هوية الخدمة الإجتماعية بين العالمية والإقليمية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ غير متفرغ بالمعهد العالي للخدمة الإجتماعية بکفر الشيخ

المستخلص

تتناول هذه الورقة المراحل التي مرت بها الخدمة الإجتماعية منذ نشأتها في مصر حتى الآن والعوامل التي أثرت على هويتها , وتعتبر الورقة رؤية شخصية من أحد العاملين بالمهنة على امتداد نصف قرن قد يختلف البعض مع هذه الرؤية أو يتفق معها ,ولا يلقى فيها باللوم على الآخرين , بل يتحمل الکاتب مع غيره نصيبا مما طرأعلى المهنة سلبا أو ايجابا, ولعل من يأتي بعدنا من يصحح أخطاءنا ...ويمکن تقسيم هذه المراحل الى ثلاثة مراحل :-

نقاط رئيسية

هویة الخدمة الإجتماعیة

الكلمات الرئيسية


 

ورقة عمل

هویة الخدمة الإجتماعیة بین العالمیة والإقلیمیة

 

 

من

أ.د. محمد أحمد عبدالهادی

أستاذ غیر متفرغ بالمعهد العالی للخدمة الإجتماعیة

بکفر الشیخ

 

2015

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هویة الخدمة الإجتماعیة بین العالمیة والإقلیمیة

 

   تتناول هذه الورقة المراحل التی مرت بها الخدمة الإجتماعیة منذ نشأتها فی مصر حتى الآن والعوامل التی أثرت على هویتها , وتعتبر الورقة رؤیة شخصیة من أحد العاملین بالمهنة على امتداد نصف قرن قد یختلف البعض مع هذه الرؤیة أو یتفق معها ,ولا یلقى فیها باللوم على الآخرین , بل یتحمل الکاتب مع غیره نصیبا مما طرأعلى المهنة سلبا أو ایجابا, ولعل من یأتی بعدنا من یصحح أخطاءنا ...ویمکن تقسیم هذه المراحل الى ثلاثة مراحل :-

                                           المرحلة الأولى : مرحلة النشأة والنمو من (1932-1961):

   اختلفت مرحلة النشأة والنمو  للخدمة الإجتتماعیة  فی مصر عنها فی الولایات المتحدة الأمریکیة ,حیث کانت النشأة والتطور هناک ترجع لظروف ومشکلات اجتماعیة صاحبت التطور التاریخی للمجتمع الأوروبی والأمریکی منها المشکلات الناتجة عن الهجرة والمشکلات الناتجةعن التصنیع والتحضر وضعف العلاقات الإجتماعیة وغیرها , فظهرت الخدمة الاجتماعیة هناک کممارسات إجتماعیة تطوعیة لتساعد فی حل هذه المشکلات ثم تطورت الى عمل مؤسسی توافرت له المقومات المهنیة فأصبحت المهنة لها مدارس علمیة تمنح خریجیها المؤهل اللازم للممارسة ولها تنظیماتها النقابیة وتوافر لها الإعتراف المجتمعی .

أما فی مصر فقد جاءت وهی مکتملة الأرکان کمهنة من خلال الرواد الذین قاموا بدراسة هذا النشاط المهنی وعادوا یحملون شهادات الماجستیر وبعضهم الدکتوراه فی هذا التخصص .

ولقد ساعد فی قبول المهنة فی هذه الفترة الزمنیة بعض العوامل الإجتماعیة والسیاسیة أهمها:-

ظروف التخلف والفقر التی عاشها المجتمع کنتیجة لاستنزاف ثرواته من قبل المستعمر الأجنبی.

حماس الرواد الذین عادوا من بعثاتهم فی الولایات المتحدة للنهوض بالمجتمع حیث ظهر لهم الفارق الواضح فی درجة النمو والتطور .

تشجیع القیادات الوطنیة فی هذه المرحلة لهؤلاء الرواد باعتبارهم أحد أدوات التغییر الاجتماعی فی المجتمع.

تعدد دعوات التغییر الإجتماعی التی رفعها السیاسیون ما بین النظام اللیبرالی والنظام الاشتراکی والمارکسی والإسلامی ,فکل یعمل وفق قناعاته الفکریة.

ساعد هذا المناخ السیاسی والاجتماعی على ارساء قواعد المهنة فی مصر وتمثل ذلک فی :

انشاء الجمعیة المصریة للدراسات الاجتماعیة بالقاهرة والتی أنشأت مدرسة الخدمة الاجتماعیة لاعداد الأخصائیین الاجتماعیین على مستوى البکالوریوس والتی سبقها بعام انشاء مدرسة الخدمة الاجتماعیة بالاسکندریة .

انشاء بعض المؤسسات الاجتماعیة مثل المحلات الاجتماعیة بالقللی وعرب المحمدی فی المناطق الفقیرة من القاهرة على غرار المحلات الاجتماعیة بأوروبا وأمریکا.

انشاء نادی السیدة لأبناء الشعب بالسیدة زینب .

قامت الدولة استجابة لهذه الجهود بانشاء وزارة للشئون الاجتماعیة فی عام 1937 لتتولى الأنشطة والجهود الاجتماعیة الحکومیة والأهلیة .

انشاء المعهد العالی للخدمة الاجتماعیة للفتیات فی الأربعینات والذی تحول الى کلیة الخدمة الاجتماعیة – جامعة حلوان الآن.

ویمکن وصف هذه المرحلة والتی امتدت حتى بدایة الستینات بأنها مرحلة نشأة وازدهار مهنی واحتفظت المهنة بهویتها الغربیة کاملة .

المرحلة الثانیة : مرحلة الکمون والجمود (من 1961- حتى 1971):

تأثرت الخدمة الاجتماعیة بالتحول الاجتماعی الذی طرأ على المجتمع المصری شأنها شأن غیرها من التنظیمات الاجتماعیة والعلمیة الا أن التأثیر علیها لم یکن إیجابیا للعوامل الآتیة:

ظهور الأیدولوجییة الاشتراکیة کأساس للتغییر الاجتماعی جعل أی فکر أو اتجاه للتغییر الاجتماعی یجب أن یتم وفق الفلسفة الاشتراکیة والتی جنحت تفسیراتها أحیانا بالمیل نحو المارکسیة والصراع الطبقی ضد البورجوازیة والرأسمالیة, وأن التغییر لابد أن یکون جذریا وشاملا, وان الصراع بین الطبقة العمالیة الفقیرة والرأسمالیین قادم لامحالة, وأن جهود الاصلاح من جانب مهن أو أفراد  لا تتم فی هذا السیاق ستکون محاولات رجعیة لا ثوریة .

إستغل بعض المفکرین وخاصة من دارسى علم الأجتماع ذوى المیول المارکسیة هذا المناخ , لإتهام الخدمة الأجتماعیه بأنها مهنه رجعیه نشأت فى احضان الراسمالیه للتخفیف من المشکلات الأجتماعیه التى تواجه العمال والفقراء مما یؤدى الى تأخیر وصول المجتمع الى الصراع الطبقى المستهدف وانها بذلک تسکن الأوجاع الأجتماعیه ولاتسهم فى التغییر الأجتماعى الثوری لصالح الفقراء من العمال والفلاحین.

تم ایقاف البعثات العلمیه الى الولایات المتحده الأمریکیه نظرا لسوء وانقطاع العلاقات السیاسیه بین البلدین و بالتالى أقفل الباب الوحید امام طلاب الدراسات العلیا للخدمه الاجتماعیه بالخارج.

ساعد ذلک على تجمید وضع الکوادر العلمیه وعدم تأهیلها لأن منح الماجستیر والدکتوراه لا یتم الا من خلال الجامعات. وأن الخدمه الأجتماعیه لا تنتمى الى أى من الجامعات لانها معاهد علیا سواء خاصه او حکومیه مما ادى بالبعض بأن یبدأ فى تغییر الهویه المهنیه بالالتحاق من جدید بکلیات الأداب قسم الاجتماع او علم النفس لیتاح له فرصة الحصول على الدکتوراه.

حاول بعض اساتذة الخدمه الاجتماعیه التوافق مع مرحلة التحول الأشتراکى بأعتبار ان مهنة الخدمة الاجتماعیه تهتم بحل المشکلات الاجتماعیه التى تواجه المجتمع فأصدروا بعض الکتب التى درست للطلاب بمعاهد الخدمة الاجتماعیه مثل : الخدمة الاجتماعیه و المیثاق- الخدمة الاجتماعیه فى المجتمع الاشتراکى , وغیر ذلک بحیث یقترب الاساس الفکرى للخدمة الاجتماعیه من التحول الاشتراکى أملا فى أن تتغیر هویة المهنه فى هذا الاتجاه.

کان تعیین خریجى الجامعة والمعاهد العلیا یتم وفق مسابقات خاصه وکانت وظیفة الاخصائى الاجتماعى قاصره على خریجى مدارس و معاهد الخدمة الاجتماعیه لانه الشخص المؤهل مهنیا للعمل الاجتماعى فى المدارس والمستشفیات والمصانع وغیرها.

وترتب على ذلک مشکله واجهت خریجى قسم الاجتماع فى التعیین فارادوا أن یحصلوا على نفس الفرصه فى التعیین الذى أصبح یتم من خلال القوى العامله مباشرة لجمیع مؤسسات ومصالح الدوله .

حاولت اقسام الاجتماع بکلیات الأداب توفیق اوضاعهاوکان ذلک شکلیا. باضافة بعض مقررات الخدمة الاجتماعیه الى مقرراتهم الدراسیه مع مسحة من التدریب المیدانی , بما أثرعلى المستوى المهنى لمن یمارس الخدمة الاجتماعیه , و لم یبالى اى من المسئولین بخطورة ما یتم.

المرحلة الثالثه :- إهتزاز الهویه ( من عام 1971 حتى الان )

   یمکن وصف هذه المرحله بأنها اهتزاز الهویه لیس للخدمه الاجتماعیه وحدها بل للنظام التعلیمى بأسره , وکان ذلک انعکاسا للسیاسه التى سادت فى ذلک الوقت بالعدول عن النظام الاشتراکى والعوده الى النظام الرأسمالی والارتماء بکل القوة فى کنف السیاسة الأمریکیة حیث أعلن رئیس الدوله فى ذلک الوقت ان اوراق حل مشکلات مصر فى ایدى الولایات المتحده الأمریکیه بنسبة 99% وهذا ما ظهر أثره فى معاهدة السلام التى وقعت مع اسرائیل بعد نصر أکتوبر1973 والتى أشرف علیها وزیر الخارجیه الأمریکیه فجاءت وفق السیاسه الامریکیه , وما استتبع ذلک من الانفتاح الاقتصادى و الثقافى .فترک الحبل على غاربه فی جمیع المجالات الصحیه و التعلیمیه والاقتصادیه والسیاسیه مما جعل التعلیم یتجه الى اللغات الاجنبیه فزادت مدارس اللغات على المدارس القومیه , بل ظهرت الجامعات الخاصه والمعاهد الخاصه وکل دوله أجنبیه أصبح لها جامعه باسمها اضافة الى الجامعه الأمریکیه مثل البریطانیه والکندیه والفرنسیه والالمانیه والروسیه وحذت الجامعات الحکومیه حذو الأجنبیة فأنشأت داخل بعض الکلیات دراسات باللغه الأنجلیزیه فى کلیات التجاره والحقوق وما خفى کان أعظم , فضاعت هویة التعلیم.

 

وقد تأثرت مهنة الخدمة الأجتماعیه فی هذه المرحلة بصفه خاصه بالعوامل الأتیه:-

ان عوامل التغییر التى سادت المجتمع فى فترة السبعینات وما بعدها شملت جمیع مناحیه الاقتصادیه والسیاسیه والاجتماعیه , والخدمه الاجتماعیه کمهنه قد تأثرت مثل غیرها من المهن الأخرى وربما أکثر , فدخلت فی هذه الدائره الإقتصادیه التى تبحث عن الربح, خاصة ان الشعار الذى أعلنه رئیس الدوله فى ذلک الوقت " بأن من لا یغتنى فى ایامى هذه لن یغتنى ابدا" فبدأ التوسع فى انشاء معاهد الخدمه الاجتماعیه "الخاصه طبعا" حتى وصلت الان الى عشرة معاهد علیا و خمسه متوسطه .

أدت ثقافة "البیزنس" والانفتاح الذى سمى "السداح مداح " الى شیوع التطلعات الطبقیه لدى الکثیر من أعضاء هیئة التدریس خاصة من أساتذة الاجتماع الذین کانت لهم السیطره على "لجان ترقیة الاساتذه" ولجان قطاع الخدمة الاجتماعیه فأصبحت الاعداد تعنى لهم الکثیر بالنسبه لتوزیع الکتاب الجامعى الذى انتشر توزیعه لیعم جمیع معاهد الخدمة الاجتماعیه, وبالتالى انتشرت العدوى فیما بعد بین اساتذة وأعضاء هیئة التدریس فى تلک المعاهد.

من العوامل الایجابیه التى تمت فى هذه المرحله لظروف تحول النظام التعلیمى بالغاء المعاهد العلیا الحکومیه والصناعیه والزراعیه ومعهدالخدمة الاجتماعیه , باعتبار أن هذه المعاهد معاهد تطبیقیه وتکنولوجیه وهى تنافس کلیات الهندسه والزراعه والتجاره , فأنشأت لهم جامعه جدیده تضمهم جمیعا هى جامعة حلوان والتى ضمت فیما ضمته المعهد العالى للخدمه الاجتماعیه بالقاهره لیکون "کلیة الخدمة الاجتماعیه "بذلک أصبح من حقها منح الماجستیر و الدکتوراه ثم بعد ذلک انشئت کلیة الخدمة الإجتماعیة جامعة الفیوم.

انضوى تحت لواء الدراسات العلیا فى کلیة الخدمة الاجتماعیه الکثیر من العاملین بتلک المعاهد ووجد بعضهم صعوبه وحالت ظروفهم الشخصیه من الإستمرار , ومع حاجتهم الى الحصول على لقب علمى هو الدکتوراه فقد مهد لهم اساتذة علم الاجتماع الطریق الى الدراسات العلیا فى کلیات الأداب لحصولهم على الدکتوراه فى الاجتماع لاحتفاظهم باوضاعهم فى إدارة المعاهد و تدریس المواد المهنیه للخدمه الاجتماعیه ولم یخفى على احد ان ذلک کان من باب تبادل المنفعه المادیه وضمان توزیع کتب اساتذة الاجتماع فى هذه المعاهد.

سیاسة الکم ورغبة کل معهد فى الحصول على ألاف الطلاب للأغراض المادیة, أدى الى تدهور العملیه التعلیمیه فبدلا من تدریس المواد المهنیه کخدمة الفرد والجماعه وتنظیم المجتمع فى اعداد قلیله حیث لم تکن المجموعه تزید عن ثلاثین طالبا أصبحت بالمئات , ومن هنا انخفض المستوى العلمى للطالب.

استتبع زیادة الاعداد بالألاف عدم وجود مؤسسات اجتماعیه کافیه للتدریب المیدانی فتعددت التجارب ما بین محاضرات نظریه فى الصف الثانى وأعداد قد لا یراها مشرف التدریب فنضب المعین الذى یستقی الطالب منه تدریبا عملیا میدانیا ولکن مازال الشکل موجود ومازالت مشکلة التدریب المیدانى معضله لم تحل ولیست لدینا القدره على مواجهتها , والسبب حاجة المعاهد للکم من الطلاب لأن میزانیتها تقوم على ذلک.

إنخفاض المستوى العلمى للکتب الدراسیه فالکل یتسابق لدخول حلبة التألیف بحصوله على الدکتوراه لأن ذلک هو الباب الذى سیلج منه الى حیازة السیاره والعماره.

ظاهرة الأعداد الکبیره ادت الى ان تکون اختیارات القبول غیر مجدیة وأصبحت شکلا بلا مضمون , کما ادى ذلک الى القبول بأدنى مجموع حتى وصل الى 50%.

ظهور بؤر الفساد بین بعض المسئولین والقائمین على شئون المعاهد سواء ببعض العمداء او بعض رؤساء قطاع الخدمه الاجتماعیه وبعض وکلاء وزارة التعلیم العالى والمسئولین عن المعاهد العلیا , والتى اصبحت تلک المعاهد هى "الدجاجه التى تبیض ذهبا" لکل منهم.

هذه الاوضاع السلبیه والتى کانت نتاج التغییر الاجتماعى وما صاحبه من ثقافة تشجیع الوصول الى الثروة من اى طریق , قد ادت الى انتشار کثیر من القیم السلبیه التى اثرت على الهویه المصریه والعربیه بشکل عام وکان من اکبر ما یهدد النظام التعلیمى والذى اثر بدوره على أسلوب إعداد الاخصائى الاجتماعى فظلت الخدمه الاجتماعیه ولکن بلا فاعلیه مما جعل اساتذها یرجعون سبب هذا التدهور الى ان الخدمه الاجتماعیه کمهنه غریبه لم تستطع أن تکیف اوضاعها بما یلائم طبیعة المجتمع العربى و الاسلامى فظهر اتجاهین لمحاولة علاج ذلک :

 

الاول :- محاولة توطین الخدمه الاجتماعیه:

وهذه المحاوله ظهرت فى بعض الکتب الدراسیه التى حاولت أن تعطى لمحة إقلیمیه على کیفیة الممارسه وذلک لأختلاف ثقافة المجتمع العربى والمصرى عن نظیره الامریکى , لان احتفاظ المهنه بهویتها الغربیه قد یکون السبب الرئیسى فى عدم نمو وتقدم المهنه , الا ان هذه المحاوله کانت من عدد قلیل ولم یکتب لها التأصیل الکافى وبالتالى لم یکتب لها الاستمرار.

الثانى :-محاولة تأصیل وتوجیه الخدمه الاجتماعیه إسلامیا:

انطلقت هذه المحاوله من واقع الخدمه الاجتماعیه الامریکیه واهتمامها بالدین سواء کرافد نظرى لاعداد الأخصائى الاجتماعى او کمدارس علمیه للخدمه الاجتماعیه ذات طابع دینى.

أما بالنسبه للأدبیات الحدیثه فى الخدمه الاجتماعیه , فمنها من یعتبر الدین أحد العوامل الثلاث التى تتأثر بها الخدمه الاجتماعیه شأنها شأن الاقتصاد والسیاسه کما ان کثیرا من منظری المهنه أعطوا اهتماما خاصا بالجوانب الروحیه والدینیه وأثرها فى شخصیة الفرد والمجتمع هذا اضافة الى ان هناک مدارس للخدمه الاجتماعیه الدینیه ممثله فى الخدمه الاجتماعیه الیهودیه والخدمه الاجتماعیه الکاثولیکیه والخدمه الاجتماعیه البروتستانتیة وهذه المدارس تعد الاخصائى الاجتماعى للعمل فى المؤسسات الاجتماعیه الدینیه , وتساعدها على تأدیة رسالتها.

تمثلت هذه الدعوة فى مصر فى تبنى بعض اساتذة الخدمة الاجتماعیه هذا الاتجاه واستطاعوا أن ینظموا خمس مؤتمرات سنویه ( انقطعت الأن ) تدعو الى تأصیل الخدمه الاجتماعیه تأصیلا إسلامیا وتراوحت هذه الجهود بین تطویع الممارسه لتکون وفق القیم والمبادىء الاسلامیه وبین اعادة النظر فى الخدمه الاجتماعیه ککل حیث تنطلق نظریتها و فلسفتها ومبادئها وعملیاتها کلیا من الاسلام .

أسفرت هذه الدعوة عن إنشاء قسم للخدمه الاجتماعیه وتنمیة المجتمع فى جامعة الأزهر فى عام 1994 ولقد ناقش القسم خلال فترة انشائه وحتى الأن ما یزید عن 290 ( مأتان وتسعون ) رسالة ماجستیر ودکتوراه لم یحظى التوجه الاسلامى فیها الا بخمسة عشر رساله ماجستیر و دکتوراه بنسبة 5,2% فقط.

  نستطیع القول الأن بأن هویة الخدمه الاجتماعیه تقف متأرجحه ما بین العالمیه اى ما وجدت علیها ونشأت فى کنفه فى المجتمع الغربى وبین التوطین أو الأسلمه , وتلک هى معضلة او أزمة الخدمه الاجتماعیه المعاصره فى مصر, وتلک الازمه تحتاج الى الجهود من الجمیع  , ذلک لأن الخدمه الاجتماعیه بعد ان تحدد هویتها فى مجتمعنا قادره على ان یکون لها دور حقیقى مؤثر فى المساعدة فى حل المشکلات الاجتماعیه التى یئن بها الجمیع.

الخلاصه:

یمکن وصف ما سبق بأنه اجتهاد فى تشخیص مهنة الخدمه الاجتماعیه والتى قادتنا الى أن المهنه فى مرحلة إهتزاز الهویه , ولیس ذلک لعیوب فى المهنه ذاتها , إذ أن کثیرا من المهن قد اصابها ما أصاب مهنة الخدمه الاجتماعیه رغم انها اکثر عراقه وقدما فى المجتمع کالطب والصیدله والتجاره والمحاماه وغیرها , لکن ما اصاب هذه المهن ومنها مهنة الخدمة الاجتماعیه , یرجع الى ما أصاب المجتمع نفسه من خلل فى البناء التعلیمى وبالتالى تأثرت المهن بهذه القیم والممارسات الجدیده والتى صاحبت طغیان الفکر والقیم الوافده المرتبطه بالعولمه وبالرأسمالیه الجدیده المتوحشه وبحالة الهیمنة الاستعماریه الأمریکیه الجدیده.

ومن هنا فأننا لا نرى ضرورة وضع المهنه فى قالب واحد , بأن تکون ذات مرجعیه لبرالیه کما نشأت فى بلادها , او تکون ذات مرجعیه وطنیه کما یرى البعض أو تکون ذات أبعاد وملامح أسلامیه , فلیدعوا کل صاحب اتجاه الى ما یراه صوابا , شرط ان تکون هناک ممارسه جاده وحقیقیه للخدمه الاجتماعیه , فتعدد المدارس والاتجاهات یمکن ان یثرى المهنه , والممارسه وحدها هى التى تفرز الاتجاه الافضل.

 

واذا کان هناک من رأى یمکن ان یفید فى التصدى لتلک العقبات والمعوقات التى أدت الى ما نحن فیه فأننا نقترح من وجهة نظرنا الاتى :-

إن هذه القضیه تحتاج الى جهود الجمیع ویجب ان یتصدى لها من یؤمن بأهمیتها بحیث یکون اقتراح العلاج شاملا ومتکاملا.

ان توجه المؤتمرات العلمیه , خاصة فى کلیتی الخدمه الاجتماعیه بحلوان والفیوم لبحث هذه القضیه او المعضله والبدء فى علاجها.

أن تناقش قضیة الکم والکیف للکلیات والمعاهد , واذا کانت کلیات الخدمه الاجتماعیه تستطیع ان تقبل العدد المناسب مهنیا , فأن المعاهد ستواجه بأزمة من حیث انخفاض الموارد وبالتالى لا بد من ایجاد حل لهذه المعاهد خاصة أن معاهد الخدمة الاجتماعیه بحکم النشأه وطبیعة العمل هى مهنه خدمیه ولیست استثماریه بمعنى ان الخریج دوره مساعدة المجتمع فى حل مشکلاته , وذلک فأن هذا الدور سیکون من خلال مؤسسات حکومیه , او أهلیه ذات امکانات مادیه محدوده , ولن یعمل فى شرکات ومؤسسات ربحیه کخریجى معاهد الکمبیوتر والاداره والتکنولوجیا , ولهذا فأن هذه المعاهد یجب أن تدعم من الدوله , أو تنضم الى الجامعات الحکومیه ککلیات مستقله او اقسام علمیه, کما هو قائم فى جامعة الأزهر.

أن یواجه الجمیع وبشجاعه مواطن الفساد فى تلک المعاهد وغیرها , وان نعالج بعض الأخطاء التى لحقت بلجان الترقیات العلمیه وما یثار حولها من لغط , وکذلک تحرى الدقه اکثر فى إجازة الماجستیر والدکتوراه وتکون لمن یستحق فعلا , وتکون اطروحته تتصل مباشرة بالممارسه العملیة , ولا تکون صورة من صور البحث الاجتماعى یتوافر فیه الشکل دون المضمون.

الحرص على التخصص بحیث یکون خریج قسم الاجتماع متخصصا فى البحث الاجتماعى أو تدریس مادة الآجتماع فی المدارس ومتابعة وفهم النظریه الاجتماعیه فى علم الاجتماع بفروعه المختلفه الریفی والحضرى والصناعى وغیرها , وأن یظل خریج الخدمه الاجتماعیه هو الممارس المهنى للخدمه الاجتماعیه بتخصصاتها المختلفة

ان تتبنى المؤتمرات العلمیه تشجیع أحسن المؤلفات العلمیه فى مجالات الخدمه الاجتماعیه وکذلک فى اطروحات الماجستیر والدکتوراه والابحاث المیدانیه , وذلک بتکریم أصحابها فى هیئة مکافأت او شهادات تقدیر فى المؤتمر السنوى للکلیه.

هذا وبالله التوفیق...،