیة أو الآخذة بالنمو، نجد أن معظم الناس بهذه الدول تُعانی من نُدرة الدخول أو من الفقر الذی یمنعهم من الوصول أو النفاذ لمصادر المعلومات، لارتفاع التکلفة من وجهة نظر هؤلاء فی ضوء ضآلة الدخول لدیهم، ومن ثم فالحل لمشکلة هؤلاء لا تکون إلاَّ من خلال العمل على تحسین مستویات دخولهم فی البدء قبل التطرق لهذه المشروعات، مع العمل أیضًا على تدنیة تکلفة الوصول لهؤلاء بما یتناسب مع قدراتهم المالیة هذه.

4-  المعوقات التعلیمیة التی تُحد من النفاذ:

على مستوى الدول النامیة نجد أن المقدرة على الوصول للتکنولوجیات الجدیدة تتحدَّد بالمستوى والمهارات التعلیمیة المتاحة للفرد، ونجد أنها مُتوفِّرة فقط بین أبناء عِلَّیة القوم أو النُخبة المُتعلِّمة بالحضر، حیث 98% من مستخدمی الانترنت بهذه الدول من تلک الفئة، حاصلین على الأقل على شهادات جامعیة، بینما نجد بعض البلدان من تلک الدول لا یزید بها مستوى التعلیم العام إلى ما دون 65% من جملة السکان، علمًا بأن استخدام تلک التقنیات الجدیدة یتطلَّب بداهة توافر المقدرة التعلیمیة المناسبة لدى الأفراد بالمجتمع.

5-  المعوقات السوسیو- ثقافیة:

لا شک، وقد سبق التأکید على هذه النقطة، من أن العوامل السوسیو- ثقافیة، تلعب دورًا لا بأس به من حیث التأثیر على نجاح أو فشل الأخذ بهذه التکنولوجیات الجدیدة، خاصة بین المجتمعات التی یشیع بها استبعاد بعض الفئات السکانیة بسبب أوضاع أو ظروف طبقیة أو دینیة أو ثقافیة أو عقائدیة، ولا شک أیضًا أن هذه العوامل من القوة بحیث تستطیع فعلاً التأثیر أو تعطیل هذه المبادرات أو تلک المشروعات بصورة فعلیة.

ومن ثم یجب الحرص الشدید عند صیاغة أو وضع البرامج التکنولوجیة الجدیدة بحیث تُراعى هذه المُتغیِّرات أو العوامل، بحیث نعرف کیف نتعامل معها مبدئیًا أو کیف نتغلب علیها. خاصة وأن هذه المشکلة یتمخَّض عنها مُشکلة أکبر وأخطر وهی الخاصة بتدریب أو تنمیة مهارات هؤلاء المهمشون أو المستبعدون على کیفیة استخدام هذه التقنیات الجدیدة!

ومن المعوقات الثقافیة الأخرى التی قد تواجه مُطوِّری أو واضعی تلک المُبادرات التکنولوجیة الجدیدة بالمجتمعات النامیة، أن البعض من هذه المجتمعات المحلیة تقوم ثقافاتها المحلیة على التناقل والموروث الشفاهی من جیل لآخر، وهؤلاء على یقین أو عقیدة من ماضیهم أو تراثهم وتساورهم الشکوک إزاء إمکانیة التعامل مع منطق جدید یقوم على تداول الملفات والنصوص والصور بطریقة تخیلیة غیر محسوسة.

6-  مشکلة التباین واللامساواة بالنوع:

الملاحظ أن لیس ثمَّة أیّ مساواة بین النوع إزاء التعامل مع التکنولوجیات الجدیدة، خاصة الوصول ألو النفاذ لمصادر المعلومات وعلى وجه الدِّقة التعامل مع شبکة الانترنت "62% من مستخدمی النت بالدول اللاتینیة من الرجال مقارنة بـ 83% بالسنغال وترتفع هذه النسبة إلى 86% فی أثیوبیا" والعوامل هنا مُعقَّدة ومتداخلة ممَّا یصعب حصرها فی هذه الورقة البحثیة وینبغی أن نفرد لها أبحاثًا طوالاً.

أمثلة:

تشجیع الوصول: الوعی بالمکان!

        فی مدن جنوب أفریقیا: نجد أن مراکز الوصول لمصادر المعلومات متاحة بالمکتبات العامة، بعد فترة أتیحت بأماکن مُستقلَّة بذاتها، علَّل البعض هذا بدعوى أن المکتبات العامة بمثابة أماکن رسمیة حکومیة قد تخضع مراکز الوصول هذه للرقابة أو السیطرة المباشرة لها، أیضًا بسبب الحساسیة التی تراود البعض حول المکتبة باعتبارها مکان للمفکرین والمثقفین، ومن ثم رأى هؤلاء القائمون على تلک المبادرة نقل هذه المراکز بالقرب من محطات المترو، تشجیعًا للکافة أو العامة على الوصول لمصادر المعلومات بسهولة ویُسر، وضمان لحق الفئات المُهمَّشة فی النفاذ لهذه المصادر، علمًا بأن الذین أقبلوا على هذه المراکز کانت الفئات العاملة ذات الدخول، والمتعلمة فی ذات الوقت.

ما العمل؟

        التکنولوجیات الجدیدة، یمکنها أن تحل مشکلة المناطق النائیة فی الاستفادة من خدمات تکنولوجیا الاتصالات التقلیدیة التی کانت تحتاج لبنیة تحتیة ذات تکلفة کبیرة، یُمکن الاستفادة هنا من تکنولوجیا تولید الکهرباء من المصادر الطبیعیة کالشمس والریاح فی تحقیق الربط بین تلک المناطق النائیة والتکنولوجیة الجدیدة، أیضًا یُمکن الاستفادة من وصلات الاتصال بالأقمار الصناعیة للخروج بهذه المناطق من عُزلتها الجغرافیة هذه.

        إذن هذه التکنولوجیات یُمکِّنها أن تُحقِّق قدرة هذه المناطق بسکانها على التواصل والمشارکة بالقضایا المثارة وفی نفس الوقت الوصول بسهولة لمصادر المعلومات بسهولة ویسر.

أمثلة:

        بنجلادیش: من أقل الدول تحقیقًا للربط مع الشبکات المعلوماتیة الجدیدة، حوالی 97% من منازلها فی الریف تفتقر لوجود أجهزة الهاتف اللاَّزمة للارتباط بالنت، ممَّا دعا بنک "جرامین" للتدخل بمشروع تقوم فکرته على المساعدة لهؤلاء الفقراء الریفیون على إدخال الهاتف مقابل تقسیط الثمن لفائدة مُخفَّضة، على أقساط عدیدة، أیضًا تبنَّت الحکومة فکرة إدخال تکنولوجیا الهواتف الخلوَّیة بهذه المناطق الریفیة المعزولة عن العمران أو النائیة عن الحضر، إتاحة لهؤلاء الفقراء لفرصة الدخول والوصول لمصادر المعلومات بسهولة وبتکلفة مناسبة.

        فی هندوراس: أصبحت القرى المنعزلة جغرافیًا فی منطقة "سان رامون" من أولى المناطق بأمریکا اللاَّتینیة التی تدخلها خدمة الهواتف المحمولة أو الخلویة، مساهمة فی ربط هذه المناطق بمصادر المعلومات وتحقیقًا لزیادة الوعی لدى هؤلاء.

        والجدیر بالذکر أنه بالنسبة للدول النامیة لا ینبغی أن نُرکِّز على التکنولوجیات الجدیدة فقط بل ینبغی العمل على المزج بین القدیم والجدید وصولاً للغایة المرجوة وتخفیضًا للتکلفة واستفادة من التکنولوجیا المتاحة والتی تُناسب القدرات المالیة لهذه الدول.

أمثلة:

        فی الهند: أجرت تجربة فریدة فی الاستفادة من التکنولوجیا المُتاحة بعد المزج بینها وبین بعض من تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات فی حصر عملیة التصویت بإقلیم "التامیل" من خلال تجربة التصویت عبر الانترنت لهؤلاء القاطنون بأماکن نائیة بهذا الإقلیم.

7-  العمل على تمکین الوسطاء:

ویُقصد بهم تلک المنظمات التی تعمل کوسطاء بین الجمهور وتکنولوجیا الاتصالات والمعلومات، وبدون أن یتعرَّف هؤلاء جیدًا على قدرة وحدود تلک التکنولوجیا الجدیدة، فلن یُمکن الحصول على النتائج المرجوة من ورائها، ولذلک فهذه هی الخطوة الأولى عند وضع الخطط التکنولوجیة.

أمثلة:

        فی "أوغندا": قامت أحدى المنظمات غیر الحکومیة بتنفیذ برنامج طموح لتحقیق التدریب والتنمیة لقدرات الناس على استخدام التکنولوجیات الجدیدة فی المناطق الریفیة الفقیرة، وشارکت هذه المنظمة أیضًا فی إقناع الناس بضرورة الاستفادة من تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات، فی تحسین أحوالهم المعیشیة والوصول لمصادر المعلومات والمشارکة الجدیَّة ببرامج التنمیة المختلفة الدائرة على مستوى المجتمع، وعملت هذه المنظمة أیضًا وبالتعاون مع الغیر على تیسیر حصول الفقراء على وحدات تولید الطاقة من الشمس، لتمکینهم من الارتباط عبر الانترنت، أو استخدام تلک التقنیات بسهولة.

8-  زیادة الوعی بأهمیة المساواة بین النوع عند استخدام تلک التقنیات الجدیدة:

قضیتی النوع والمشارکة، من القضایا الشائکة التی یُمکن أن تُهدِّر أو أن تجهض أیّ مبادرات أو أی برامج تنمویة، فکیف تتحقَّق التنمیة بدون مشارکة هؤلاء المُتأثِّرون بها أو المستفیدون منها؟

وکیف تتحقَّق التنمیة أو النجاح لأی مبادرة اجتماعیة بدون ضمان المساواة بالنوع من حیث المشارکة أو الوصول للخدمة أو الانتفاع بها؟ أسئلة عدیدة نجد الإجابة عنها فی الأمثلة التالیة:

"تجربة بنک "جرامین" فی بنجلادیش حول خطة إدخال تقنیة الهواتف الخلویة والعمل على تمکین بعض المشروعات النسائیة من إنتاج سماعات الید أو الأذن لهذه الهواتف، أدى هذا لتشجیع النسوة على الإقبال على استخدام هذه التکنولوجیات"

والجدیر بالذکر أن تبنى منهج أو مدخل لتکنولوجیا الاتصالات والمعلومات على المستوى القومی یستلزم بداهة وجود رغبة وإرادة وإصرار من الجمیع على الأخذ بها والرقی بأوضاعهم.

رابعًا: تحدی الملاءمة والاستخدام المفید:

        ثمَّة ثلاثة قضایا مُتداخلة فیما بینها، ومُرتبطة أیضًا بهذا التحدی وهی:

القضیة الأولى:

        أن هذه المبادرات التکنولوجیة لن تکون مُناسبة ما لم تُصاغ فی ضوء معلومات مناسبة عن ظروف وأوضاع المجتمع المحلی نفسه، وأن تُحدِّد فی ذات الوقت أیضًا حاجات الفرد أو المستخدم النهائی من المعلومات التی یُریدها، المعنى هنا، الترکیز على المعلومات أو المحتوى المعرفی الذی یُفید هؤلاء فعلاً خاصة الفقراء أو القاطنون بأماکن نائیة.

مثال:

العرض والطلب على المعلومات فی جنوب أفریقیا

ملاءمة أو عدم ملاءمة المعلومات.

        فی سنة 1995، قام مکتب حاکم إحدى المقاطعات فی الشمال الغربی من البلاد، بإطلاق مبادرة طموحة وعملاقة لإتاحة الحق لأکثر من ستة ملایین نسمة من الریفیین الفقراء للوصول للمعلومات، من خلال ما یُعرف بأکواخ الانترنت "الوصول للمعلومة على النت من خلال لمس الشاشة لجهاز الحاسب الآلی" وفَّرت هذه الأکواخ المعلوماتیة، معلومات جغرافیة واقتصادیة واجتماعیة، عن البرامج الحکومیة المُزمَّع إنشائها بهذه المناطق، والملاحظ أن النقد لهذه الفکرة انصب على أن المعلومات لم تکن مُفیدة حقًا للناس بهذه المناطق بقدر ما کانت دعایة وعلاقات عامة للحکومة نفسها، على النقیض من ذلک قامت مدینة "الکسندرا" بذات الدولة بتبنی فکرة إقامة قاعدة بیانات ضخمة عن کافة المعلومات المحلیة، دیموجرافیاً وجغرافیاً واقتصادیًا واجتماعیًا وثقافیًا بل وحتى اثنیَّا، وجنَّدت لها طلبة المدارس والجامعات لإدخال تلک البیانات، على اعتبار أن ذلک ضمن الفروض المنزلیة الواجبة الأداء، ثم ربط هذه القاعدة بالانترنت، وإتاحة الفرصة للجمیع بالمجتمع المحلی للوصول لهذه المعلومات.

القضیة الثانیة:

        وحتى على فرض أن الوصول لهذه المعلومات مُفید، فإن عوائد هذا الوصول من الناحیة التنمویة سوف یتم تجاهلها، ما لم یمتلک المستخدَّم النهائی المقدِّرة على التصرُّف، بمعنى آخر أن تلک المعلومات المتوافرة على النت عن المجتمعات المحلیة لن یُصبح لها فائدة ما لم تتوفر البنیة التحتیة المادیة من طرق وکباری ووسائل نقل تُیسِّر للفرد بهذه المناطق الریفیة أن یصل للخدمة أو المُنتج الذی وصل إلى معلومات فعلیة عنها، المعلومات عنصر هام، لکنها أحد العناصر ضمن أخرى مثل النقود والبنیة التحتیة المادیة.

القضیة الثالثة:

        تعمل تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات بکفاءة عندما تکون هناک رغبة فعلَّیة وواضحة فی الوصول للمعلومات، فالدراسات تُؤکِّد على أن 80% من المبادرات الخاصة بالحکومة الالکترونیة باءت بالفشل إمَّا کُلیَّة أو جزئیًا، ویرجع ذلک لغیاب الرؤیة الشاملة وغموض الأهداف من وراء هذه التقنیات الجدیدة أو هُلامیة الغرض من وراء التمسُّک بهذه الأفکار الجدیدة، على أنه ینبغی مراعاة أن تقنیة الاتصالات والمعلومات مفیدة حقًا على مستوى التطویر للإدارة العامة أو الحکومیة فی البدء قبل طرح أو تفعیل أی مبادرات تکنولوجیة.

مثال:

الفشل والنجاح فی المبادرات الخاصة بالحکومة الالکترونیة:

        رغم البدایة القویة من جانب الولایات المتحدة الأمریکیة باعتبار العالم بمثابة سوق کبیرة ومحاولتها ربط کافة أسواق ومنظمات العالم المختلفة من خلال ما أُطلق علیه الحکومة الالکترونیة سنة 1995، لربط أو توصیل المنتجین بالمستهلکین، إلاَّ أن المشکلة تمثَّلت فی صعوبة ضمان مستوى الجودة أو شروط التسلیم، على النقیض من هذه التجربة الفاشلة نُشیر لأخرى من "بیرو" بینت کیفیة استخدام النت فی تبصرة المنتجین المحلیین بالأسواق الخارجیة خاصة الغربیة منها، کما مکَّنت المنظمات التجاریة الصغیرة والمتوسطة بطول البلاد وعرضها من التواصل فما بینها من حیث التعاملات التجاریة، والتوجیه بقوة للعالم الخارجی.

انظر، تجربة بعض المنظمات الأثیوبیة الناجحة أیضًا فی هذا الصدد.

ما العمل:

أ- عند تقییم الحاجة للمعلومات للخدمات، سواء للمنظمات أو الأفراد ینبغی أن یتم التقییم من زاویة الطلب على هذه المعلومات ولیس من جانب المعروض منها:

إذا أن الواقع الذی ینبغی أن یُراعى هو الطلب على المعلومة کمقیاس للجودة والثقة بهذه المعلومات، والمقصود بالطلب على المعلومات، حاجة المستخدم النهائی لها وإقباله علیها، ومن ثم یجب أن یکون هذا هو الأساس فی عملیة التقییم، من ناحیة أخرى یُفضَّل أن یُنظر لمبدأ المشارکة کأحد عناصر التقییم الفعلی.

أمثلة:

        فی الهند: نجد أن مراکز الاتصالات والمعلومات، على مستوى القرى الریفیة قد حققَّت نجاحات تُذکر بسبب قدرتها على زیادة أو إثارة الوعی لدى الناس بأهمیة المعلومة والسعی الحثیث للوصول إلیها والمشارکة فیما بعد فی مختلف الأنشطة التنمویة.

ب- الترکیز على المعرفة المحلیة: غالبًا ما تکون هذه النوعیة من المعارف المحلیة مُفیدة للسکان المحلیین وللمهتمین ببرامج التنمیة بصفة عامة، ومن ثم ینبغی أخذها بالاعتبار عند التخطیط لمشروعات التطویر التکنولوجی.

أمثلة:

        أحد المشروعات التی أُطلقت برعایة وتمویل من منظمة الفاو، لاستخدام تقنیة الفیدیو فی تدریب السکان بالمناطق الریفیة على تجمیع أو الوصول للمعلومات والمعارف المحلیة من صغار المزارعین أو کبار السن، المشروع أیضًا اتَّخذ بُعدًا خاصًا بالانترنت، من حیث إتاحة الفرصة لباقی السکان للوصول لهذه المعلومات والاستفادة منها فی أنشطتهم التنمویة المختلفة بالمجتمع.

ج- ضرورة إجراء الدراسات المیدانیة لتجمیع المعلومات وإنشاء قواعد البیانات عن حاجات المجتمعات المحلیة: مع التأکید على ضرورة دراسة نسق المعلومات المحلی التقلیدی وکیفیة الاستفادة منه عند التطرق لتکنولوجیا الاتصالات والمعلومات.

مثال:

        فی الهند، لهذه التکنولوجیات الجدیدة المقدرة على تحسین أحوال وظروف عمل الجمعیات التعاونیة الإنتاجیة العاملة فی مجال تجمیع الألبان وتوزیعها مرَّة أخرى، قبل استخدام وتطبیق هذه التکنولوجیا الجدیدة أضحى من الممکن تسریع عملیة اختبار اللبن وتحدید رتبته ودرجة الدسم به، وسرعة استلامه من المزارع، ممَّا انعکس على کلا الطرفین الجمعیة والمزارعین إنتاجًا وربحیة.

د- العمل على دعم ومساعدة المستخدم النهائی على التعامل مع المعلومات التی یحصل علیها:

مثال ذلک:

        أحد المشروعات التی تمَّت بإشراف وتمویل هیئة المساعدات الأمریکیة، لتدریب صغار المزارعین بدولة "جواتیمالا" على کیفیة الوصول للمعلومات الیومیة عن الأسواق المحلیة والدولیة والأسعار عن المنتجات الزراعیة وکیفیة إبرام الصفقات والمعاملات التجاریة، بموجب ذلک فی النهایة أضحى هؤلاء قادرون على التفاوض بشروط تجاریة عادلة لصالحهم بصورة لم تکن تحدث من قبل.

هـ- تمکین الوسطاء:

        کما ناقشنا من قبل، هؤلاء الوسطاء یُمکن أن یلعبوا دورًا حیویًا فی التوسُّط فی نقل المعلومات المناسبة لهؤلاء المستخدمون النهائیون خاصة الفقراء منهم.

و- الشباب من الفئات السکانیة الأکثر استفادة واستهدافًا للتدریب على استخدام هذه التقنیات:

        حیث یجب أن نُرکِّز بصفة خاصة على النشء والشباب من حیث استخدام تلک التکنولوجیات الجدیدة والتدریب علیها باعتبار هؤلاء هم الرکیزة التی یعتمد علیها أی مجتمع للتطور والتقدم.

خامسًا: تحدى الاستدامة:

        عملیة الاستدامة تتمیَّز بوجود إطار زمنی غیر واقعی للتنفیذ، تدریب غیر کافی واختیار غیر ملائم للتکنولوجیات، وأحیانًا تکون التکنولوجیا البسیطة أقدَّر على تحقیق نتائج أفضل.

ونُلاحظ ذلک خلال المبادرات التی تمَّت فی العقود الماضیة للربط بین الاستدامة والتکنولوجیة من خلال الاعتماد على المساعدات الخارجیة فی تحدید شکل التکنولوجیا المناسبة للتنمیة المستدامة مُتجاهلین حاجة المجتمع المحلی بأفراده وجماعاته التی قد تتعارض مع تلک التکنولوجیات الوافدة، بخلاف ما سبق نجد أن ثمَّة الکثیر من المعوقات السیاسیة والثقافیة والتقالید التی قد تُحد جمیعها أو تُعیق من استخدام تلک التقنیة الوافدة من الخارج أو تنصبها العداء.

الخلاصة، أن نجاح جهود التنمیة المستدامة رهن بضرورة تفهم المستخدم النهائی لنوعیة وطبیعة التکنولوجیة المستخدمة وکیفیة استغلالها على مستوى البرامج التنمویة المستدامة، شریطة أن تتناسب هذه مع تلک،       وینبغی أیضًا أن یصحب تلک البرامج جدول زمنی مُتفق علیه ومحدد للتنفیذ یحقق عملیة المزج هذه بعیدًا عن البیروقراطیة والتعنت الحکومی أو للجهات المانحة أو الممولة لهذه البرامج.

        وتشیر الدراسات المتواترة إلى أن الوقت دائمًا لم یکن کافیًا للتنفیذ ممَّا أثَّر سلبیًا على تلک البرامج بالکامل وعجَّل بنهایتها وفشلها، ولذلک وجد البرنامج الإنمائی للأمم المتحدة فی دراسة تقیمیة له عن مبادرات لإدخال النت بین بعض البلدان الأفریقیة، بعد ثلاثة سنوات من بدایة المشروع، أن خمسة فقط بین کل عشرة دول مستهدفة من البرنامج هی التی استطاعت فعلاً تحقیق نتیجة إیجابیة مُرضیة، وقد أوصت تلک الدراسة التقیمیة بضرورة مدّ فترة التمویل أربعة سنوات أخرى للتغلُّب على تلک المعوقات التی وقفت فی طریق الدول الأخرى وحادت بها عن الطریق.

  • عدم کفایة التدریب، من النقاط المُهمَّة أیضًا فی تحدید مصیر برامج الأخذ بالتکنولوجیا الجدیدة المتقدمة أو للربط بینها وبین التنمیة المستدامة، لذلک کانت التوصیات دائمًا حول أهمیة التدریب خاصة الاستمراریة به والعمل على خلق جیل من المدربین الموثوق فی قدراتهم لإعداد الکوادر المُؤهلَّة من المستخدمین النهائیین لهذه التقنیات، انظر تجربة، کولومبیا، زامبیا، الصحراء الکبرى بأفریقیا فی هذا الشأن.... .
  • الاستدامة لا تتحقق عندما لا تتناسب التکنولوجیا:-

من الأهمیة بمکان أن نُؤکِّد على العلاقة القویة بین تحقُّق التنمیة المستدامة والأخذ بالتقنیة المناسبة وما لم تتناسب الأخیرة مع التنمیة فلن تتحقَّق هذه  بدورها بالصورة المطلوبة، بل أن تلک التقنیات الجدیدة قد تُعیق آنذاک عملیة التنمیة بأسرها، خاصة بین المجتمعات الریفیة والحضریة الفقیرة، ومن ثم یجب أن تتلاءم التکنولوجیة المستخدمة مع حاجة الفقراء أو المجتمع المحلی ومع مُتطلبات التنمیة على السواء.

لذلک قام الاتحاد الأوروبی بدراسة تقییمیة على المعوقات أو المثالب التی ترتبط بالاستخدام الخاطئ للتکنولوجیات غیر المناسبة، الدراسة طبقت على 38 جمعیة تعاونیة تعمل فی تجارة الألبان، والتی طلبت بدورها تکنولوجیا متطورة فی صورة نظم معلومات إداریة ونظم حواسب آلیة متطورة، الدراسة بینت أن الاستخدام لهذه التقنیة المتطورة إنمَّا تمَّت بشکل عشوائی لم یُخطَّط له قبلاً أو للمستقبل، ممَّا حدا بالنهایة لهذا النظام جمیعه أن یتردَّى فی هاویة الفشل.

ومن ثم الاستدامة التی نقصدها هنا هی تلک المُتعلِّقة باستمراریة استخدام التقنیة فی ضوء تحدید المناسب منها فی ضوء حاجات المجتمع المجلی "ریفی/ حضری".

ما العمل؟

        ضرورة الربط بین الأنشطة وأطر زمنیة واقعیة للتنفیذ: خاصة فی ضوء تفهم حاجات المستفیدین فعلاً من هذه البرامج والعمل على تدریب وتنمیة مهارات هؤلاء على استخدام تلک التقنیات الجدیدة، مع المراجعة المُستمرَّة لهذه التکنولوجیات بصورة مُستمرَّة أیضًا وحذف أو استبعاد غیر المناسب منها.

مثال:

فی الصین: بذل البرنامج الإنمائی للأمم المتحدة جهودًا مضنیة فی الریف للتغلُّب على الفقر أو التخفیف من حدَّته من خلال تبنی إستراتیجیة للأخذ بالتکنولوجیة المناسبة لوضع قواعد بیانات مُناسبة لحصر کافة الظروف المحیطة بالفقر بهذه المناطق المنکوبة به، وتهیئة البنیة التحتیة المناسبة والتأکید فی نفس الوقت على الأخذ بالمشارکة الکاملة واسعة النطاق لجموع المستفیدون من تلک البرامج الجدیدة المُخصَّصة للحد من الفقر.

البرنامج الإنمائی للأمم المتحدة، رکَّز بصفة خاصة على البرامج التدریبیة لتخریج الکوادر المُؤهَّلة من مُدربین ومُستخدمین نهائیین ضمانًا لتحقیق النجاح المطلوب من وراء فکرة البرنامج، الخلاصة أن ثمَّة مُلاءمة اجتماعیة ینبغی أن تُراعى عند استخدام تلک التقنیات الجدیدة، قبل البدء فی تحقیق الوصول لهؤلاء لمصادر المعلومات، وضرورة الربط بین تلک التقنیات والحاجات الفعلیة للمجتمعات المجلیة، فلا یُشترط أن نأخذ بالتقنیة العالیة جدًا.

مثال:

        مشرع مرتفعات "أرافالی" فی الهند ، من المشروعات التی رُوعی فیها الاستخدام المناسب للتکنولوجیا المناسبة والذی حقَّق نجاحًا فی نهایة الأمر "خُصِّص المشروع للوقوف على حجم الدمار الذی لحق بالبیئة الطبیعیة جراء عملیات التصنیع التی کانت تتم على قدم وساق بالمنطقة"، واعتمد المشروع على نسق معلومات إداریة مناسب لمقتضیات وحاجات المنطقة دون مغالاة فی المستوى التقنی وبما یضمن استمراریة أو استدامة هذا البرنامج فیما بعد وتحقیقًا لأهدافه.

        فی الفترة التی أعقبت قمة "أوکیناوا" بالیابان، زادت أهمیة أطر العمل عند التخطیط الجید لمشروعات الربط التکنولوجی الجدیدة، خاصة فیما یتصل بالمشروعات طویلة الأمد ذات الاستدامة، حیث أضحى من الواجب وجود بنیة تحتیة جیدة والأخذ بالمستوى التکنولوجی الملائم لحاجات المجتمع من مراعاة ضرورة التدریب الجید للعامة أو للکوادر اللاَّزمة لتطبیق تلک التکنولوجیات أو للوصول الجید للمعلومات.

        ومن الأهمیة بمکان أن نعقد الصلة أیضًا بین الأخذ بهذه التقنیات الجدیدة وبین العمل على تنمیة الموارد البشریة الموجودة بالمجتمع المحلی.

سادسًا "تحدی عملیة التنسیق:

لا شک أن غیاب التنسیق عند التطبیق لمبادرات أو مشروعات التطویر التکنولوجی على المستوى المحلی قد یُؤدِّی لازدواجیة فی الجهود المبذولة أو عدم مُلائمة الحلول التکنولوجیة المطروحة مع المشکلات المحلیة القائمة، لذلک من الأهمیة بمکان أن نسعى على مستوى المجتمع المحلی بأهمیة عملیة التنسیق بین الجهود والموارد ضماناً للوصول للغایات والأهداف التنمویة المبتغاة من وراء الأخذ بهذه التقنیات، وغیاب التنسیق یؤدی إلی:-

  • الإسراف فی استهلاک الموارد، حیث تتحوَّل الأطراف المشارکة بهذه العملیة التنمویة لمنافسین ولیس لشرکاء فی الوصول لغایة واحدة وبالتالی ینعکس ذلک سلبیًا على الوصول للغایات المُرجوَّة.
  • تداخل على مستوى التنفیذ أو التشغیل لتعدُّد الشرکاء فی العمل الواحد، ویتجلَّى هذا على مستوى العمل الحکومی حیث تتعدَّد مستویات اتخاذ القرارات. وتقل من ثمَّ القیمة المُضافة.

 

 

المنافسة بدلاً من الشراکة:

        لا شک أن غیاب إستراتیجیة واضحة المعالم للتعاون والتنسیق ین مختلف الأطراف المشارکة بالتطویر التکنولوجی یُؤدِّی فی نهایة الأمر لصراعات واشتعال حدة المنافسة سعیًا للسیطرة على الموارد أو إهدارها، وبتفاقم الأمر فی الجهات الحکومیة التی تتمیَّز بتعدُّد المستویات الإداریة التی تصنع القرار مما یُطلق علیه البیروقراطیة الإداریة، ممَّا قد یخلف تضاربًا بین تلک الأنساق کلاَّ یسعى لاتخاذ القرار، مما قد ینعکس سلبیًا على العملیة برمتها بمعنى أن تؤول للفشل الذریع.

ما العمل؟

  • "من الضروری أن تؤسس تلک المشروعات على مفهوم الشراکة والتعاون بین مختلف الأطراف المهتمة بنجاح المشروع أو تلک المبادرة، حتى لا تستهلک المارد المتاحة بدون طائل فی أنشطة مُکرَّرة، من الأهمیة بمکان أیضًا أن تکون هناک سیاسة واضحة لصناعة القرار قادرة على تلمس حاجات الناس على المستوى الشعبی فعلاً، مع مراعاة قوة وتأثیر جماعات المصالح أو الضغط والدور التی یُمکن لها أن تلعبه فی التأثِّیر على القرار أو السیاسة".
  • ضرورة وجود مذکرة تفاهم، باعتبارها أداة جیدة فی توضیح المقاصد الحقیقیة بخطط التطویر التکنولوجی وطرحها على العامة، بما یخلق حالة من التضامن بین الأطراف المشارکة.
  • العمل من خلال أو داخل الأطر القومیة والاستراتیجیات الموضوعة سابقًا للتنمیة عامة، بمعنى ألاَّ یشط مُتخذ القرار عن السیاسة أو الإستراتیجیة العامة للتنمیة بوجه عام، ومن ثم تُوضع الأهداف الخاصة بالتطویر التکنولوجی فی ضوء هذه الاستراتیجیات والسیاسات.

والجدیر بالذکر أن هذه التقنیة تعمل على تحقیق الربط أو التواصل بین دول الشمال، الجنوب، تبادل الخبرات والمهارات التقنیة وثم المساهمة فی صیانة، تنفیذ مشروعات تنمویة جادة تصلح للوفاء بحاجات المجتمعات المحلیة، تعمل على استقلال المهارات والخبرات والمعارف المحلیة.

کما یمکن القول بأن تأثیر التقنیة المعلوماتیة على المجالات التنمویة تتخذ الصور أو الإشکال التالیة:-

1-   تفعیل قیمة المشارکة فی المجالات والقضایا التنمویة.

2-   إرساء أسس الدیمقراطیة الحقیقة.

3-   التعرف عن قرب على حاجات ومشکلات المجتمعات المحلیة.

4-   تنشیط قیم المواطن الإیجابیة.

5-   التواصل بین مختلف الجماعات، الأفراد بالمجتمعات المحلیة والمجتمعات المجاورة، العالم الخارجی.

6-   الاستفادة من الخبرات والمعارف والمهارات المحلیة، توظیفها فی عملیات التنمیة الجاریة.

7-   الإسراع بعملیة التغییر الاجتماعی حتى تصل لمنتهاها.

لذلک نحن بحاجة ماسة لأدوات أو مناهج تقنیة جیدة تُساعدنا أکثر على فهم کیفیة استغلال هذه التقنیات، بخاصة الشبکات فی التنمیة.

وتعتبر مصر من الدول الحدیثة العهد نسبیًا بالاهتمام بهذه التقنیة، لذلک حاولت جهد استطاعتها تحسین علاقاتها بدول الاتحاد الأوربی للاستفادة من التطورات التقنیة به  من خبرات فی هذه المجالات وتوظیفها.

تحدیات تواجه البلدان النامیة:

        تعتمد البلدان النامیة عند محاولتها للاستفادة من ثمار مجتمع المعلومات أو تقنیة المعلومات على مستوى نوعیة أو جودة البنیة التحتیة المعلوماتیة الموجودة، وعلى القدرات والمهارات والکوادر التنمویة المتاحة والقادرة على بدء العملیة التنمویة بالمجتمع.

وبالنظر للمجتمعات غیر الصناعیة (النامیة) نجد أنها:

1-   تفتقر لبنیة تحتیة معلوماتیة سلیمة أو مناسبة.

2-   أو بتوزیع غیر منطقی لهذه البنیة بها من حیث ضعف شبکات الاتصال، والمکونات المادیة اللاَّزمة لإنشاء هذه الشبکات غیر مُناسبة أو غیر موجودة على الإطلاق.

3-   ضعف أو ندرة المُخصَّصات المالیة والموازنات النقدیة اللاَّزمة للإنفاق على هذه البرامج التنمویة التقنیة.

4-   ضعف الاقتصادیات النامیة أساسًا عن استیعاب أو شراء تلک التقنیة ممَّا یجعلها تحجم بنهایة الأمر عن الحصول علیها.

وللدلالة على ذلک نجد أن توزیع عدد أجهزة الحواسب الآلیة لکل 100 شخص بالمجتمعات المتقدمة، النامیة على السواء على النحو التالی:

18 لکل 100 شخص بالدول المتقدمة.

2.3 لکل  100 شخص بالدول الأخذة بالنمو.      

0.01  لکل  100 شخص بالدول النامیة  الفقیرة.

وتعکس هذه الأرقام بصدق عمق الفجوة التقنیة أو الرقمیة الموجودة.

 

وبالنسبة للسوق العالمی لتقنیة المعلومات والاتصالات نجد أنهَّا مُوزَّعة على النحو التالی:

USA                  34.7%

أوروبا وکندا             29.3%

الیابان                  14.6%

باقی دول العالم         21.4%

        وبحسب تقدیرات البنک الدولی، نجد أنه من المُقرَّر خلال السنوات الخمسة القادمة أن تصل جملة الاستثمارات فی تقنیة المعلومات والاتصالات إلى ما یُقارب 60 ملیار دولار، بینما المساعدات الدولیة المخصصة لمساعدة البلدان النامیة لن تتعدى 2.3 ملیار، وأن النسبة الغالبة من هذه الاستثمارات ستکون من نصیب القطاع الخاص الربحی وأن نصیب الولایات المتحدة منها فی حدود 46% من جملة هذه الاستثمارات.

        وحیث أن العالم مُقدِّم على تحولات اقتصادیة عمیقة مُتمثلَّة فی تطبیقه اتفاقیات الجات، فسوف یشهد سوق تقنیة المعلومات والاتصالات فجوة کبیرة بین مُنتجی هذه التقنیة وبین مُستهلکیها، وبین إقبال أبناء العالم الثالث علیها، سوف تزداد الهوّة أو الفجوة الرقمیة بین هؤلاء وأولئک بصورة کبیرة للغایة وستکون الغلبة لمَنْ یتفوَّق ویستحوذ على هذه التقنیات أو لمن یجوز میزة نسبیة تؤهله للسیطرة أو المشارکة بالسوق العالمیة.

        ویشیر البنک الدولی فی دراساته.... إلى عمق الأزمة التقنیة الحالیة، وتداعیاتها على البلدان النامیة.

المزید من التوصیات حول التنمیة:

        من الأهمیة بمکان أن یتفهَّم جمیع مَنْ یشارک بالعملیة التنمویة لخطورة وأهمیة تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات من حیث قدرتها على تحقیق الوصول لمصادر المعلومات وضمان تحقیق المشارکة الکاملة الأکبر عدد ممکن من السکان المحلیین، کما أنها وسیلة أو أداة جیدة فی الحصول على المعلومات الدقیقة عن حقیقة الظروف الفعلیة والقائمة عن المجتمعات المحلیة المراد تنمیتها، ومن تلک التوصیات التی یجب مراعاتها:

1-    ضرورة الاستعانة بالخبرة المناسبة فی مجالات تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات، القادرة على تحدید المناسب من هذه التقنیة لحاجات المجتمع المحلی وربطها بالتنمیة المستدامة فیما بعد.

ومن ثم ینبغی على الأطراف المشارکة بالتنمیة أن تستعین بقدر الإمکان بهؤلاء الخبراء فی کل خطوة مُتعلِّقة بالتنمیة أو بتحدید الأنسب من هذه التکنولوجیا.

 

 

ما العمل؟

        نعتقد هنا:

 أ- بضرورة العمل على إرساء قیمة التعلیم والتدریب على تفهم واستخدام تلک التکنولوجیات الخاصة بالاتصالات والمعلومات على مستوى الفریق المشارک فی صیاغة خطط التطویر والتنمیة أولاً، ثم للمجتمع المحلی بأسره الذی سوف یستفید بصورة و بأخرى من تلک التقنیات الجدیدة فی الوصول لمصادر المعلومات بسهولة ویسر ثانیاً.

ب- ضرورة البحث عن العناصر أو الکفاءات التی تستطیع تحمل مسئولیة تلک البرامج التنمویة، والعمل على تأهیل هؤلاء بکافة المهارات والقدرات التی تُعینهم على رسالتهم هذه.

ج- العمل على مناقشة خطط التطویر التکنولوجی هذه على أوسع نطاق ممکن بین العامة ضمانة لتحقق المشارکة من هؤلاء باعتبارهم مستفیدین من نتائج التطویر والتنمیة هذه خاصة بما یسمح لهم بالوصول لمصادر المعلومات، والتواصل مع الغیر عبر الانترنت.

2-    تطبیق تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات فی عملک:

تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات یُنظر إلیها على أنها أداة تتحقق التنمیة من خلالها أو وسیلة لانجاز الأعمال وإدارة المشروعات، ومن ثم یمکن القول أنها لیست غایة فی حد ذاتها بل مُجرَّد وسیلة لبلوغ تلک الغایات، على أن تطبیق تلک التقنیات بکفاءة وبالمستوى الجودة المناسبة، رهن بضرورة وجود الکوادر والمهارات والقدرات اللاَّزمة، مع مراعاة (أیضًا) أن یکون هناک اتفاقًا على الأخذ بهذه التقنیات بین الجمیع بالمجتمع المحلی فی ضوء حاجات وطموحات هذا المجتمع.

مثلاً، نجد أن الأمم المتحدة مُمثَّلة فی البرنامج الإنمائی بها، منذ مطلع 1996، قد بدأت فی إجراء المناقشات الحیویة واللقاءات عبر الانترنت تحقیقًا للمشارکة العامة واسعة النطاق، بما یعنی أن المنظمة الدولیة تُحاول أن تستغل القدرات التکنولوجیة الجدیدة فی تحقیق الغایات التی تترجاها من وجودها على المستوى الدولى.

ما العمل؟

         ‌أ-         التطبیق لهذه التقنیات فی ضوء التجارب والأمثلة السابقة مع مراعاة التنسیق والتعاون والشراکة فی المعلومات، وصیاغة البرامج والمشروعات التنمویة لهذه التقنیات.

      ‌ب-      استخدام الانترنت، کأداة مفیدة فی حشد الرأی العام وتعبئة الجهود للمشارکة بالقضایا والمشروعات العامة الهامة.

3-    "العرض، التقییم والتحلیل:

شهد العقد المنصرم تدفق فی الاستثمارات على المبادرات التنمویة ترتَّب علیها تکوین حصیلة کبیرة من الخبرات والتجارب، نفس الشیء، نعتقد أن أیّ تجربة من خطط التطویر التکنولوجی ینبغی أن تُوضع بمراعاة التجارب والخبرات الماضیة للمجتمعات المحلیة، بمعنى آخر، أن توضع هذه التجارب فی سیاقها العلمی والمنهجی الذی یُمکن صُنَّاع القرار من استخلاص النتائج والدروس المستفادة من ورائها.

مع ضرورة مراعاة أثر المعلومات المُتوفِّرة من التکنولوجیات الجدیدة على التنمیة، أیضًا ضرورة إجراء تقییم دوری لما تم من نتائج أو أنشطة فی المشروع أو المبادرة الموضوعة وتحقیق مدى استفادة الأطراف المشارکة والعامة بهذه النتائج أو مدى تأثیرها إیجابیًا على هؤلاء وأولئک.

ما العمل؟

أ- ضرورة التخطیط الجید خطوة بأخرى منذ البدایة لطرح فکرة الأخذ بتکنولوجیا الاتصالات والمعلومات، مع التأکید على حق الجمیع فی المشارکة بهذه المشروعات أو تلک الطموحات الجدیدة.

ب- إجراء تقییم مستمر وعرض للنتائج بصورة مُباشرة وفوریة، ویُفضَّل نشرها على النت کی یُتاح للکافة أو العامة من الوصول لها وإبداء الرأی بها.

ج- التوثیق المُستند لکل خطوة تتم، کی یمکن دراسة ما تم من خطوات فیما بعد بتؤدة للتبصر بعواقب هذه المشروعات وکی تُصبح خلفیة تاریخیة مفیدة.

بعض الأسباب التی تقف خلف قصور عملیة التقییم:

        جزئیًا، فإن القصور الذی یحدث بعملیة التقییم یعکس الحقیقة القائلة بأن  مشروعات تطویر تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات لازالت فی طور المهد وأنها لم تشب بعد عن الطوق، وأن قمة "أوکیناوا" سنة 2000 کانت بمثابة شهادة المیلاد أو عملیة التدشین لهذه المبادرات الجدیدة.

عامة فالقضیة شائکة وتحمل من الجوانب المتداخلة الکثیر، وأن هناک من المُسبِّبات التی تُحد کثیرًا من المقدرة على تقییم نتائج تلک المبادرات ومنها:-

  • الترکیز على التحول التکنولوجی بدلاً من النتائج التنمویة لها.
  • وجود ما یُطلق علیها ظاهرة جبل الجلید، بمعنى أن نتائج تکنولوجیا الاتصالات والمعلومات أشبه ما تکون بجبل الجلید، ما یبدو لنا منه سوى القمة فقط وباقی الجبل غائص غیر مرئی.
  • عدم التناسب للتقنیات أو للأطر الزمنیة للتنفیذ، مع الاهتمام بالقضایا الإداریة دون التطلُّع لمدى قدرة تلک التقنیات على تحقیق التغییر المجتمعی المنشود.
  • الرغبة العارمة فی تبریر عوامل الفشل لهذه المشروعات ومن ثم الاستمرار بها، وعدم المیل لتوثیق عوامل الفشل هذه والادعاء بنجاح المبادرات أو هذه المشروعات.

وبصفة عامة وتلخیصًا للمناقشة التی دارت بهذه الورقة یُمکن الخروج بخطوات ضروریة لا بد منها وهی:-

  • ضرورة توجیه البحوث العلمیة والتقنیة لما فیه الخیر العام للبشر، ووضع الناس فی المرتبة الأولى عند إجراء هذه البحوث والتطبیقات العلمیة.
  • ضرورة العمل على حمایة الموروث الثقافی والمعرفی التقلیدی، ضد الانهیار تحت وطأة التغریب العملى أو التحدیث التقنی الغربی، ومن ثم ضرورة الحفاظ على الموارد والثروات الطبیعیة للأجیال الحالیة والتالیة.
  • ضرورة توجیه البحوث العلمیة والتطبیقیة ناحیة التغلُّب على مشکلات الفقراء بالدول النامیة.
  • من خلال دعم ومساعدة الدول الفقیرة على الوصول للتقنیة المناسبة لها فی ضوء قدراتها المادیة والعلمیة.
  • وتقدیم المنح المالیة والخبرات والمهارات اللاَّزمة لمساعدة الدول النامیة على تحقیق بنیة تحتیة تقنیة معلوماتیة تُفیدها من هذا المنظور.
  • ضرورة إرساء أسس دیمقراطیة تقنیة حدیثة، من خل تفعیل دور منظمات المجتمع المدنی، على زیادة وعی السکان بالقضایا المرتبطة بهذه التقنیة، ومن ثم المشارکة الجدیَّة بالقرارات أو السیاسات المُتعلِّقة بتحدید أنسب أو أفضل أنواع هذه التقنیات بما یتناسب مع ظروف المجتمعات الفقیرة، وتعمل فی ذات الوقت على تلبیة حاجاتها من الخدمات والمنتجات الرئیسیة من غذاء وغیرها.

وحسب قول "أبس 1996" فإن ثمَّة جوانب ثلاثة هامة تتعلَّق بجانب السیاسة العامة عند تصدیها لقضیة تقنیة المعومات والاتصالات وربطها بالجانب التنموی وهی على سبیل الحصر:

الأول: على السیاسة أن تهتم بتعظیم قدرات المجتمع المحلی من خلال تبنی التقنیة المعلوماتیة والاتصالاتیة الملائمة لحاجاتها المحلیة هی، ممّا ینعکس أثره على جوانب التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة، ومن ثم على الدولة مُمثلَّة فی السیاسة العامة ضخ المزید من الاستثمارات فی مجال البنیة التحتیة المعلوماتیة.

الثانی: العمل على تقویة وزیادة المشارکة فی توصیل الخدمات الحکومیة المختلفة وبالطبع بکفاءة وفاعلیة.

الثالث: على مستوى السیاسة المحلیة من الأهمیة بمکان أن یُرکِّز الساسة وصناع القرارات على ربط مختلف جوانب المجتمع المحلی من خلال هذه التقنیة الحدیثة، من حیث التوسع فی استخدام هذه التقنیة فی العلمیة التعلیمیة، والمشارکة السیاسیة خاصة المُهمَّشین وللأقلیات والإثنیات ومختلف الجماعات الأخرى الموجودة بالمجتمع، ضمانة لوصول هؤلاء لصانعی القرارات والسیاسات والتأثیر علیهم.

مزید من البحوث الإضافیة:

        ثمَّة حاجة أکیدة وبعد أن تناولنا لقضیة الأخذ بتقنیة المعلومات والاتصالات سواء من جانبها الإیجابی أو السلبی، لضرورة إجراء المزید من البحوث والدراسات حول هذا الموضوع، خاصة دراسة کیفیة التوسع فعلاً فی الاستفادة من هذه التقنیات فی العملیة التعلیمیة على مستوى المجتمعات المحلیة ارتقاءً بقدرات ومهارات المواطنین بها، مع ضرورة الملاحظة أیضًا أن أی تقنیة جدیدة ترتبط بصورة غیر مباشرة بما یُسمَّى بالتعلُّم المُستمرّ غیر الرسمى، ونقصد به استمرار إقبال الفرد بالمجتمع المحلی على تلمس المعرفة والمعلومات المتعلقة بهذه التقنیات وما یستجد بها دومًا، فإذا کانت الغایة هنا هی تحقیق التنمیة المجتمعیة المناسبة باستخدام هذه التقنیة فإنه من الضرورى واللاَّزم أن نُحدِّد بدایة کیف نتجاوز الفجوة المعرفیة أو الرقمیة التی تفصلنا عن العالم الخارجی، أیضًا نحن بحاجة ماسة لوضع فواصل أو حدود بین المجتمع الافتراضی والمجتمع الحقیقی، حتى لا یطغی الأول على الثانی...

وعلى کل نحاول الآن أن نطرح بعض علامات الاستفهام المُتعلِّقة بهذه القضیة منها:-

1-   هل یمکن للعلاقات التی تتم عبر الشبکة، أن تتحول لعلاقات حقیقیة بعیدًا عنها؟

2-   ما هی المنظمات المجتمعیة التی تستفید حقًا من هذه الشبکات المجتمعیة؟

3-   هل المجتمع الافتراضی الوهمی التی تخلقه الشبکة المجتمعیة یوفر مکانًا حقیقًا للتواصل بین الناس؟ وما طبیعة هذا التواصل بینهم؟

4-   ما تأثیر الشبکات المجتمعیة على المجتمع الحقیقی؟

5-   هل الشبکات المجتمعیة تزید حقیقة من المشارکة الدیمقراطیة.؟

6-    هل لهذه الشبکات دورًا حقیقیًا فی التفاعلات الحیَّة بین أعضائها؟

7-   کیف یُمکن تحسین جودة الخدمات التی یُمکن أن تُقدِّمها مثل هذه الشبکات؟

8-   کیف یُمکن إتاحة هذه التقنیة أمام الکافة تحقیقًا للرغبة فی الوصول لمصادر المعلومات والمعرفة؟

 

 

 

 

 

 

خاتمة:

        لا جدال فی أن ثَمَّة منافع وثمار إیجابیة نتجت من التوسع فی تطبیقات تقنیة المعومات والاتصالات وبخاصة الشبکات المجتمعیة، من حیث المشارکة السیاسیة والدیمقراطیة الفعالة لقطاعات عدیدة من البشر کانت محرومة فی الماضی من الوصول أو الولوج لمصادر المعلومات والمعرفة أو الاتصال بالساسة وصُناع القرار کما رأینا ومن واقع هذه المناقشات أن هذه التقنیة یُمکن أن تُسهم وجیدًا وحیدًا فی تحقیق التنمیة المجتمعیة المرجوة. وتعرفنا على الجوانب الإیجابیة والسلبیة بها، ورأینا مع هذا وتلک أن تقنیات المعلومات والاتصالات یمکن أن تسهم فی طرح حلول غیر تقلیدیة لبعض المشکلات التی تُعانی منها المجتمعات المحلیة.

 

المراجع المستخدمة فی البحث:

1-   Steven Hick: Technology and Education: Atheory for Social Action, School of Social Work, Carleton University, 1997.

2-   The Information Society and Development, the Role of the European Union, Communication from the Commission to the Council to the European Parliament to the Econmic And Social Committee and the Committee of the Regions, Final of 15 July 1997.

3-   World Youth Report, 2003, Youth and Information and Communication Technologies (ICT).

4-    Brian E. Perron, Harry O.Taylor, Joseph E.Glass, Jon Margeruns- Leys: Information and Communication  Technologies in Social Work, Advances in Social Work, Vol.11, No 1(Spring 2010).

5-   Paula Uimonen: Social and Mobile Media in ICT41, in: Ricky Storm Brashov (Editer): Social Media in Development Cooperation (Center for Communication and Glocal Change, the Erupean Union, 2013.

6-    جمال علی زهران: مفهوم الأمن القومی فی عصر المعلومات، مجلة فکر وإبداع، العدد (4)، القاهرة، مرکز الحضارة العربیة، کلیة البنات، جامعة عین شمس، دیسمبر 1999).

7-   United Nations Development Programme and United Nations. Popualtion Found: Role of UNDP in Information and Communication Techology for Development, (New York: 11-22 June 2001).

8-   Simon Hall BSC (AES). GDURP: Community Networks- Community Development Through Information Technology, Online Planning Journal- Articles- Microsoft Internet Explore 31/01/01.

9-   Marin and Mr. Pinheiro: The Information Society and Development: The Role of European Union. The Council to the Committee of the Regions, 15 July 1997.

10-  Cowan Coventry: The Role of Technology in Poverty Reduction. South Asia Conference on Technology for Poverty Reaction . New Delhi, 10-11 October 2003.

11-  Craig Morris: The Role Computers and Information Technology in Rural Agricultural Information Systems, Assignment 3 Topic 16-20 October 2000, p.5.

12-  Laszlo A. Pook and Norman Pence: Relationship Technology and Social Development: A Worldwide Assessment With Conclusions for Eastem Europe, June 2001.

13-  Steven Hick: Technology and Education: A Theory of Social Action, School of Social Work, Carleton University, 1997.

14-  United Nations Research Institute for Social Development (UNRISI): Information Technology, Globalization and Social Development, UNDRISD Discussion Paper No 114, September 1999.

15-  Rob Kling: Learning About Information Technologies and Social Change: The Contribution of Social Information, Center for Social Information, School of Library and Information Science, Indiana University , USA, 2000.

16-              Sara Cummings, Richard Heeks Dmorleen Huysman: Knowledge and Learning in Online Communities in Development: A Social Capital Perspective. Institute for Development Policuy and Management University of Manchester, Percint Center, Mabcgester, UK, 2003.

http://216.239.59.104/search?q=cache:0XBTD2FN9j:unpanl.un.prg/intradic/groups/upbli/document

17-  Grodon Mc Beath: Practical Management In the 1990. S (Oxford" Basil Black Ltd, 1990).

18-  Sheila K Mc Gonnis, Lela "Kitty" Pumphrey Kenneth Trimmer. Carle Wieggins: Sustaining and Extending Organization Strategy Via Information Teachnology Governance, Hawaii International Conference on System Science, 2004.

http://66.102.9.104/search?=cache:uD90JRkw  Csdl.csdl.computer.org/comp/ Proceedings/hicss/2004/20.

19-  Structured Employment Economic Development Corporation (Seedco): The Evoloing Role of Information Technology in Community Development. March 2002.

http://64.233.183.104/search?q=cache:XvSCpDmjiNHJ: www.Seedoc.org/ Publications/publications/evol     

20-  Elizabeth Johnson, Jemes Hinterlong and Micjael Shraden: Strategies for Creating MIS Technology To Improve Social Work Practice, IDA Research and Policy are Describedin Sheridan, 2000.  

21-  Ivan Webb: Definition of ICT As Defined by OECD (Approved 1998) Home Sitemap Privacy Terms of Use the NZ Hi growth Project Trust, University of Tasmania, 2005.

22-  Chris Brotherton: Social Psychology and Management Issues for Changing Society (Philadelphia open University Press, 1999.

23-  Umer Farooq and John M. Carroll: Mobibizing Community Networks, Center for Human Computer Interaction Department of Computer  Science, Vergina Polytechic Institute and State Universiry, 2002.

24-  World Bank :  Using Information and Communications Technology to Reduce Poverty in Rural India, PREM, Notes Number 70,  June 2002.

 

 

 
المراجع المستخدمة فی البحث:
1-   Steven Hick: Technology and Education: Atheory for Social Action, School of Social Work, Carleton University, 1997.
2-   The Information Society and Development, the Role of the European Union, Communication from the Commission to the Council to the European Parliament to the Econmic And Social Committee and the Committee of the Regions, Final of 15 July 1997.
3-   World Youth Report, 2003, Youth and Information and Communication Technologies (ICT).
4-    Brian E. Perron, Harry O.Taylor, Joseph E.Glass, Jon Margeruns- Leys: Information and Communication  Technologies in Social Work, Advances in Social Work, Vol.11, No 1(Spring 2010).
5-   Paula Uimonen: Social and Mobile Media in ICT41, in: Ricky Storm Brashov (Editer): Social Media in Development Cooperation (Center for Communication and Glocal Change, the Erupean Union, 2013.
6-    جمال علی زهران: مفهوم الأمن القومی فی عصر المعلومات، مجلة فکر وإبداع، العدد (4)، القاهرة، مرکز الحضارة العربیة، کلیة البنات، جامعة عین شمس، دیسمبر 1999).
7-   United Nations Development Programme and United Nations. Popualtion Found: Role of UNDP in Information and Communication Techology for Development, (New York: 11-22 June 2001).
8-   Simon Hall BSC (AES). GDURP: Community Networks- Community Development Through Information Technology, Online Planning Journal- Articles- Microsoft Internet Explore 31/01/01.
9-   Marin and Mr. Pinheiro: The Information Society and Development: The Role of European Union. The Council to the Committee of the Regions, 15 July 1997.
10-  Cowan Coventry: The Role of Technology in Poverty Reduction. South Asia Conference on Technology for Poverty Reaction . New Delhi, 10-11 October 2003.
11-  Craig Morris: The Role Computers and Information Technology in Rural Agricultural Information Systems, Assignment 3 Topic 16-20 October 2000, p.5.
12-  Laszlo A. Pook and Norman Pence: Relationship Technology and Social Development: A Worldwide Assessment With Conclusions for Eastem Europe, June 2001.
13-  Steven Hick: Technology and Education: A Theory of Social Action, School of Social Work, Carleton University, 1997.
14-  United Nations Research Institute for Social Development (UNRISI): Information Technology, Globalization and Social Development, UNDRISD Discussion Paper No 114, September 1999.
15-  Rob Kling: Learning About Information Technologies and Social Change: The Contribution of Social Information, Center for Social Information, School of Library and Information Science, Indiana University , USA, 2000.
16-              Sara Cummings, Richard Heeks Dmorleen Huysman: Knowledge and Learning in Online Communities in Development: A Social Capital Perspective. Institute for Development Policuy and Management University of Manchester, Percint Center, Mabcgester, UK, 2003.
http://216.239.59.104/search?q=cache:0XBTD2FN9j:unpanl.un.prg/intradic/groups/upbli/document
17-  Grodon Mc Beath: Practical Management In the 1990. S (Oxford" Basil Black Ltd, 1990).
18-  Sheila K Mc Gonnis, Lela "Kitty" Pumphrey Kenneth Trimmer. Carle Wieggins: Sustaining and Extending Organization Strategy Via Information Teachnology Governance, Hawaii International Conference on System Science, 2004.
http://66.102.9.104/search?=cache:uD90JRkw  Csdl.csdl.computer.org/comp/ Proceedings/hicss/2004/20.
19-  Structured Employment Economic Development Corporation (Seedco): The Evoloing Role of Information Technology in Community Development. March 2002.
http://64.233.183.104/search?q=cache:XvSCpDmjiNHJ: www.Seedoc.org/ Publications/publications/evol     
20-  Elizabeth Johnson, Jemes Hinterlong and Micjael Shraden: Strategies for Creating MIS Technology To Improve Social Work Practice, IDA Research and Policy are Describedin Sheridan, 2000.  
21-  Ivan Webb: Definition of ICT As Defined by OECD (Approved 1998) Home Sitemap Privacy Terms of Use the NZ Hi growth Project Trust, University of Tasmania, 2005.
22-  Chris Brotherton: Social Psychology and Management Issues for Changing Society (Philadelphia open University Press, 1999.
23-  Umer Farooq and John M. Carroll: Mobibizing Community Networks, Center for Human Computer Interaction Department of Computer  Science, Vergina Polytechic Institute and State Universiry, 2002.
24-  World Bank :  Using Information and Communications Technology to Reduce Poverty in Rural India, PREM, Notes Number 70,  June 2002.