نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
الأستاذ بقسم التنمية والتخطيط کلية الخدمة الاجتماعية – جامعة الفيوم
المستخلص
نقاط رئيسية
الحوار المجتمعی
الكلمات الرئيسية
منظمات المجتمع المدنی وأزمة الحوار المجتمعی
" المسئولیات والتحدیات "
إعداد
أ.د/ هناء عبد التواب ربیع أبو العینین
الأستاذ بقسم التنمیة والتخطیط
کلیة الخدمة الاجتماعیة – جامعة الفیوم
أولاً: مقدمة :
لقد شهد العالم العربی منذ نهایة 2010 اندلاع عدد من الثورات الشعبیة فی عدد من الدول نجحت بعضها فی تغییر النظام والبدء بمرحلة جدیدة وحقق بعضها الأخر تقدماً ملحوظاً من خلال الدخول فی مرحلة التغییر فیما شهد البعض محاولات إجهاض مستمرة للثورة . وقد أدى ذلک إلى زیادة درجة الاحتقان السیاسی والاجتماعی داخل المجتمعات نتیجة لتعارض المصالح بین القوى والاستقطاب السیاسی والدینی مما تطلب معه تعاون وتضافر کل الجهود والتخصصات والمنظمات ومنها منظمات المجتمع المدنی التی تسعى إلى خلق حالة من الحوار المجتمعی بین مختلف القوى السیاسیة والطوائف المجتمعیة على الصعیدین الرسمی والشعبی.
ویرجع الاهتمام بالمجتمع المدنی خلال السنوات الأخیرة إلى طبیعة التحولات السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة التی شهدتها المجتمعات العربیة خلال العقدین الأخیرین من القرن العشرین والسنوات الأولى للقرن الحادی والعشرین، هذا بالإضافة إلى التغیرات الجذریة التی شهدها العالم سواء على الصعید السیاسی فیما أسماه عالم السیاسة "صموئیل هانتنجتون" بالموجة الثالثة من الدیمقراطیة أو على الصعید الاقتصادی والذی یتمثل فی الانتقال من عصر الصناعة التقلیدیة إلى عصر إنتاج المعرفة وصناعة المعلومات، وما أدى إلیه هذا التحول من تغییرات اجتماعیة وثقافیة استلزمت على حد تعبیر "الفین توفلر" فی کتابة "تحول السلطة" ضرورة إعادة بناء النظم السیاسیة المعاصرة حیث یؤکد أن تغیر البناء الاقتصادی والاجتماعی والثقافی فی المجتمع یتطلب بنیاناً سیاسیاً واجتماعیاً جدیداً یتوافق مع المستجدات الحالیة، فالحدیث عن المجتمع المدنی على الرغم من کونه نتاجاً للفکر الغربی فی القرن التاسع عشر فإنه جدید نسبیاً فی الأدبیات العربیة ولعل السبب فی ذلک یعود إلى أن المثقفین العرب قبلوا الدولة والدور الذی قامت به منفردة فی قیادة المجتمع لفترة طویلة(1).
ولم یکتف المثقفون بذلک بل جعلوا من برامجها السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة بؤرة اهتمامهم الفکری والبحثی. فکانت کتاباتهم منصبة على موضوعات صارت الدولة فیها هی الطرف الأساسی مثل الدولة والمجتمع، الدولة والتنمیة، وکانت النظرة إلى المجتمع على أنه مجرد "جماهیر مقابل سلطة" لکن فی المرحلة اللاحقة نظر إلی المجتمع المدنی بوصفه أداة للتغییر(2). مما فرض حتمیة إحداث تغییرات جذریه فی منظمات المجتمع المدنی فتفعیل دورها واشراکها أصبح جزءاً أساسیاً فی فلسفه المجتمع وأصبح للجهود الأهلیة أهمیتها فی التنمیة والتقدم وأصبحت الجمعیات الأهلیة مکون رئیسی من مکونات المجتمع المدنی( 3).
ففی البدایة جاء الحدیث عن دور المجتمع المدنی متأثراً إلی حدٍ بعید بدراسات وتجارب لدول أخری تشابهت ظروفها مع مصر واستطاع فی بعض الدول أن یحفظ توازن المجتمع فی مرحلة التحول السیاسی والاقتصادی إذ نجح فی بعض الحالات وأخفق فی حالات أخری . وظهرت دراسات تؤکد علی أهمیة دراسة الدور ألقیمی والثقافی للمجتمع المدنی وتزامن هذا مع بدایة الاهتمام بالمشارکة المجتمعیة ودورها فی عملیة التنمیة. وهنا ظهر الحوار المجتمعی باعتباره التعبیر الأمثل عن المشارکة واستجابة لدعوة الکثیر من المفکرین وقادة الرأی إلى إنشاء لجان للحوار باعتباره الضمان لترسیخ الأمن والاستقرار بجمیع أبعاده فی المجتمع(4). من هنا نجد أن الحوار البناء یعد ظاهرة صحیة فی المجتمع ورکیزة فکریة وثقافیة ووسیلة یستطیع الفرد من خلالها أن یوصل ما یریده من أفکار إلى الآخرین بالحجة والبرهان.
وتشیر الورقة فی مقدمتها إلى إن المشکلة تکمن فی افتراض أساسی هو " أن منظمات المجتمع المدنی هی مرآة المجتمع تحمل آماله وتحمل أیضاً أمراضه ومشاکله وأنه لا سبیل إلى النظر إلیها ککتلة صماء إذ لا وجود لدیمقراطیة حقیقیة من دون مجتمع مدنی قوی وفاعل، لذا فان من أهم وظائفها فی الوقت الحاضر هی العمل على إرساء قواعد الحوار المجتمعی".
وتحاول هذه الورقة تقدیم رؤیة للدور الذی یمکن أن تلعبه منظمات المجتمع المدنی والتحدیات المرتبطة بقدرتها على إدارة الحوار المجتمعی . وتتحدد الإشکالیة فی الإجابة على تساؤل مؤداه" إلى إی مدى مثلت منظمات المجتمع المدنی کآلیة محوریة فی أزمة الحوار المجتمعی ؟
ثانیاً: أهمیة الدراسة: Impotence of study
لعلنا نتفق جمیعاً على أن ما آلت إلیه الأوضاع فی العالم خلال السنوات الأخیرة یعود فی جانب مهم وکبیر منه إلى ما أفرزته بعض الأفکار والأیدیولوجیات الهدامة التی کان لها الأثر السلبی فی بلورة فکر مستنیر ووعی عقلانی مما جعل من مسألة الحوار المجتمعی مسألة استراتیجیة بدونها لا یمکن تفهم حقیقة ما یدور داخل المجتمعات . ویمکن إجمال أهمیة الدراسة فیما یلی:
1- تناولها أهم مرتکزات بناء الدولة المعاصرة " المجتمع المدنی، الدیمقراطیة، الحوار المجتمعی" إذ تعد من أهم معاییر التنمیة المستدامة بمفهومها الشامل التی لا غنی عنها فی تقدم الدول .
2- إن قطاع منظمات المجتمع المدنی أضحى قطاعاً له وزنه ضمن المنظومة المجتمعیة کما أنه یعتبر من الناحیة العددیة قطاعاً مهماً وأساسیاً وقد أظهرت الدراسات أن هذا الکم من المنظمات وتلک الأهداف التی تسعى لتحقیقها یوجبا الانتباه إلى هذا القطاع ودراسته من زوایا عدیدة تساهم فی إثراء دورة فی المجتمع .
3- کان اختیار موضوع الدراسة استجابة لحاجة وطنیة ملحة لإشاعة الحوار البناء فی ضوء التحدیات والتغیرات التی تواجه المجتمع فی زمن العولمة وانفتاح الحضارات واندماج الثقافات والتی أثرت على المنظومة المعرفیة والثقافیة والسلوکیة والقیمیة ناهیک عما طرحه الربیع العربی من أفکار متنوعة على الساحة العربیة مما دفع لإیجاد آلیات متعددة للتواصل والحوار.
4- فتح آفاقاً إمام الباحثین والمعنیین بقضایا المجتمع المدنی والدیمقراطیة والحوار بتناولها بشکل أعمق وأدق من اجل طرح فکرة المجتمع المدنی کفاعل فی إدارة أزمة الحوار المجتمعی.
ثالثاً :أهداف الدراسة : Research Objective
1- الوقوف على الدور الریادی لمنظمات المجتمع المدنی کشریک استراتیجی فی عملیتی التنمیة والتحول الدیمقراطی بعد ما عانت من التسلط أکثر من ثلاثین عاماً.
2- الوقوف على الاسباب التی تؤدى إلى إحداث أزمة فی الحوار المجتمعی.
3- الوقوف على التحدیات التی تحد من دور منظمات المجتمع المدنی فی إدارة أزمة الحوار المجتمعی فی ظل المتغیرات المجتمعیة .
4- تقدیم رؤیة مقترحة لتفعیل دور منظمات المجتمع المدنی وتکوین ثقافة مجتمعیه لإدارة الحوار المجتمعی مع عرض التوصیات التی یمکن أن تساعدها فی ذلک فی محاولة التصدی لهذه الأزمة والتخفیف من أثارها.
رابعاً: مصطلحات الدراسة:
ولما کانت أیة محاولة لفهم أی مصطلح یجب أن تستقى من معناه اللغوی حیث جذره ومنبعه فی معاجم اللغة. وإذا کان هناک ثمة اختلاف فی النظرة إلى المصطلح فإنه لیس من حیث طبیعة المصطلح ذاته وإنما لتنوع البیئة الإنسانیة والأطر التی تحدده والأیدیولوجیات التی ترسخه.
1- مصطلح المجتمع المدنیCivil Society (لغة واصطلاحاً):
بالرغم من کثرة الحدیث بین الأکادیمیین والسیاسیین وغیرهم من المفکرین والمثقفین ورجال الأعمال عن مصطلح المجتمع المدنی إلا انه یعتبر من أکثر المصطلحات جدالاً ونقاشاً ویکتنفه شیء من الغموض فقد تعددت واختلفت تعریفاته ونستعرض منها:
أ- التعریف اللغوی:نجد أن مصطلح civil society وردت فقط فی کلمة " civil " لتعبیر عن مصطلحات أخرى ففی معجم تاریخ الأفکار یظهر مصطلح civil disobedience العصیان المدنی بمعنى عصیان القانون المدنی فهو اشتقاق من عصیان المواطنین الناجم عن انعدام الحقوق المدنیة . وعلیه فان التعبیر المدنی " Civilis" یدل على کل ما هو خارج ومخالف للمجتمع الرسمی أی خارج المؤسسات الحکومیة. (5)
ب- التعریف الاصطلاحی :
لقد أصبح المصطلح لفظاً جاریاً على السنة رواد الفکر الاجتماعی والسیاسی ودعاة الدیمقراطیة فی العدید من الدول وخاصة النامیة والمتخلفة ویعود ذلک إلى أسباب عدة منها " زیادة الوعی بحقوق الإنسان والدعوة نحو الحفاظ علیها ورغبة المواطنین الحصول على المزید من الحقوق , وممارسة نوع من الرقابة على الحکومات" , فالعمل على تقویة المجتمع المدنی لیس بالضرورة إضعاف السلطة الحاکمة بل وجوده ضروری من اجل تحقیق الشراکة المجتمعیة والدیمقراطیة و تحقیق العدالة فی المجتمع وذلک على أساس الشراکة الحقیقیة بین الدولة و القطاع الاهلى. (6)
و یعرفه "علی حرب" بأنه ( مجتمع تداولی مفتوح للممارسة الاجتماعیة الاختیاریة من خلال کل المؤسسات المکونة للحیاة الاجتماعیة). (7) ومن أکثر التعریفات شیوعًا للمفهوم فی الإطار العربی تعریف "سعد الدین إبراهیم" بأنه( مجموعة التنظیمات التی تنشأ بالإرادة الحرة لأعضائها والتی تملأ المجال بین الأسرة والسوق والدولة، بهدف خدمة مصلحة أو قضیة أو التعبیر عن مشاعر مشترکة بشکل رسمی یحترم حق الآخرین فی أن یفعلوا نفس الشیء) (8) وقد تبنى البنک الدولی تعریفاً للمجتمع المدنی بأنه (نطاق من المنظمات غیر الحکومیة والمنظمات غیر الربحیة التی لها وجودٌ فی الحیاة العامة وتنهض بعبء التعبیر عن اهتمامات وقیم أعضائها أو الآخرین استناداً إلى اعتبارات أخلاقیة أو ثقافیة أو سیاسیة أو علمیة أو خیریة) (9) ومن ثم یشیر المصطلح إلى مجموعة عریضة من المنظمات تضم" الجماعات المجتمعیة المحلیة والمنظمات غیر الحکومیة والنقابات المهنیة و العمالیة والمنظمات الخیریة والمنظمات الدینیة، الأحزاب السیاسیة ، منظمات أصحاب العمل، اللجان النسائیة ".(10)
وبالرغم مما ثار بشأنه من جدل لم ینته لدى الکثیرین حتى الیوم ، ترى الباحثة أنه من الأفضل البعد عن الجدل ألمفاهیمی فالمفهوم أصبح معترف به عالمیًا شأنه شأن کثیر من المفاهیم التی أصبحت ذات طابع عالمی مثل حقوق الإنسان والدیمقراطیة والحریة والشفافیة .
وعلیه فإن الباحثة تضع له التعریف إلاجرائی التالی:
1- هو أحد أشکال تنظیم المجتمعات تحوى مجموعة من أنماط العلاقات الاجتماعیة والاقتصادیة والثقافیة والسیاسیة هذه العلاقات محصلة للتفاعل بین القوى الاجتماعیة المختلفة فی المجتمع.
2- تخضع هذه العلاقات والتفاعلات لمنطق التغییر بالمعنیین السلبی والإیجابی وتتضح فی صور التعاون والتنافس والصراع وکلما تزایدت أنماط العلاقات القائمة على أسس التعاون والتنافس لا على أساس الصراع فإن ذلک یُعتبر مؤشرًا على حیویة هذا المجتمع والعکس صحیح.
3- تندرج أنماط هذه العلاقات فی إطار مجموعة من المؤسسات التطوعیة التی ینضم إلیها الأفراد بإرادتهم إیمانًا منهم بأنها قادرة على حمایة مصالحهم والدفاع عنها.
4- تتمتع هذه المؤسسات باستقلالیة فی النواحی المالیة والإداریة والتنظیمیة حیث أنها تجسد قدرة أفراد المجتمع على تنظیم نشاطاتهم بعیدًا عن تدخل الدولة.
5- تحکمها فی عملها عدة أسس " الأساس الاقتصادی: حیث لا وجود لمجتمع مدنی قوی إلا بوجود نظام اقتصادی قائم على أولویة دور القطاع الخاص والمبادرات الفردیة. الأساس السیاسی: یتناول الصیغة السیاسیة التی تسمح لمختلف قوى المجتمع بالتعبیر عن مصالحها وآرائها بطریقة سلمیة ومنظمة ، الأساس الأیدیولوجی: یتناول القیم والأفکار والأیدیولوجیات السائدة لدى القوى والفئات فی المجتمع. الأساس القانونی: وتجسده الدولة وجوهره المساواة فی الحقوق والحریات بین مختلف المواطنین بغض النظر عن انتماءاتهم الدینیة والمذهبیة .
2- دلالات مصطلح الحوار (لغة واصطلاحاً) : أ- الحوار لغة:
جاء بمعاجم اللغة أن الحوار لغة أصله من الحور وهو "الرجوع عن الشیء إلى الشیء" وأحار علیه جوابه أی رده والحور هو النقصان بعد الزیادة لأنه رجوع من حال إلى حال والمحاورة المجاوبة والتحاور التجاوب والمتحاور المتجاوب. وتقول: کلَّمته فما أَحار إلیَّ حَویراً ولا حَوِیرَةً ولا مَحُورة، أی: ماردَّ جواباً واستحاره ، أی استنطقه.(11) وذکر "المعجم الوسیط" أن کلمة الحوار لغة مشتقة من تحاور وتحاوروا أی تراجعوا بالکلام فیما بینهم. وبذلک تکون المحاورة بمعنى مراجعة الکلام من قولهم: حار إذا رجع. والحوار حدیث یجری بین شخصین أو أکثر بهدف الوصول إلى الحقیقة.(12)
ب- الحوار اصطلاحاً: جاء استعمال کلمة حوار فی الخطاب الدینی فی معنیین:
- المعنى الأول: الرجوع قال تعالى" إنه ظن أن لن یحور"(الانشقاق الآیة 4)
- المعنى الثانی: المخاطبة والمحاورة والمجادلة ورد بهذا المعنى فی قوله تعالى : "وکان له ثمر فقال لصاحبه وهو یحاوره أنا أکثر منک مالاً وأعز نفرا" (الکهف: 34),"قال له صاحبه وهو یحاوره أکفرت بالذی خلقک من تراب ثم من نطفة ثم سواک رجلاً" (الکهف: 37) یفهم من الآیات أن الحوار هو مراجعة الکلام وتداوله بین طرفین. وبالتالی فأن الحوار هو محادثة بین طرفین حول موضوع محدد لکل منهما وجهة نظر خاصة به هدفها الوصول إلى الحقیقة مع استعداد کلا الطرفین لقبول الحقیقة ولو ظهرت على ید الطرف الآخر. (13)
وترى الباحثة أنه (محادثةبینطرفینأوأکثرتشتملعلىتبادلالأفکاروالآراء بعیدةعنالتعصبوتحقققدراًأکبرمنالتفاهموذلکللوصولإلىأهداف محددة) .
- المرادفات ذات العلاقة بمصطلح الحوار:
3- مصطلح الحوار المجتمعی:
ترى الباحثة انه (عبارة عن مدخل تنموی یساعد الناس على تفهم مجتمعاتهم بأسلوب یعتمد على التعلم الذاتی والتشاور من خلال دعوة أطراف متنوعة من المجتمع للحوار المباشر حول موضوعات ذات أولویة بالنسبة لهم. ویتم ترتیب هذه الأولویات والتوصل لمختلف القرارات بواسطة المجتمع . ویساعد ذلک على تطویر مهارات أفراد ومؤسسات المجتمع مما یؤدی إلى تشکیل آلیات مستمرة للتواصل تضمن مشارکة فعالة فی عملیة صنع القرار بصورة مستمرة) .
المحور الأول : المجتمع المدنی" تاریخیة المفهوم والإشکالیات العامة" :
لقد شهد العقد الأخیر من القرن 20 إعادة إحیاء مفهوم المجتمع المدنی باعتباره حظی باهتمام واسع ضمن الخطاب التنموی العالمی بعدما تراجع دور الدولة فی مجالات عدة الأمر الذی جعل البحث عن بدیل للقیام بهذا الدور أمر حتمی . وبالرغم من کثرة الحدیث عنه فی الأوساط السیاسیة والأکادیمیة إلا انه ما زال یتسم بالکثیر من اللبس والغموض. (23)
أولا: منظمات المجتمع المدنی بین الإرث التاریخی والصحوة المعاصرة:
- لماذا المجتمع المدنی ؟
إن المتتبع للأدبیات یلاحظ الغنى الملحوظ فی الإنتاج العلمی لکتابات المجتمع المدنی. وبالرغم من ذلک فإنه یلاحظ تحیزها إما إلى المفهوم اللیبرالی أو اللیبرالی الجدید من ناحیة وتجاهلها المفهوم المارکسی والاشتراکی السائد فی الدول النامیة حیث إن الدولة ما زالت تلعب دوراً هاماً فی المجالات السیاسیة والاقتصادیة والثقافیة من ناحیة أخرى.
کما أن المتتبع لوسائل الإعلام المرئی والمسموع والمقروء یلاحظ کثرة الحدیث عما یعرف الیوم بالمجتمع المدنی. ولا یوجد عموماً اتفاق عام على مفهومه الذی یشمل بطبیعة الحال "التنظیمات غیر الرسمیة "Informal Organizations ولذلک فإن هذه الورقة ستصف وتحلل هذا المفهوم فی إطار تحلیلی مقارن یأخذ فی الحسبان موقف أدبیات ونظریات علم السیاسة بشکل عام. وموقف أدبیات ونظریات العلوم الاجتماعیة بشکل خاص فی ضؤء نقطتین هامتین:
النقطة الأولى: ترتبط بالعلاقة بین مؤسسات المجتمع المدنی والدولة:
إن الأصل فی العلاقة بین الدولة والمجتمع المدنی إنها علاقة تکامل واعتماد متبادل وتوزیع للأدوار ولیست علاقة تناقض أو خصومة ، فالمجتمع المدنی ما هو إلا أحد تجلیات الدولة الحدیثة کما أنه یعتمد على الدولة فی القیام بوظائفه من خلال ما تضعه من نظام للحقوق ینظم ممارسات کافة الأطراف والجماعات داخل المجتمع(24) فقد کانت هی القضیة المهیمنة منذ البدایات الأولی لظهور المفهوم وذلک فی محاولة من المنظرین للتمییز بین ما یسمى المجتمع السیاسی Political society والمجتمع غیر السیاسی political - Non society. (25)
ففی الغرب لم یتطور المجتمع المدنی لتقویض الدولة ولکن کان هو والدولة حصیلة التطور المتوازی. کما أن الدولة تستطیع أن تسهم فی تقویة المجتمع المدنی من خلال وضع قوانین واضحة قابلة للتطبیق. وعلى الصعید المقابل فإن منظمات المجتمع المدنی تصبح أکثر فعالیة فی المشارکة فی عملیة صنع السیاسة ، فالعلاقة بینهما فی المجتمعات الغربیة علاقة تکاملیة. وعلى العکس من ذلک فی مجتمعاتنا العربیة یسود مناخ من الشک المتبادل بین کل من الدولة والمجتمع المدنی وکثیراً ما یقع الصدام بینهما وتسود ثقافة الاستبعاد فی کثیر من الأحیان فالدولة لا ترى فی مؤسسات المجتمع المدنی شریکاً فی التنمیة بقدر ما تسعى هذه المؤسسات لتحقیق أهداف خارجیة والحصول على أموال لزعزعة الاستقرار والأمن القومی وفی نفس الوقت نجدها تتهم أنظمة الحکم بالرجعیة والدیکتاتوریة ومحاولة الهیمنة على السلطة لأطول فترة ممکنة.
النقطة الثانیة: ترتبط بمؤسسات المجتمع المدن6ی فی حالة قوتها ونشاطها:
فبإمکانها أن تلعب دوراً إیجابیًا فی حشد وتوجیه طاقات الشباب نحو الإسهام الحقیقی فی التنمیة وبناء المستقبل المأمول وتعویض حالة الاستبعاد التی یعانی منها شبابنا الیوم. ویمکن فی هذا السیاق استعراض ثلاث مدارس فکریة تتعامل مع مفهوم المجتمع المدنی من زوایا مختلفة وهی:
- المفهوم اللیبرالی- الکلاسیکی للمجتمع المدنی:
تعود جذور المفهوم اللیبرالی إلى بدایة القرن الخامس عشر حیث اشتق هذا المفهوم من المصطلح اللاتینی " Civilis Societies" فقد نشأ المفهوم لأول مرة فی الفکر الیونانی الإغریقی واحتل حیزاً کبیراً من النقاش والجدال فمنهم من یرى أن المجتمع المدنی ظهر مع ظهور المدنیة والتمدن وهو بهذا یعد نقیضاً للمجتمع التقلیدی القروی غیر المتمدن. وهناک رأی آخر یرى أن "أفلاطون" هو أول من تحدث عن المجتمع المدنی. کما یرى آخرون أن المفکر "أرسطو" هو أول من دعا إلى تکوین مجتمع سیاسی تسود فیه حریة التعبیر عن الرأی ویقوم بمهام تشریع القوانین التی تحقق العدالة والمساواة والمواطنة.(26)، لکن الفیلسوف الرومانی الشهیر "سیشرو Cicero" قد لمح إلى معنى المجتمع المدنی منذ القرن الأول قبل المیلاد. واستخدمه کتوصیف للدولة المدنیة فیکتب فی "کتابه الجمهوریة " إن القانون هو رباط اﻟﻤﺠتمع المدنی.(27)
على هذا الأساس نرى أن اﻟﻤﺠتمع المدنی فی العصور الأولى للتفکیر الإنسانی لم یتم وضعه بأی وجه من الوجوه مقابل الدولة بل إن قوامه هو وجود الدولة وهی جزء لا یتجزأ منه. وهذا ما سیتغیر فی عصر الحداثة إذ بدأ یأخذ لنفسه حیزاً خاصاً مستقلاً عن الدولة وبصورة تدریجیة. وذلک من خلال فلاسفة مدرسة العقد الاجتماعی والتی تعد من أولى المدارس الفکریة التی ظهرت فی نهایات القرن السادس عشر من أشهر فلاسفتها " هوبز ، جون لوک ، جون روسو" وتعتبر إسهامات هؤلاء وما ترتب علیها من جدال وخلاف أولى مصادر التراکم النظری والمعرفی الذی استفادت منه بصورة مختلفة نظریة المجتمع المدنی.(28)
وکان أول مفکر جاء بتوجه جدید هو المفکر الإنجلیزی "توماس هوبز" 1855- 1679 فقد حدده فی منتصف القرن 17 م بأنه "اﻟﻤﺠتمع المنظم سیاسیاً عن طریق الدولة القائمة على فکرة التعاقد". ویعتبره الوسیلة الوحیدة لوضع حد للفساد والخراب والتنازع . ویرى أن دخول الأفراد تجربة المجتمع المدنی هو دخول طوعی هدفه الحفاظ على حقوقهم دون اللجوء إلی الدولة.( 29)
جاء "جون لوک" 1632-1704 ووضع اﻟﻤﺠتمع المدنی فی مرتبة المراقب للدولة وجعله مصدراً لشرعیتها.(30) ویرى أیضاً "جون لوک" انه من واجب أفراد اﻟﻤﺠتمع المدنی طاعة السلطة الحاکمة مادامت ملتزمة بعناصر عقدها الاجتماعی معهم ومن واجب الدولة أن تضمن للمواطن المساواة ، الحریة، الاندماج، والملکیة فإذا لم یتحقق ذلک فمن حقهم التمرد والعصیان.(31)
ویعکس المفهوم اللیبرالی الکلاسیکی للمجتمع المدنی عموماً بعدین أساسیین هما:(32)
• مکان المجتمع "space" : حیث إن المجتمع المدنی یعتبر مستقلاً لیس فقط عن الدولة، ولکنه یعتبر مستقلاً أیضاً عن الأسرة ونظام السوق ویطلق علیه مصطلح القطاع الثالث .
• نظام القیم"the value system ": فالقیم تعکس إلى حد کبیر المبادئ الإیدیولوجیة اللیبرالیة والرأسمالیة، خاصة المبادئ المتعلقة بالحریة والانفتاح والشفافیة .
- المفهوم الاشتراکی للمجتمع المدنی:
وجاء الفیلسوف الألمانی "فریدرک هیجل"1770-1831 یؤکد بدوره على تقدیس وسمو الدولة على ما عداها من تنظیمات بما فی ذلک تنظیمات المجتمع المدنی ویرى إن تشکیل المجتمع المدنی یتم بعد بناء الدولة فالاستقرار لا یتحقق له إلا بوجود الدولة". وقسم الحیاة الأخلاقیة إلى ثلاث" العائلة ثم اﻟﻤﺠتمع المدنی ثم الدولة العقلانیة المثالیة".(33)، إما اﻟﻤﺠتمع المدنی المعاصر فی رأی "هیجل" عبارة عن منظومة غیر مستقرة ومضطربة ومهددة باستمرار بالانفجار فهی تقع ضحیة صراع المصالح والطبقات الاجتماعیة مشکلة مشهداً لکل أنواع الفساد الاجتماعی.(34)
-المفهوم " المارکسی" للمجتمع المدنی:
فی القرن التاسع عشر حدث التحول الثانی فی مفهوم المجتمع المدنی أعتبره "کارل مارکس" 1818- 1883 هو الأساس الواقعی للدولة نافیاً بذلک مثالیة "هیجل" فالمجتمع المدنی عنده هو ساحة للصراع الطبقی فهو یشکل الحیاة الاجتماعیة قبل نشوء الدولة وینتقد هیجل الذی اعتبر المجتمع المدنی یتشکل بعد نشوء الدولة (35). وینطلق المفهوم المارکسی للمجتمع المدنی من فرضیة تـأثیر وهیمنة العامل الاقتصادی حیث یلاحظ أن سیطرة الطبقة البرجوازیة على وسائل الإنتاج یعنی تحکمها فی مؤسسات وأجهزة الدولة بما فیها تنظیمات المجتمع المدنی. (36)
إن رفض المفهوم المارکسی للمجتمع المدنی یستند عموماً إلى عدة عوامل من أهمها: (37)
- المفهوم اللیبرالی الجدید للمجتمع المدنی: Neo-Liberal concept
یتسم بشمولیة مفهوم المجتمع المدنی حیث استخدم مصطلح المنظمات غیر الحکومیة "Non-governmental organization" بدلاً من المجتمع المدنی ، فتوسیع المفهوم یعنى تقلیص دور الدولة فی المجتمع ککل .(39)
ویؤکد "دیفید هیلد David Held"' أن التنظیمات غیر الرسمیة تعکس المفهوم الکلاسیکی للمجتمع المدنی علیه فأن أنصار المفهوم اللیبرالی الجدید یستخدمون مفهوم "الجماعة السیاسیة " بدلاً من مصطلح "المجتمع السیاسی" (40) واللافت للانتباه أن هذا التوجه لم یمنع مفکرین آخرین من تبنی التحلیل المارکسی وإعادة الاعتبار إلى هذا المفهوم بإعطائه أبعاداً جدیدة ودلالات مغایرة . منهم المفکر الإیطالی "أنطونیو غرامشی" 1891-1937 الذی انطلق من نظرة مخالفة لنظرة مارکس وحدد مستویین للأبنیة الفوقیة أحدهما یُطلق علیه المجتمع المدنی ، والمستوى الآخر هو المجتمع السیاسی. ویقابل هذین المستویین وظیفة الهیمنة التی تمارسها الطبقة الحاکمة فی المجتمع من جهة، وحکم القانون من جهة أخرى. لکنه أکد فی ذات الوقت على عدم التکافؤ بین سلطة الدولة القمعیة ومؤسسات المجتمع المدنی .(41) ثم انزوى المصطلح إلی هوامش النسیان لکنه عاد إلی الظهور وبقوة ارتباطا بمفهومی الدیمقراطیة والتنمیة، فمنظمات المجتمع المدنی هی التی تدعم الدیمقراطیة کذلک تزامن بعث مفهوم المجتمع المدنی فی التسعینات مع تجارب وممارسات التنمیة فی العدید من بـلدان العالم الثالث. (42)
ثانیاً- واقع منظمات المجتمع المدنی:
لا یمکن أن ننکر أن المفهوم أخذ موقعاً حساساً فی العدید من اﻟﻤﺠتمعات العربیة وذلک بسبب بروز قضیة اﻟﻤﺠتمع المدنی کمحور خطیر لا یمکن بدونه أن تتم عملیة التنمیة بشکل حقیقی وفعّال . وقد أخطأ البعض عندما اتخذوا موقفاً سلبیاً من الدعوة إلى تقویة المجتمع المدنی وغاب عن هؤلاء أنها تنظیمات قائمة منذ أکثر من مائة سنة فهناک ثقل اجتماعی واقتصادی یبرز بوضوح لیس علی مستوی الکم فقط حیث یبلغ عددها حوالی 35700 ألف جمعیة وفقاً لتقدیرات 2012 ولکن علی مستوی الکیف أیضا رغم ما یعترضها من صعوبات. (43)
ومن العوامل التی أسهمت فی هذه الصحوة (السیاسات الاقتصادیة وتخلی الدولة عن جزء کبیر من الدور المحوری التی کانت تشغله اقتصادیًا واجتماعیًا، التحولات الدیمغرافیة والاجتماعیة وما یفرضه ذلک من احتیاجات جدیدة ، الدور الذی لعبته المؤسسات المالیة الدولیة والذی تجاوز مجرد الضغط من أجل تطبیق برامج التحریر الاقتصادی إلى البحث عن فاعلین جدد غیر حکومیین یتم التعامل معهم.) (44).
ثالثاً: خصائص المجتمع المدنی :
هناک محددات یمکن من خلالها أن نحکم على مدى تطور وفاعلیة أی تنظیم وهی:(45)
(أ) القدرة على التکیف: فکلما کانت المنظمة قادرة على التکیف مع التطورات البیئیة التی تعمل من خلالها کلما کانت أکثر فاعلیة لأن الجمود یؤدی إلى تضاؤل أهمیتها وربما القضاء علیها. سواء کان ذلک "التکیف الزمنی، التکیف الجیلی ، التکیف الوظیفی ".
(ب) الاستقلالیة: ویقصد بها ألا تکون المنظمة خاضعة لغیرها حتى لا یسهل السیطرة علیها، وتوجیه نشاطها وذلک من خلال تحقیق "الاستقلال المالی، الاستقلال الإداری التنظیمی" .
(ج) التجانس: بمعنى عدم وجود صراعات داخلها تؤثر فی ممارستها لنشاطها وکلما کانت طریقة حل الصراع سلیمة بین القیادات کان هذا دلیلاً على تطور المؤسسة.
رابعاً: الوظائف الأساسیة لمنظمات المجتمع المدنی:
مما لا شک فیه أن وظیفة منظمات المجتمع المدنی من وجهة نظر الدولة تختلف عن وظیفته من وجهة نظر الإفراد، فالدولة ترى أنه وسیلة هامة لاستکمال السیطرة على المجتمع أیدیولوجیًا وثقافیًا. والإفراد یرونه أداة الضغط فی مواجهة نظام الحکم. وفی هذا الإطار یبلور المتخصصون خمسة وظائف أساسیة للمجتمع المدنی تتمثل فیما یلی: (46)
(أ) وظیفة تجمیع المصالح: حیث یتم بلورة مواقف جماعیة من القضایا والتحدیات التی تواجه أعضائها وتمکنهم من التحرک جماعیاً لحل مشاکلهم وضمان مصالحهم .
(ب) وظیفة حسم وحل الصراعات: یتم حل معظم النزاعات الداخلیة بوسائل ودیة دون اللجوء إلى الدولة حیث توفر علیهم الجهد والمشقة التی تطرأ من خلال اللجوء إلى الدولة البیروقراطیة.
(ج) زیادة الثروة وتحسین الأوضاع: بمعنى القدرة على توفیر الفرص لممارسة نشاط یؤدی إلى زیادة الدخل وهذا ما یزید من مشارکتهم وفعالیتهم فی القضایا العامة للمجتمع ".
(د) إشاعة ثقافة العمل التطوعی: لتحقیق النظام والانضباط فی المجتمع کأداة لفرض الرقابة على سلطة الحکومة وضبط سلوک الأفراد والجماعات تجاه بعضهم البعض.
(ه) ملء الفراغ فی حالة غیاب الدولة أو انسحابها: حتى لا یتعرض المجتمع للانهیار أو عند حدوث غزو أجنبی أو حرب أهلیة.
(و) إفراز القیادات الجدیدة: فمن أنجح القیادات التی مارست دورًا سیاسیًا واجتماعیًا واقتصادیًا هی تلک العناصر التی تدربت ومارست العمل القیادی مسبقًا داخل منظمات المجتمع المدنی .
(ز) التعبیر والمشارکة الفردیة والجماعیة: فهی قنوات مفتوحة لعرض الآراء بحریة حتى لو کانت تعارض الحکومة للتعبیر عن المطالب بطریقة سلیمة دون حاجة لاستخدام العنف.
(ح) تحقیق التنمیة البشریة: إن تحقیق رفاهیة الإنسان وتنمیته فی جمیع المستویات والأصعدة مسؤولیة تتحملها الحکومات ، لکن الحکومات العربیة مازالت تعانی من کثرة المشاکل والأزمات الخانقة مما یمنعها من أن تساهم وحدها فی بناء مجتمع نام ومتطور ومتقدم.
خامساً: التحدیات التی واجهت المجتمع المدنی فی مرحلة ما بعد الثورة:
(أ) التحدیات القانونیة والسیاسیة: إن البیئة السیاسیة والتشریعیة المحیطة تتحکم فی طبیعة وحجم الإسهام المجتمعی للمنظمات الأهلیة، فالمواقف والتوجهات السیاسیة للسلطات الحاکمة والأطر القانونیة التی تقرها هذه السلطات هی التی ترسم مسارات العمل الاهلى .وفی مصر تعانی المنظمات الأهلیة من المحاذیر القانونیة والسیاسیة والتی تتمثل فی الرفض الحکومی لأی أدوار تحمل صبغة سیاسیة حتى ولو کانت قائمة علی قاعدة حقوقیة مثل رفض مراقبة المجتمع المدنی للانتخابات والحدیث عن المتابعة لها فقط وتهمیش دور المنظمات الأهلیة فی التأثیر فی السیاسات أو الظهور کشریک فی عملیات التنمیة. وإذا ما أضفنا إلی ذلک عدم رغبة قطاع کبیر من المنظمات الأهلیة فی الصدام مع الحکومة أو الظهور کطرف فاعل فی معادلة التغییر، مع وجود العدید من ملامح الضعف وعدم التنظیم.(47) ورغم الثورة لازال القانون الحاکم للعمل الأهلی بعیدًا عن ید التغییر وهناک شواهد على أن السلطة الحاکمة رغم اختلافها الجذری عن نظیرتها قبل الثورة لم تبدى أی تغییر فی نظرتها للمنظمات الأهلیة عما کانت علیه قبل الثورة.
(ب) التحدیات التمویلیة: یعد مدى توافر التمویل وشروطه واحداً من أهم محددات نشاطها ، حیث یتوقف نشاط الغالبیة من هذه المنظمات على وجود مصادر تمویل ثابتة تضمن بقاءها واستمراریة أنشطتها.فالقضیة المتفجرة بشکل دائم فی هذا البعد هی قضیة التمویل الخارجی واتهام المنظمات الأهلیة بأنها أداة للاختراق الخارجی یستغلها الغرب لتحقیق أهداف سیاسیة وتنفیذ أجندات خفیة .وقد شهدت مرحلة ما بعد الثورة تفجر قضیة "التمویل الأجنبی للمنظمات الأهلیة" والتی تتلخص فی قیام الحکومة المصریة بتوجیه اتهام لعدد من المنظمات العاملة فی مصر بمخالفة القانون وتقدیم وتلقی تمویلات بغرض تحقیق أهداف غیر مشروعة.
(ج) التحدیات المؤسسیة:هناک العدید من القیود الداخلیة التی لا تقل أهمیة فی التأثیر على قدرتها على أداء أدوارها بفاعلیة. والتی تنعکس فیما یلی:(48)
- ضعف القدرات البشریة والفنیة والتنظیمیة لهذه المنظمات .
- قصور الممارسة الدیمقراطیة والمیل للعمل الفردی.
- الخبرة المحدودة فی بناء الشبکات والشراکات الداعمة للعمل الجماعی.
فتوافر التمویل وحدة لا یحقق النجاح والفاعلیة فی غیاب قدرات بشریة تملک رؤیة واضحة وقدرة على الابتکار والإبداع و التخطیط الاستراتیجی وآلیات الإدارة الکفء لأنشطة المنظمة.
المحور الثانی : الحوار المجتمعی" فنیاته واستراتیجیاته":
أولا: أهمیة الحوار:
إن الاختلاف بین البشر مسلمة ینطلق منها الإنسان عند التعامل مع الآخر یقول تعالى: "ولو شاء الله لجعلکم أمة واحدة" وبذلک فالتباین والاختلاف سنة إلهیة لکنه لیس بالضرورة أن یکون نزاعاً أو صراع یقول تعالى: "وجعلناکم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أکرمکم عند الله أتقاکم".(49)
(أ) الأهمیة الاجتماعیة: یمکن إجمالها فی النقاط التالیة:
- إن الوجود الاجتماعی الإنسانی لا یتحقق إلا بوجود الآخر المختلف و أن الإنسان لا یحقق ذاته الإنسانیة ولا ینتج المعرفة إلا بالالتقاء والحوار مع الآخر والتفاعل الخلاق معه.
- أن الحوار یتیح لنا أن نعرف الآخر بما نملک من فکر واتجاهات فهو ینبهنا فی کثیر من الأحیان إلی جوانب ربما لم نتنبه لها. (50)
- أحد وسائل نقل الأفکار وتبادل الآراء للوصول إلى أهداف محددة ومقصودة فهو عملیة تتضمن المحادثة بین أفراد أو مجموعات على اختلاف توجهاتهم وأفکارهم. (51)
- یواجه ویعالج الآفات الفکریة ویضمن التعدد فی الرؤى والأفکار حول مختلف القضایا بما یضمن تحقیق فهم أعمق وأشمل لها واتخاذ موقف أکثر موضوعیة بشأنها. (52)
(ب) الأهمیة النفسیة: یمکن إجمالها فی النقاط التالیة:
- وسیلة لتوجیه المتعلم والتأثیر والتعدیل فی اتجاهاته وسلوکه وتصرفاته.
- کسر الإرهاب والاضطرابات النفسیة والخوف والخجل.
- یثمر الحوار فی تعزیز وتنمیة الثقة بالنفس وتأکید الذات والشعور بالانجاز وتحمل المسؤولیة.
- یعد الحوار والتواصل من أبرز صور علاج العقد النفسیة لأنه یسهم فی البوح بالمکنونات الداخلیة فهو یساعد على العلاج والوصول لحلول لهذه المشکلات. (53)
ثانیاً : القواعد التنظیمیة للحوار الجید:
للحوار الجید محددات وقواعد تنظیمیة یلزم المشرفین على العملیة الحواریة القیام بها سواء کانت من خلال عملیة الإعداد المسبق للحوار أو التخطیط الجید له وتتمثل بالآتی : (54)
- إعداد خطة للحوار: والتی تساهم للوصول إلى حوار جید ومثمر .
- تحدید موضوع الحوار: لأن الحوار بدون موضوع جدل عقیم وکلام بلا معنى .
- تحدید المفاهیم: لا بد من أن تتضح المفاهیم وتکون الرؤیة موحدة کی یستمر الحوار.
- تحدید الأهداف : لکی یکون الحوار مثمراً لابد من وجود أهداف محددة وواضحة.
- وضع الآلیات والقواعد التنظیمیة: کی یعلم کل متحاور القواعد والإجراءات التنظیمیة للحوار.
- توفیر المناخ والبیئة المناسبة: مما یساعد فی استمراریة الحوار والوصول به لتحقیق أهدافه.
- الإیمان بحریة التفکیر: یجب أن یکون هناک إیمان من المتحاور بحریة رأی الطرف الآخر لان کل محاور لا یرید أن یسلم عقله للآخر .
- تقسیم الوقت بین المتحاورین: فکل طرف یفسح المجال للطرف الآخر لتقدیم رأیه ووجهة نظرة أو الدفاع عنها أو نقد وجهة النظر المطروحة.
- الترکیز على الحوار: بحیث یکون الترکیز بین الطرفین على الحوار نفسه لا على شخص المحاور أو شخصیته أو مکانته أو عمله .
- تحدید نقاط الاتفاق والوفاق والاختلاف: تعد قاعدة هامة ونقطة انطلاق بین المتحاورین مما یجعل العملیة الحواریة تسیر وتتجه نحو الاتجاه الصحیح والذی یجب أن یبدأ الحوار به .
- حسن الإنصات والالتزام بأدب الاستماع: لضمان عملیة حواریة منظمة ومحققة لأهدافها.
- الالتزام بموضوع الحوار: یؤدی إلى نجاح العملیة الحواریة وتحقیقها لأهدافها المنشودة .
ثالثا: آداب الحوار البناء: إن للحوار البناء آداباً لابد من تحققها أثناء الحوار لأنه لا یمکن أن یکون ناجحاً ومثمراً إلا إذا توفرت آدابه ومن بینها ما یلی: (55)
- البعد عن التعصب للرأی : فالهدف هو الوصول إلى الحق ومعرفة الحقیقة .
- احترام شخصیة المحاور ورأیه : وذلک من خلال الانتباه لکلامه والإصغاء إلیه والابتعاد عن مقاطعته وعدم اللجوء إلى تجاهله أو الانشغال بشخص آخر أو اللجوء إلى النقد الشخصی .
- التزام الطرق الإقناعیة الصحیحة : وذلک بالبعد عن المغالطات والسخریة وعلى المحاور وإتباع المنهجیة العلمیة فی الحوار مع اتساق الأفکار التی یعرضها وإصلاح المنطق وتهذیبه.
- اعتماد الهدوء والرویة والتحلی بالحلم والصبر والوقار: یعتمد نجاح الحوار وإتقانه مع الناس اعتماداً أساسیاً على قدرة المحاور على التحکم فی نفسه والسیطرة علیها .(56)
- اعتماد المحاورة بمودة واحترام وترفق: فالمودة والاحترام یخلقان جواً من الحوار الهادف البنّاء لان استصغار الخصم المحاور والتهاون به یولد جواً من العنف.
- الحریة فی إبداء الرأی مع حق الدفاع عن وجهة النظر: وهذا حق للطرفین المتحاورین لأنه لا یجوز لأحدهما أن یمثل إرهاباً فکریاً یضیّق به آفاق الحوار. (57)
- العدل والإنصاف والتزام الصدق : فلابد للمحاور حتى یحقق هدفه أن یتحلى بالعدل والصدق مع نفسه ومع خصمه ولا یخضع لتأثیر هوى الذات أو الحزب أو الجماعة.(58)
- تحدید موضع الاتفاق والاختلاف: فلا ینبغی أن یبدأ بنقاط أو جزئیات مختلف فیها بین الطرفین بل نقاط متفق علیها أو قواعد بدیهیة ثم یتدرج فیها إلى ما یشبهها أو یقاربها.(59)
رابعاً: عناصر الحوار: (60)
(أ) المحاور: هو قائد الحوار ومنظمه والمسئول عن نجاحه أو فشله ویجب أن یمتلک المهارات التی تمکنه من أدائه جیداً ویستطیع من خلالها تحقیق أهدافه والوصول إلى نتائج ایجابیة.
(ب) موضوع الحوار: مجموعة الأفکار والمعانی التی یتم التحاور حولها ویختلف موضوع الحوار وفقاً لنوعه والهدف من إجرائه.
(ج) الهدف من الحوار: هو الثمرة المرجوة من الحوار ولذلک فإن الدافع للمحاور الجید لیس إقناع من یحاوره بوجهة نظره وإنما دافعه الأساسی أن یری محاوره ما لا یراه .
(د) وسیلة الحوار: وهی الأسلوب الذی یختاره المرسل لتقدیم رسالته تبعا لمرد ودیته وتناسبه مع طبیعة الرسالة ومع الجمهور المستهدف بها.
(ه) الجمهور المتلقی للحوار: هم الفئات المختلفة من الأفراد الذین توجه إلیهم الرسالة الحواریة بهدف زیادة معلوماتهم وتدعیمها وتغییرها أو خلق آراء جدیدة من خلال مشارکتهم.
خامساً: صور الحوار:
تنوعت صوره الحوار وأشکاله وتعددت أصنافه لیواکب الحاجات الفطریة والمستجدة وهی: (61)
(أ) الحوار المباشر: هو النوع الذی یحقق الهدف بصورة مباشرة ویکاد یقتصر على الحوار وجهاً لوجه سواء أکان مناظرة أو لقاء أو لقاءات اجتماعیة أو شخصیة.
(ب) الحوار غیر المباشر: هو النوع الذی یحقق الهدف بصورة غیر مباشرة ویتنوع من الحب والعاطفة إلى التجاهل أو النقاش الجانبی والخارجی للوصول إلى الهدف المراد تحقیقه.
(ج) الحوار الایجابی: حوار موضوعی متفائل وواضح الکلمات ومدلولاتها والهدف النهائی منه هو إثبات الحقیقة.
(د) الحوار السلبی: ینظر فیه أحد الطرفین المتحاورین إلى الطرف الآخر بنظرة سلبیة سواء کانت نظرة نقص أم عدم اعتراف بشخصیته مما یؤثر فی الحوار سلباً .
سادساً: الفنیات التی یجب مراعاتها فی عملیة الحوار: (62)
(أ) مرحلة الإعداد: تحتوی هذه المرحلة على عدة فنیات منها:
- یجب اختیار موضوع الحوار فی ضوء اهتمامات المشارکین وفی ضوء الأحداث المعاصرة.
- یجب تحدید الهدف من الحوار والتعرف على الغرض الخاص منه بطریقة إجرائیة واضحة.
- یجب تهیئة المشارکین والمهتمین بموضوع الحوار ذهنیا وذلک من خلال تحدید قضیة الحوار.
- یجب جمع البیانات والمعلومات المتصلة بموضوع الحوار .
- یجب التخطیط لموضوع الحوار وتحدید النقاط الرئیسیة والفرعیة للموضوع.
-یجب التخطیط لبدء الحوار وللمقدمة بما یساعد على جذب انتباه المستمعین.
- یجب التخطیط لخاتمة الحوار والحدیث وهی الجزء الذی سینهی به المتحدث کلامه .
(ب) مرحلة التنفیذ: تحتوی هذه المرحلة على عدة فنیات منها:
- التعریف بأطراف الحوار ویمکن أن یقوم بذلک رئیس الجلسة أو یعرف کل عضو بنفسه.
- استخدام المتحدث لطبقة الصوت المناسبة وتوظیف الصوت لخدمة المضمون.
- الإنصات الجید لکل ما یطرح أثناء الحوار وتجنب المقاطعة بدون استئذان.
- توزیع الأدوار بین الأطراف المشارکة بحیث لا یستأثر طرف بالحدیث دون الآخر.
- استخدام الأسالیب اللغویة المعبرة وذلک لتوصیل الأفکار بدقة ووضوح.
(ج) مرحلة التقویم: وهذه المرحلة تأتی بعد انتهاء الحوار وتشتمل على عدة فنیات منها:
- تذکر الأفکار التی عرضت أثناء الحوار أو قراءتها إن کانت مکتوبة.
- مراجعة الأخطاء التی وقعت من المحاورین أثناء الحوار.
- تحدید النقاط الایجابیة والسلبیة التی حدثت أثناء الحوار.
- التعرف على أسباب الأخطاء التی وقع فیها المحاور ومحاولة تجنبها فی الحوارات التالیة.
المحور الثالث: منظمات المجتمع المدنی وأزمة الحوار المجتمعی:
ففی الظروف التی تمر بها مصر تلک المتعلقة بالانتقال من مجتمع الدیکتاتوریة وحکم الفرد والفقر وانتهاک الحقوق إلى مجتمع الحریة والدیمقراطیة وحکم المؤسسات ، فإن الحوار المجتمعی یبقى ضرورة لازمة ومتطلبًا رئیسیاً حیث یتوقف نجاح المنظمات على مقومات من أهمها:
(أ) الوزن النسبی لمنظمات المجتمع المدنی:
تشیر أحدث الإحصائیات إلى أن عدد المنظمات الأهلیة فی مصر وصل إلى 35700 جمعیة أهلیة ، وإذا ما علمنا أن المجتمع المصری الذی یضم 27 محافظة یتبعها 4679 قریة و218 مدینة 79 حی فإننا نستنتج إنه یتوفر منظمة أهلیة واحدة على الأقل فی کل تجمع إداری. وتشیر البیانات المتوفرة إلى أن المتوسط السنوی لعدد الجمعیات التی یتم إشهارها قد تزاید بشدة فی السنوات العشر الأخیرة حیث تم إشهار حوالی 4500منظمة أهلیة وبالقطع فإن هذا العدد الکبیر من المنظمات والانتشار الجغرافی الجید لها یوفر إطاراً جیداً یمکنها من إدارة الحوار المجتمعی على مستوى واسع.
(ب) تنوع میادین عمل منظمات المجتمع المدنی:
لم یتوقف التطور الذی طرأ على منظمات المجتمع المدنی عند الزیادة العددیة فقط لکنه تجاوزها إلى زیادة وتنوع میادین العمل التی تعمل فیها هذه المنظمات، فوفقا للمادة (11) من قانون (84) لسنة 2002 فإن الجمعیات الأهلیة تعمل على تحقیق أغراضها فی المیادین المختلفة لتنمیة المجتمع وفقا للقواعد والإجراءات التی یحددها القانون واللائحة التنفیذیة . وقد أجازت المادة (11) بعد أخذ رأى الاتحادات المختصة وموافقة الجهة الإداریة أن تعمل فی أکثر من میدان کما أجاز للجمعیة بعد اکتسابها الشخصیة الاعتباریة القیام بأی نشاط یؤدی إلى تحقیق أغراضها فی تنمیة المجتمع. وقد أوضحت المادة (48) من اللائحة التنفیذیة للقانون (84) لسنة 2002 إنه یعد من میادین تنمیة المجتمع أیة أنشطة تهدف إلى تحقیق التنمیة البشریة المتواصلة سواء فی ذلک الأنشطة التعلیمیة أو الصحیة أو الثقافیة أو الخدمات الاجتماعیة أو البیئیة أو حمایة المستهلک أو الدفاع الاجتماعی أو حقوق الإنسان ، وغیرها.
(ج) الحیاد السیاسی لمنظمات المجتمع المدنی:
المنظمات الأهلیة فی مصر تکتسب جزءاً کبیراً من مصداقیتها من حیادها السیاسی الذی یفرضه علیها القانون فقد حظر القانون من إنشاء الجمعیات السریة ، والجمعیات ذات الطابع العسکری ، أو التی تخالف النظام العام أو تدعو إلى التمییز بین المواطنین بسبب الجنس أو العقیدة. کما حظر القانون على المنظمات الأهلیة ممارسة نشاط سیاسی وأی نشاط نقابی، ویمکن أن یکون هذا الحیاد السیاسی عاملاً إیجابیاً فی قدرتها على إدارة الحوار حیث سیمکنها من التواصل مع کافة أطراف المجتمع .
التحدیات التی تعترض قدرة منظمات المجتمع المدنی على الحوار المجتمعی:
(أ) البیئة القانونیة :
أهم إشکالیات العمل المدنی فی مصر هی القوانین المنظمة حیث یستطیع المراقب لعمل منظمات المجتمع المدنی فی مصر أن یلحظ تغیراً سلبیاً ملموساً من أجهزة الدولة حتى صدر القانون 84 لسنة 2002 ولائحته المنظمة له الذی أعطى للسلطات الإداریة حق التدخل فی شئون الجمعیات وفتح الباب للسیطرة الأمنیة علیها ، کما قید القانون بصورة واضحة حق تلقی الجمعیات لتمویل یعینها على أداء مهامها وبالتالی فإن هذه الأوضاع القانونیة والتی لازالت قائمة بعد ثورة ینایر تمثل قیداً قویاً یعیق خطى المنظمات المدنیة نحو تفعیل الحوار المجتمعی .
(ب) الصورة الذهنیة السلبیة لدى المجتمع: فعلى خلفیة ما شهده النصف الأول من عام 2012 تفجر ما عرف بقضیة التمویل الأجنبی والذی صورتها وسائل الإعلام على أنها قضیة جاسوسیة قد یتهم فیها البعض بتهمة "الخیانة العظمى. فقد أثرت هذه القضیة فی الصورة الذهنیة للمنظمات لدى قطاع لیس بالقلیل من المواطنین وهو ما حد من قدرتها على إدارتها للحوار.
(ج) العلاقات البینیة ونقص أطر التعاون الداخلی ورفض الحوار المجتمعی:
حیث تتمثل فی طبیعة العلاقات بین المنظمات وبعضها البعض من جهة ، وطبیعة العلاقات والنظم الداخلیة فی هذه المنظمات من جهة أخرى، فبعد ثور ة 25 ینایر 2011 ظهرت أصوات محسوبة على المنظمات المدنیة لتهاجم منظمات أخرى ، بل وجدنا قبل وبعد الثورة منظمات أهلیة تتبنی مواقف سیاسیة وتنحاز لمواقف قوى سیاسیة بعینها متخلیة عن نهجها الحیادی فضلاً عن ذلک فإن خبرتها فی إدارة حوار تکاد تکون سلبیة إذ أن کثیر من هذه المنظمات لم تتبنى الحوار کخیار ولم تستجب لدعوات حکومیة سابقة للحوار .
المحور الرابع: النتائج العامة: وفى النهایة تستنتج الورقة النقاط التالیة:
1- أن التأکید على الحریة الفردیة فی عملیة الانضمام إلى المجتمع المدنی ومدى استقلالیته عن الدولة تعکس الأسس الإیدیولوجیة للفلسفة اللیبرالیة والرأسمالیة القائمة على تغلیب مصلحة الفرد على ما عداها.
2- أن تنظیمات المجتمع المدنی توجد فی معظم دول عالمنا المعاصر بغض النظر عن طبیعة نظم الحکم القائمة ولکن وجود هذه التنظیمات من حیث الکم والکیف یختلف باختلاف الظروف البیئیة المحیطة التی تتباین بطبیعة الحال من دولة إلى أخرى ومن منطقة إقلیمیة إلى أخرى.
3- أنه فی ظل ما تتعرض له منظمات المجتمع المدنی من عراقیل تعیق تحقیق دور فاعل فی مجال الحوار المجتمعی لم تتوقف هذه المنظمات عن حالة الصراع السائدة مع بعضها البعض من جهة و مع الدولة من جهة أخرى.
4- أن هنالک حاله من عدم الاهتمام بضرورة التشبیک وتوثیق العلاقات بین منظمات المجتمع المدنی على الصعیدین الداخلی والخارجی إضافة لذلک أن غالبیة المنظمات لم تضع خطة عمل إستراتیجیة لتحقیق أهداف محددة وواضحة بدلاً من حاله تبعثر الجهود الذی یلاحظ على أدائها مما یجعل من قیادتها للحوار المجتمعی محاولات مرهونة بالإخفاق والفشل أحیاناً.
5- إن الحوار المجتمعی هو نتاج عقلیة جماعیة تؤمن بالآخر وجوداً ورأیاً وقراراً وتأثیراً. عقلیة لا ترضى إلغاء الآخر ولا تسعى للسیطرة علیه فکراً وسلوکاً، عقلیة لا تحتکر العلم والمعرفة دون الآخر بل وتسعى لمشارکة الآخر عن طریق تقدیره واحترام رأیه ومحاولة فهمه من أجل دوام الصلة معه. وبالتالی فإن للحوار دوراً فاعلاً فی ترویض النزاعات وسوء الفهم بین الإفراد وتلیین صلابة موقفهم کی یبنوا عقولهم على التسلیم بنسبیة الآراء وعدم إطلاق المعرفة وقابلیة الرأى للمراجعة والتعهد بنبذ الأحکام المسبقة نحو الآخر.
6- یستهدف الحوار المجتمعی إبراز الجوامع المشترکة بین الطرفین وتعمیقها فی مختلف المجالات والتأکید على ضرورة نشر قیم الاعتدال والوسطیة والاستعداد لقبول الآخر.
7- إن النجاح فی إدارة أزمة الحوار المجتمعی یستلزم بلورة المنظمات لخططها وبرامجها وفق رؤیة تسعى من خلالها لتحقیق وترسیخ مفاهیم تغییر وتطویر المجتمع، ولیس فقط تقدیم المساعدة والإغاثة فعملها لا یقتصر على ذلک بل یشمل السعی لتغییر المجتمع وتطویره وهذا أساس العملیة التنمویة التی تشکل جوهر عمل منظمات المجتمع المدنی.
8- ضرورة الحذر من تسطیح فکرة المجتمع المدنی وتخفیضها واختزالها إلى جمعیات غیر حکومیة تهتم بقضایا جزئیة وتسعى إلى الحصول على التمویل والتدریب والتشبیک مع الجمعیات المشابهة مما یفضی إلى جعل القوى المحلیة فرصة لقوى خارجیة تتکفل هذه الأخیرة بإعالتها والإنفاق علیها وتمویلها بغیة إفسادها.
9- إن النجاح فی إدارة أزمة الحوار المجتمعی یستلزم من القائمین على هذه المنظمات التأکید على استقلالیة هذه المنظمات وبما یحقق أهدافها فی تنشیط الحیاة العامة واستعادة المواطنین إلى حقل المشارکة الإیجابیة وإلى إرساء مبدأ المواطنة والحقوق المتساویة وسیادة القانون فإنها تعمل فی سبیل إطلاق حوار مجتمعی دیمقراطی بین جمیع الاتجاهات الفکریة والسیاسیة وتنشیط المنتدیات والندوات والملتقیات الثقافیة والدفاع عن الحریات الأساسیة ولاسیما حریة الفکر والضمیر وحریة الرأی والتعبیر.
10-إن تبنی وتفعیل دور المجتمع المدنی یجب أن یأخذ فی الحسبان الظروف البیئیة المحیطة ومن ثمّ یتوجب التریث فی تنفیذ الإصلاحات السیاسیة والاقتصادیة إذا کانت لا تتماشى مع الأوضاع المجتمعیة الحالیة . فالعدید من الدول النامیة أسرعت فی تنفیذ مثل هذه الإصلاحات تطوعاً أو تحت ضغوط دولیة بالرغم من عدم استعدادها لذلک.
المبحث الخامس: رؤیة مقترحة لتفعیل دور منظمات المجتمع المدنی فی أزمة الحوار المجتمعی :
انطلاقاً من الهدف الذی تسعى إلیه الورقة فأن هذه الرؤیة تستهدف إیجاد أسس علمیة یمکن من خلالها أن تضع أمام المسئولین فی هذه المنظمات مقترحاً لتدعیم الحوار وتشکیل الاتجاهات والمعارف نحو تفعیل دور منظمات المجتمع المدنی فی الحوار المجتمعی.
أولا: أهداف الرؤیة المقترحة:
1- إتاحة الفرص أمام الجمعیات الأهلیة والمسئولین الحکومیین للاشتراک فی الحوار والتشاور حول قضایا المجتمع ذات الأولویة من خلال الالتزام بقیم المشارکة والمساءلة والشفافیة.
2- تستهدف تشجیعالتفاوض الفعال والتعاون لاسیما فی مجال تحدید احتیاجات واهتمامات وأولویات المجتمع.
3- توسیع نطاق الفرص المتاحة أمام القاعدة الشعبیة للتعبیر عن نفسها.
4- إیجاد قنوات اتصال والوصول إلى قواعد عامة للتعامل بین أطراف المجتمع المختلفة وتوجیه الاستثمارات والفرص لأجل مصلحة المجتمع.
5- بناء قدراتمنظمات المجتمع المدنی ودعم دورها فی نطاق المجتمع.
6- تفعیل المجتمع من خلال التعرف على ما به من نقاط للقوة والضعف وتحدید قضایا العمل المدنی ذات الأولویة ثم إیجاد الحلول المناسبة لها.
7- بلورة مثال لعملیة التشاور یقوم المجتمع المدنی من خلالها بمساعدة القادة والمسئولین على التعرف على ما یجب القیام به لضمان التأثیر على عملیة الإصلاح وتطویر السیاسة العامة.
ثانیاً: مسلمات الرؤیة المقترحة:
- اعتبار الحوار المجتمعی مسألة جماعیة فی الدرجة الأولى وبالتالی فإن الجهود الفردیة سواء على مستوى منظمات أو فئات بعینها لن تقدم الکثیر بل تحتاج إلى تکاتف مشترک.
- الحوار المجتمعی دائماً فی حاجة إلى الفکر التوجیهی والإرشادی فی کافة مراحله على مستوى التخطیط والتنفیذ والمتابعة والتقویم.
- مشارکة کافة المنظمات فی تنفیذ الرؤیة المقترحة ویجب إن تکون المشارکة قائمة على الحس بالمسؤولیة والاقتناع بالمشکلة والفهم الصحیح لتنفیذ مسارات العمل.
- أن یتجه الحوار ومهاراته إلى بناء اتجاهات وقیم وسلوکیات فهذا محرک رئیسی فی الرؤیة المقترحة ولا یکتفی فقط بالمعارف والمعلومات فی هذا الجانب دون تأثیر فی المجتمع.
- إن العالم المتقدم والمتطور الیوم یموج بالأبحاث والدراسات والتجارب ولذا یجب الاستفادة منها لتفعیل دور منظمات المجتمع المدنی فی الحوار المجتمعی.
ثالثاً: المنطلقات النظریة لإعداد الرؤیة المقترحة:
- الإطار النظری الخاص بالمجتمع المدنی ودورة فی تحقیق الأهداف المجتمعیة.
- مراجعة الدراسات والبحوث العلمیة ذات العلاقة بالحوار المجتمعی بشکل عام وبدور منظمات المجتمع المدنی فی الحوار المجتمعی بشکل خاص.
- التجارب العالمیة والعربیة والمحلیة للمؤسسات والهیئات المختلفة التی لدیها اهتمام بالحوار وثقافته.
رابعاً: الخصائص العامة للرؤیة المقترحة:
- تشمل منظمات المجتمع المدنی بکافة أنواعها.
- تهدف إلى تعزیز الحوار المجتمعی لدى منظمات المجتمع المدنی.
- تتیح بجانبیها النظری والعملی التطبیقی فرصاً أکبر لمنظمات المجتمع المدنی لإجراء الحوار.
- تراعی احتیاجات المجتمع وتراعی الفروق الفردیة بین افرادة.
- تؤمن بضرورة الحاجة الملحة لإجراء تطویر من خلال تعزیز الحوار ومهاراته.
خامساً: مراحل بناء رؤیة الحوار المجتمعی:
تعد هذه المراحل التمهیدیة لسیر الحوار فی غایة الأهمیة فهی توضح الملامح الرئیسیة دون تحدید تفاصیل قد تکون مقیدة فی بعض الأحیان أو قد یکون تحدیدها غیر ذی جدوى نظراً لاحتمال حدوث التغییر فیها بدرجة کبیرة. وتتلخص مراحل الحوار المجتمعی فیما یلی :
یتم فیها ترسیخ أسس الحوار من خلال تقدیم فکرته ومناقشة الهدف منه والمخرجات المتوقعة والموارد المطلوبة وکیفیة تدبیرها وتوزیع الأدوار والمسئولیات. وتتضمن ( اختیار المجتمع الذی سوف ینفذ به الحوار المجتمعی طبقاً لمعاییر أساسیة مثل وجود أطراف محلیة لدیها الاستعداد للحوار والعمل على تنفیذ توصیاته ومتابعتها، ویفضل أن یکون به جمعیة أهلیة تستطیع استضافة الحوار فی مراحله الأولى الخ.،عقد اجتماع تحضیری مع ممثلی المجتمع المحلی للتعریف بمفهوم الحوار المجتمعی ومناقشة الخطة المقترحة وتحدید معاییر اختیار اللجنة المنظمة، والوقوف على مدى قبولهم لإجراء الحوار) .
باعتبارها المتحدث الرسمی والمحرک الأساسی للحوار المجتمعی ، ولذا یجب أن تکون اللجنة على درایة کاملة بمفاهیم ومهارات وآلیات الحوار المجتمعی ومن بینها:
- مفاهیم الحکم الجید والدعوة والاتصال ومبادئ تیسیر الجلسات والتفاوض وفض المنازعات.
- البحث السریع بالمشارکة وکیفیة تطبیق تقنیاته لجمع وتحلیل بیانات المجتمع.
- التخطیط ووضع خطة متکاملة للحوار المجتمعی مع إعداد موازنة مالیة.
حیث یتم توسیع القاعدة الشعبیة للحوار بتوجیه الدعوة لجمیع الأطراف المعنیة المشارکة، ومن الطبیعی أن یختلف أسلوب الدعوة للحوار بناء على عدة اعتبارات تتعلق بطبیعة المجتمع وبصفة عامة یجب أن یتمتع المتحدث بالمصداقیة لدى أفراد المجتمع. وعند اختیار ودعوة المشارکین یجب أن یکونوا ممثلین لمختلف المناطق الجغرافیة بالمجتمع، ومنظمات المجتمع المدنی، وصناع القرار على المستوى المحلی، والفئات الخاصة کالشباب والمرأة، والقادة الشعبیین، ونشطاء المجتمع وذوى النفوذ لتمثیل جمیع الأطراف المعنیة من أجل تحقیق التواصل الفعال.
- تعیین مسئول اتصال مجتمعی لتجهیز المعلومات حول القضایا التی یرغب أطراف الحوار فی مناقشتها ویطلق علیها اسم الوصف المجتمعی. ویتم إعداده باستخدام أسالیب البحث السریع بالمشارکة. وهذا من شأنه المساعدة فی إعلام المجتمع والمشارکین بجوانب القوة والتحدیات والمشکلات التی تواجه المجتمع بحیث یمکن تقییمه وتحدید أولویاته واحتیاجاته.
- اختیار القیادات من المجتمع المستضیف مع وضع جدول أعمال الجلسة.
- من المهم تعیین مسئول إداری لتقدیم الدعم الإداری والتنظیمی اللازم من حیث إرسال خطابات الدعوة وإعداد مکان الحوار، ومستلزمات فترات الراحة، والأجهزة السمعیة والبصریة، والأدوات المکتبیة، وتسجیل المشارکین، وإعداد وتوزیع بطاقات التعریف...إلخ
یتم ذلک من خلالتهیئة منظمات المجتمع المدنی التی لدیها سابق خبرة ناجحة فی مجال الحوار المجتمعی لتکون مرشداً ومعلماً لغیرها من المنظمات وذلک بعقد لقاءات شعبیة وورش عمل تحضیریة للتعریف بالحوار المجتمعی والهدف منه ودور المجتمع فیه، بالإضافة إلى عرض الوصف المجتمعی ومناقشته. کما تهدف هذه المرحلة أیضاً إلى التأکید على مشارکة جمیع أطراف المجتمع والاتفاق على القواعد العامة للحوار.
یتم فیه توسیع نطاق الحوار لیکون أول لقاء مفتوح مع فئات متعددة من المجتمع یتناول:-
- ال
- تعریف أطراف الحوار بما تم من إجراءات وتجهیزات.
- توضیح الهدف من الجلسات وبرنامج العمل وما یجب إنجازه.
- تنظیم مجموعات عمل صغیرة لمناقشة القضایا ذات الأولویة .
لا ینتهی الحوار المجتمعی بانتهاء المشکلات حیث أنه من المهم متابعة نتائج الحوار لضمان تحقیق التأثیر المطلوب والذی یهدف إلى زیادة المشارکة فی عملیة اتخاذ القرار، وغالباً ما تتبلور الملامح الرئیسیة لاستمراریة الحوار من خلال ما یعرضه المشارکون من توجهات واقتراحات حول ماذا بعد؟ ومن ثم تتشکل لجنة لمتابعة الاقتراحات المطروحة وترجمتها إلى خطة عمل لاستمراریة الحوار. ویجب النظر إلى الحوار المجتمعی کعملیة متحرکة ومتجددة وتختلف من مجتمع إلى آخر فلا یجب أن ینتهی الحوار بانتهاء هذه اللقاءات.
سادساً: التکنیکات المستخدمة:
- تتمثل فی اللقاءات التمهیدیة لإعداد وتهیئة المجتمعات ونشر ثقافة الحوار المجتمعی والتوعیة باهمیتة ودوره فی حل المشکلات المجتمعیة باعتباره وسیلة للتحسین المستمر، مع استعجال نتائجه خاصة المادیة الملموسة منها.
سابعاً: المعوقات التی تتسبب فی أزمة الحوار المجتمعی:
- عدم القناعة بالتعددیة والاختلاف لان ذلک سیفسد الحوار ویتحول إلى منازعة وشقاق.
- التفاوت فی القوى بین أطراف الحوار وهیمنة طرف من الأطراف على مجریاته .
- عدم وصول المعلومات لکل الأطراف بنفس المواصفات.
- عدم وجود قواسم مشترکة بین المتحاورین فنجد کلاً منهما یتحدث فی موضوع لا یفهمه الآخر أو انه یتحدث عن أمور لا یستطیع الطرف الآخر استیعابها .
- الشک فی جدوى الحوار أو من یدعون إلیه .
ثامناً: النتائج المتوقعة من الحوار المجتمعی:
- تمکین المجتمعات من إدارة شئونها ذاتیاً.
- إیجاد اتفاق حول أولویات المجتمع وکیفیة التعامل معها.
- زیادة معرفة الإفراد بطبیعة وإمکانیات مجتمعهم من خلال الرؤیة المتکاملة للمجتمع بتحدیاته وموارده وتوجهاته.
- اکتشاف کوادر قیادیة وتنمیتها من خلال الحوار المجتمعی.
- فتح قنوات تواصل واضحة بین فئات المجتمع .
التوصیات والمقترحات :
1- على منظمات المجتمع المدنی أن تدیر حوارًا بینیاً فیما بین المنظمات وحواراً فیما بین النخب والقیادات بهدف الوقوف على القضایا ذات الأولویة والأهداف التی یجب على ضوئها فتح حوار مجتمعی شامل.
2- على المنظمات إن تهتم بآلیة التشبیک کأداة مهمة لتوسیع قاعدة الحوار المجتمعی.
3- على المنظمات أن تجتهد فی تحسین صورتها الذهنیة ومداواة ما لحق بها جراء ما حدث من متغیرات ویمکن إن یتم ذلک عن طریق نشر الرسائل الإعلامیة والمطبوعات وتنظیم اللقاءات العامة التی توضح للإفراد حقیقة أهداف المنظمات وحقیقة تمویلها ، وهو ما یجعل من قضیة الشفافیة فی إدارة هذه المنظمات قضیة مصیریة.
4- یجب دعوة منظمات المجتمع المدنی إلى مواصلة عملها وتطویر استراتیجیاتها ورؤاها للتأثیر فی عملیّة إصلاح المنظومة المجتمعیة واقتراح مشاریع وتصوّرات بدیلة.
المراجع المستخدمة فی الدراسة
القرآن الکریم .
1- عبد الباقی الهرماسی: اﻟﻤﺠتمع المدنی والدولة فی الممارسة السیاسیة الغربیة من القرن التاسع عشر إلى الیوم "دراسة مقارنة" فی" اﻟﻤﺠتمع المدنی فی الوطن العربی ودوره فی تحقیق الدیمقراطیة"، مرکز دراسات الوحدة العربیة، ط 2، لبنان، 19 ینایر 2001، ص 270
2- علی الکنز: من الإعجاب بالدولة إلى اکتشاف الممارسة الاجتماعیة دراسة فی" المجتمع المدنی فی الوطن العربی ودوره فی تحقیق الدیمقراطیة" ، مرجع سابق، ص310
3- إبراهیم عبد المعطى نعیم : العملالأهلیالتطوعیوالعولمة ، بحث منشور فی المؤتمر السنوی الثانی للاتحاد العام للجمعیات والمؤسسات الأهلیة فی الفترة من ٢٣-٢٤ إبریل٢٠٠٠"الجمعیات الأهلیة وتحدیات القرن الحادی والعشرین"، الجزء الثانی، القاهرة ، ص 368
4- عبد الکریم بکار: التربیةالحوار (الریاض: مرکز الملک عبد العزیز للحوار،2009) ص317
5- بلیوز الطاهر: المجتمع المدنی کبدیل سیاسی فی الوطن العربی، مجلة العلوم الاجتماعیة والإنسانیة ، العدد 15، 2006، ص 207
6- مدحت محمد أبو النصر : إدارة منظمات المجتمع المدنی (القاهرة : ایتراک للنشر والتوزیع, ط1, 2007) ص ص 70-71
7- علی حرب : العالم ومآزقه" منظم الصدام ولغة التداول" ( المغرب: مرکز الثقافی العربی، ط 2، 2007) ص 17
8- سعد الدین إبراهیم: المجتمع المدنی والمؤسسة الدینیة والمطلقات فی العالم العربی، جریدة الحیاة اللندنیة، العدد 13983، 27/3/2001، ص10
9- ناصر علی الشیخ: دور منظمات المجتمع المدنی فی تعزیز المشارکة السیاسیة فی فلسطین ، رسالة ماجستیر غیر منشورة ، جامعة النجاح الوطنیة بنابلس ، فلسطین ، کلیة الدراسات العلیا، 2008، ص 25
10-موقع البنک الدولی : بوابة المجتمع المدنی http://web.worldbank.org/
11-جمال الدین محمد مکرم ابن منظور: لسان العرب (بیروت: دار صادر، ج4، ١٤١٤ ه، 2003) ص ص 217- 218
12-أحمد حسین الزیات: المعجم الوسیط (بیروت: ج1، د ت) ص 204
13-خلیل عبد المجید زیادة: الحوار والمناظرة فی القرآن ( بیروت: دار المنار للطباعة والنشر، د ت ) ص19
14-منىإبراهیم اللبودی:الحوارفنیاتهواستراتیجیاتهوأسالیبتعلیمه (القاهرة : مکتبةوهبة، ،2003، 1423) ص 14
15-تیسیر ألفتیانی: کیفنحاورالآخرین (بیروت: بیتالأفکارالدولیة،2005 (ص38
16-عبد الله الصقهان/ محمدالشویعر: قواعدومبادئالحوارالفعال) الریاض: مرکزالملکعبد العزیزللحوارالوطنی ، ط2 1430ه، 2006) ص 7
17-عبد الرحمن النحلاوی : التربیة بالحوار (دمشق: دار الفکر،2004 ) ص13
18-أبو الحسن أحمد فارس: معجمالمقاییسفیاللغة (بیروت: دار الفکر،1418 (ص 189
19-عیسى ناصر الدریبی: الحوارالناجحفیضوءحواراتالأنبیاء والرسل (الریاض : مرکز الملک عبد العزیز للحوار الوطنی، ط 1،2010) ص15
20-أبو الحسن أحمد فارس: مرجع سبق ذکره ، ص 997
21-أبو الحسن أحمد فارس: مرجع سبق ذکره ص 1007
22-ریم خلیف البانی: ثقافة الحوار لدى طالبات المرحلة الثانویة فی مدینة الریاض ودورها فی تعزیز بعض القیم الخلقیة ، مرکز الملک عبد العزیز للحوار الوطنی، الریاض، 1430، 2010 ، ص 35
23-عنصر العیاشی: ما هو اﻟﻤﺠتمع المدنی؟ "الجزائر أنموذجا" ( الجزائر: جافنی، مجلة إنسانیات، العدد 13 ، أفریل 2001 ) ص 63
24-عزمی بشارة : المجتمع المدنی دراسة نقدیة " مع إشارة للمجتمع المدنی العربی" (بیروت: مرکز دراسات الوحدة العربیة ، الطبعة الثانیة ، أکتوبر2000 ) ص 45
25- John Burbidge & el.et: Citizen Participation and The Rise of Civil Society, New York, Pact Publications, 1998,pp.17-18
26-زیاد علاونة وآخرون: دلیل منظمات المجتمع المدنی الأردنی لتطویر السیاسات الحکومیة، دلیل مرجعی (عمان: الأردن ، مؤسسة الأرض والإنسان لدعم التنمیة) ص 49
27-أحمد واعظی: اﻟﻤﺠتمع الدینی والمدنی (لبنان : دار الهادی ، ط1 ،2001) ص 24
28-أحمد شکر الصبیحی: مستقبل المجتمع المدنی فی الوطن العربی (بیروت : مرکز دراسات الوحدة العربیة ، 2000) ص18
29-أحمد واعظی: مرجع سبق ذکره ، ص28
30-أحمد شکر الصبیحی: مستقبل اﻟﻤﺠتمع المدنی فی الوطن العربی (لبنان : مرکز دراسات الوحدة العربیة ، ط 2 ، 2008) ص 20
31-عنصر العیاشی : مرجع سبق ذکره، ص 65
32- Neera Chandhoke: "The Limits of Global Civil Society," in Global Civil Society. Edited by Marlies Glasius& et. al. (Oxford: Oxford University Press, 2002, pp.35-53, at pp. 45-47
33-أحمد واعظی: مرجع سبق ذکره، ص 38
34-عبد الباقی الهرماسی: مرجع سبق ذکره ، ص 94
35-غازی الصوارنی: تطور مفهوم المجتمع المدنی وأزمة المجتمع المدنی (القاهرة : مکتبة جزیرة الورد ، 2012 ) ص33
36-محمد ألغیلانی : المجتمع المدنی "حججه ، مفارقاته ومصادره" ( بیروت : دار الهادی للنشر والطباعة والتوزیع ، 2004) ص.ص 185-186
37-Andrew Heywood: Key Concepts in Politics (New York: Pal grave, 2000) pp. 17-18.
38-Raymond Duncan, et. al.: World Politics in the 21st Century (New York: Pearson, Longman, 2004) p. 7
39-Marlies Glasius & Mary Kaldor: "The State of Global Civil Society: Before and After September 11," in Global Civil Society. Edited by: Marlies Glasius, et. al. (Oxford: Oxford University Press, 2002, pp. 3-33,
40-عبد الغفار شکر: نشأة وتطور اﻟﻤﺠتمع المدنی، مقالة فی الموقع الإلکترونی www.mowaten.org www.diwanalarab.com
41-David Held& et. Al,: The Global Transformations: Politics, Economics and Cultures, (Cambridge: Polity press, 2000), p59
42-Richard Crockett: "The End of the Cold War," in The Globalization of World Politics: An Introduction to International Relations, Edited by: John Baylis& Steve Smith (Oxford: Oxford University Press, 2002) pp. 89-106
43- Amany Abdel Rahman: civil society exposed" the politics of NGOs in Egypt", Cairo American university press,cairo,2004,p12
44-أحمد شکر الصبیحی: مرجع سبق ذکره، ص 32
45-بلیوز الطاهر: مرجع سبق ذکره ، ص ص 207-212
46-عزمی بشارة: مرجع سبق ذکره ، ص ص 14- 15
47-أیمن عبد الوهاب : المجتمع المدنی وتحدی الإصلاح ، مجلة الدیمقراطیة ، أبریل 2102، ص75
48-أیمن عقیل : المنظمات المدنیة فی مصر" الواقع والدور المنتظر بعد ثورة 25 ینایر ، ورقة عمل مقدمة لمؤتمر دراسات المجتمع المدنی العربی ، القاهرة : دیسمبر2012
49-أحمد زرمان: الحوار فی مرجعیتنا الدینیة والثقافیة ، بحث منشور فی مؤتمر الحوار مع الذات , أوراق المؤتمر العلمی الثامن لکلیة الآداب والفنون, جامعة فیلادلفیا (عمان: دار مجدلاوی للنشر والتوزیع ، 28 – 30 یولیو، 2003) ص 129
50-سعید إسماعیل علی: الخطاب التربوی الإسلامی (الدوحة : سلسلة کتاب الأمة ،2004 ) ص 20
51-عبد العزیز التویجری : الحوارمنأجلالتعایش) القاهرة : دار الشروق، 2002 ص 14
52-عبد القادر الشیخلی: ثقافةالحوارفیالإسلام (الریاض: مؤسسة الیمامة الصحفیة ، ط 1،2003 ) ص.ص 128- 131
53-محمد فهد الثوینی: کیفأقنعأبنائی ... ؟بالحوارالناجح (القاهرة : دار اقرأ، ط 1،1424) ص 52
54-فهد ناصر العبودی: الحوار منهج وسلوک) الریاض: المملکة العربیة السعودیة، دار أطلس الخضراء ،2005 (
55-یحیى الزمزمی : الحوار آدابه وضوابطه فی ضوء الکتاب والسنة(عمان: دار العلعالی، 1428ه) ص 195
56-فیصل محمد الدنیش: الحوار الاجتماعی من منظور نفسی (الریاض: مطابع النرجس للنشر والتوزیع، 2005) ص57.
57-احمد عبده عوض : فقه الحوار فی ضوء السنة النبویة (القاهرة : شرکة ألفا للنشر والإنتاج الفنی، 2008) ص59
58-إبراهیم الدیب: المحاورالمحترفآدابومهارة (القاهرة : عالم الکتب، 2005) ص86
59-خالد القرشی: تربیةالنبیصلىاللهعلیهوسلملأصحابهفیضوءالکتابوالسنة (عمان: دار العلعالی ، 2003) ص32
60-محمد شمس الدین خوجة: الحوار آدابه و منطلقاته وتربیة الأبناء علیه (الریاض: مرکز الملک عبد العزیز للحوار الوطنی، ط1 ،2009) ص ص20-25
61-عبد الله الصقهان/ محمد الشویعر: قواعد ومبادئ الحوار الفعال، مرکز الملک عبد العزیز للحوار الوطنی، ط 2، الریاض،المملکة العربیة السعودیة ، 2006.
62-إبراهیم عبد الله العبید: تعزیزثقافةالحوارومهاراتهلدىطلابالمرحلةالثانویة، مرکز الملک عبد العزیز للحوار الوطنی، الریاض، ط2، 2010 ، ص 58