الواقع الاجتماعي المصري المعاصر بين المواطنة المحمودة والمداهنة الممقوتة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ ورئيس قسم طرق الخدمة الاجتماعية کلية الخدمة الاجتماعية – جامعة الفيوم

المستخلص

تعتبر المواطنة قضية معاصرة تمتد جذورها إلى وقت غير قريب وتعبر عن طبيعة العلاقة بين الفرد والدولة التي نعيش فيها وهي أن يحصل المواطن وتقتضي على حقوقه المشروعة وفي المقابل فهو ملتزم بالوفاء بالواجبات اللازمة عليه تجاه هذه الدولة.
وتشير الدراسات المتعددة عن هذا الموضوع إلى أهميته ودوره في تنمية وتعميق الشخصية والنهوض بالفرد وتعني أيضا الشعور بالإنتماء والولاء للوطن والقيادة السياسية التي هي مصدر الإشباع للحاجات الإنسانية الأساسية وحماية الذات من الأخطار المصيرية وبذلک فهي تشير إلى طبيعة العلاقة مع الأرض والبلد.
کما تعني أيضا القدرة على تحمل المسئولية والمشارکة في عمليات التنمية وتطوير المجتمع من خلال العمل التطوعي في أنشطة الجمعيات الأهلية لتحقيق أهدافها منها :-

العدل
المساواة
تعزيز الکرامة الإنسانية
احترام الأفراد
مشارکة الأفراد في إتخاذ القرارات التي تؤثر في حياتهم
تطبيق الديمقراطية
امتلاک المعارف الصحيحة عن المجتمع ومشکلاته وقضاياه
الوعي بالحقوق والواجبات والمسئوليات .
المساهمة في بناء المجتمع وإمتلاک المهارات الأساسية للمشارکة في الحياة السياسية والإجتماعية

وتدور هذه الورقة حول المفاهيم الأساسية بهدف تنمية الذات الإنسانية والمشارکة في تحمل المسئولية الذاتية والجماعية والمجتمعية وتشخيص طبيعة الواقع الخارجى المعاصر .

نقاط رئيسية

المواطنة المحمودة - المداهنة الممقوتة

الكلمات الرئيسية


 

 

 

ورقة عمل بعنوان

الواقع الاجتماعی المصری المعاصر بین المواطنة المحمودة والمداهنة الممقوتة

 

إعداد

أ.د/ عادل محمود مصطفى

أستاذ ورئیس قسم طرق الخدمة الاجتماعیة

کلیة الخدمة الاجتماعیة – جامعة الفیوم

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الواقع الاجتماعی المصری المعاصر بین المواطنة المحمودة والمداهنة الممقوتة

المقدمة:

تعتبر المواطنة قضیة معاصرة تمتد جذورها إلى وقت غیر قریب وتعبر عن طبیعة العلاقة بین الفرد والدولة التی نعیش فیها وهی أن یحصل المواطن وتقتضی على حقوقه المشروعة وفی المقابل فهو ملتزم بالوفاء بالواجبات اللازمة علیه تجاه هذه الدولة.

وتشیر الدراسات المتعددة عن هذا الموضوع إلى أهمیته ودوره فی تنمیة وتعمیق الشخصیة والنهوض بالفرد وتعنی أیضا الشعور بالإنتماء والولاء للوطن والقیادة السیاسیة التی هی مصدر الإشباع للحاجات الإنسانیة الأساسیة وحمایة الذات من الأخطار المصیریة وبذلک فهی تشیر إلى طبیعة العلاقة مع الأرض والبلد.

کما تعنی أیضا القدرة على تحمل المسئولیة والمشارکة فی عملیات التنمیة وتطویر المجتمع من خلال العمل التطوعی فی أنشطة الجمعیات الأهلیة لتحقیق أهدافها منها :-

  1. العدل
  2. المساواة
  3. تعزیز الکرامة الإنسانیة
  4. احترام الأفراد
  5. مشارکة الأفراد فی إتخاذ القرارات التی تؤثر فی حیاتهم
  6. تطبیق الدیمقراطیة
  7. امتلاک المعارف الصحیحة عن المجتمع ومشکلاته وقضایاه
  8. الوعی بالحقوق والواجبات والمسئولیات .
  9. المساهمة فی بناء المجتمع وإمتلاک المهارات الأساسیة للمشارکة فی الحیاة السیاسیة والإجتماعیة

وتدور هذه الورقة حول المفاهیم الأساسیة بهدف تنمیة الذات الإنسانیة والمشارکة فی تحمل المسئولیة الذاتیة والجماعیة والمجتمعیة وتشخیص طبیعة الواقع الخارجى المعاصر .

 

المفاهیم الأساسیة:-

أولاً : مفهوم المواطنة:-

من الصعوبة بمکان صیاغة مفهوم بعینه للمواطنة نظراً لتعدد الرؤى العلمیة منها :-

أ- فی اللغة:-

 ·        لفظ مأخوذ من الوطن وهو محل الحمایة والإقامة.

 ·   المواطنة والمواطن مأخوذة فی العربیة من الوطن: المنزل یقیم فیه وهو موطن الإنسان ومحله " وطن یطن وطنا " أقام به ، وطن البلد: إتخذه موطنا، تطون البلد: إتخذه وطنا وجمع الوطن أوطان (1).

 ·        المصانعة واللین وقیل المراهنة : إظهار خلاف ما یضمر وداهن الرجل إذا نافق .

ب- فی الاصطلاحات العلمیة :-

هی مکانة أو علاقة إجتماعیة تقوم بین فرد طبیعی ومجتمع سیاسی (دولة) ومن خلال هذه العلاقة یقدم الطرف الأول المواطن الولاء ویتولى الطرف الثانی الحمایة، وتتحدد هذه العلاقة بین الفرد والدولة عن طریق أنظمة الحکم القائمة(2).

أن یظهر کل من المواطن أو الدولة بصفتها الاعتباریة خلاف ما یبطن غیر عابئین بمقتضیات الحقوق والواجبات على النحو المطلوب انتقاصاً (3).

ج- فی علم النفس:-

هی الشعور بالإنتماء والولاء للوطن والقیادة السیاسیة التی هی مصدر الإشباع للحاجات الأساسیة وحمایة الذات من الأخطار المصیریة وبذلک فهی تشیر إلى العلاقة مع الأرض والبلد(4).

د- فی علم السیاسة:-

هی صفة المواطن الذی یتمتع بالحقوق ویلتزم بالواجبات التی یفرضها علیه إنتماؤه للوطن.

والمواطنة بوصفها مصطلحا معاصرا تعریب للفظة Citizenship التی تعنی کما تقول دائرة المعارف البریطانیة علاقة بین فرد ودولة کما یحددها قانون تلک الدولة وبما تتضمنه تلک العلاقة من واجبات وحقوق متبادلة فی تلک الدولة متضمنة هذه المواطنة مرتبة من الحریة مع ما یصاحبها من مسئولیات.

وعلى الرغم من الإجماع على أن مفوم المواطنة یبدو مصطلحاً معاصراً وحدیثاً إلا أن العدید من الباحثین أرجعوا فکرة المواطنة لعصر الدولة الیونانیة مؤکدین على أن المواطنة لیست ولیدة هذا العصر ومنذ ذلک الوقت وهی تتطور عمقا بزیادة أکثر إتساعا بمد الحق فی التصویت.

فالمواطنة تعبیر حقیقی من علاقة الإنسان بهذا الوطن ، وهی قضیة إعتباریة خاضعة للتطور والارتقاء والعکس من خلال نوعیة طبیعة العلاقة بین هذا الإنسان والأرض أو المجتمع، فلو إفترضنا أن هذا الوطن بدساتیره ومواقفه السیاسیة أساء إلى الإنسان الذی یعیش على أرضه نجد أن علاقة المواطنة تضعف بطبیعة الحال، فالمواطنة لیست شیئا مقدسا أو مثالیا، فعلاقة المواطنة تقوى إذا أعطى لهذا الإنسان حقوقه وأستجیب لحاجاته الأساسیة، فالوطن بهذا المعنى لیس هو الأرض وإنما هو النظام السیاسی الذی یعطی لمواطنیه صفة الثبات والإستقرار(5).

هـ- کما تعرف بأنها:-

العضویة التی یتمتع بها الأفراد فی المجتمع وتتضمن القبول والتسلیم بتبادل الإهتمامات مع جمیع الأفراد والإحساس بالإهتمام المشترک من أجل رفاهیة المجتمع، القدرة على العطاء لمزید من تطوره وإستمراره(6).

وتعرفها دائرة المعارف البریطانیة بأنها(7):-

علاقة بین الفرد والدولة یحددها قانون تلک الدولة بما تتضمنه تلک العلاقة من حقوق وواجبات فی تلک الدولة وعلاقة الفرد بالدولة هی علاقة بین طرفین شخص طبیعی هو الفرد وکیان معنوی سیاسی وهو الدولة وتتضمن تلک العلاقة الأسس التالیة:-

 ·    أن یدین الفرد بالولاء ویشعر بالإنتماء إلى الدولة وأن تلتزم الدولة فی المقابل بتوفیر الحمایة والأمن للفرد بموجب عقد إجتماعی أو دینی أو کلیهما.

 ·    أن یحدد العقد المبرم أو المتفق علیه عرفیا الحقوق والواجبات المترتبة على الطرفین عملا بمبدأ المساواة أمام القانون وأی إخلال بمبدأ المساواة وسیادة القانون للفرد فی علاقته بالدولة أو من یمثلها هو إخلال فی رکن أساسی من أرکان مبادئ المواطنة.

 ·    تتحقق المواطنة للفرد الکامل الأهلیة من خلال مشارکته فی الجماعة الوطنیة أی أن الفرد المنتمی إلى المجتمع أو الوحدة الإجتماعیة أو الجغرافیة له کامل الأهلیة للتمتع بحقوق المواطنة فأی فرد یحمل جنسیة الوطن تفرض علیه واجبات وأیضا یتمتع بالحقوق شأنه شأن کل أفراد المجتمع دون تمییز.

 ·    یعرف المواطن حقوقه وواجباته بواسطة عملیات التنشئة الإجتماعیة والسیاسیة المختلفة وبإدماجه ومشارکته فی حیاة الجماعة والشأن العام.

من التعریفات السابقة یتضح أن المواطنة تتکون من ثلاثة عناصر وهی:- " 1- حقوق 2- واجبات 3- الممارسات العلمیة لتنفیذ الحقوق والواجبات ".

مقتضات المواطنة الإیجابیة (8):-

  • المساواة بین فئات المجتمع بغض النظر عن الجنس أو الطائفیة.
  • المشارکة بکل أبعادها السیاسیة والإقتصادیة والإجتماعیة والبیئیة والثقافیة .
  • إحترام رأی الآخر وقبول التنوع والاختلاف فی إطار قیم المجتمع .
  • المضمون الإجتماعی المتمثل فی الحد من تفاوت الدخل والمکانة الإجتماعیة والوظیفة أو المهنة .
  • تتمیز هذه العلاقة بولاء الفرد لمجتمعه وتتمثل فی مشارکته للآخرین فی العمل من أجل الإرتقاء بالمجتمع وتطوره.
  • الفهم بکونها علاقة ثانویة ملزمة بین الفرد والدولة .

ثانیاً: تعریف المداهنة:-

فالمداهنة فی اللغة

مأخوذة من دَهَن: دهَن المطر الأرض بلّها بللاً یسیراً کالدُّهن الذی یُدهن به الرأس، والإدْهان مثل الـتّدهین(9) . وهی وإن کانت تعنی فی اللغة: المداراة: والملاینة، وتَرک الجِدّ(10) ، أو: المصانعة، والملاینة. کما جاء فی بعض المعاجم(11)  . فإن الناظر إلى قوله تعالى: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَیُدْهِنُونَ) (12) وإلى طائفة من تعریفاتها الإصطلاحیة یتأکد عنده أنها لیست من المداراة فی شیء.

        قال ابن عباس - رضی الله عنهما - فی تفسیر قوله تعالى(وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَیُدْهِنُونَ) أی : (ودوا لو ترخص لهم فیرخصون) (13) 

        فالآیة تبین توجیه الله - سبحانه - لرسوله صلى الله علیه وسلم وتحذیره له من مصانعة کفار قریش وذلک بالسکوت عن عیب دینهم وآلهتهم، لأن مثل هذا الفعل یناقض المبدأ الأول الذی بعث الرسول - صلى الله علیه وسلم - من أجله وهو الدعوة إلى توحید الله - سبحانه - وعبادته  جاء فی تفسیر السعدی "إن المشرکین طلبوا من النبی - صلى الله علیه وسلم - أن یسکت عن عیب آلهتهم ودینهم، ویسکتوا عنه، ولهذا قال (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَیُدْهِنُونَ) أی توافقهم على بعض ما هم علیه، إما بالقول أو بالفعل أو بالسکوت عما یتعین الکلام فیه، (فیدهنون) ، ولکن إصدع بأمر الله. وأظهر دین الإسلام، فإن تمام إظهاره ، بِنقض ما یضاده، وعَیْبِ ما یناقضه"(14) 

        ولهذا قال الألوسی "لا ینبغی المداراة حیث یُخدش الدین، ویُرتکب المنکر، وتَسیءُ الظنون" (15). وفی هذا المعنى قال - صلى الله علیه وسلم - فی الحدیث الذی رواه أبو هریرة - رضی الله عنه - تجد من شرار الناس یوم القیامة عند الله ذا الوجهین، الذی یأتی هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه" . قال ابن حجر " وإنما کان ذو الوجهین من شرار الناس لأن حاله حال المنافق، إذ هو متملق بالباطل وبالکذب، مدخل للفساد بین الناس، ولأنه یأتی کل طائفة بما یرضیها، فیظهر لها أنه منها ومخالف لضدها. وصنیعه نفاق، ومحضُ کذبٍ وخداع، وتَحیّل على الإطلاع على أسرار الطائفتین وهی مداهنة محرمة.

        أما من یقصد بذلک الإصلاح بین الطائفتین فیأتی بکلام فیه صلاح الأخرى، ویعتذر لکل واحدة عن الأخرى، وینقل إلیها ما أمکن من الجمل ویستر القبیح فهذا محمود. والمذموم من زین لکل طائفة عملها، ویقبحه عند الأخرى، ویذم کل طائفة عند الأخرى. فهذا من شرار الناس یوم القیامة عند الله. (16)

فى الأصطلاحات العلمیة:

أما أقوال العلماء فی تعریف المداهنة اصطلاحاً فإنها لا تتفق مع ما جاء فی بعض معانی المداهنة، أنها تعنی ، المداراة والملاینة، فهی أقرب إلى المعنى الوارد فی الآیة التی مر ذکرها. فمن تعریفاتها الإصطلاحیة، الدالة على ذلک:

1-  المداهنة: إظهار خلاف ما یُبطن، أو ما یُضمر. (17)

2-  المداهنة: کالدّهان الذی یظهر على الشیء ویستر باطنه(18)

3-  هی معاشرة الفاسق، وإظهار الرضا بما هو فیه مع الإنکار علیه(19) .

4-  وهی الکفر والکذب والنفاق (20)

5-  وهی ترک الدین لصلاح الدنیا (21)    

وإذا ما قارنا بین تعریف المداهنة، وتعریف النفاق والخداع نجد تشابهاً کبیراً بینها. فالنفاق : اسم مأخوذ من (نفقَ) التی تدل على الخروج، فالنفق : سرب فی الأرض له مخلص إلى مکان. أو المسلک النافذ الذی یمکن الخروج منه(22) وهو فی اللغة من جنس الخداع والمکر وذلک بإظهار الخیر وإبطان خِلافه".(23)  

بعد هذا العرض لمعنى المداهنة  لغة واصطلاحاً یلمح الباحث شیئاً من التوضیح:

1- المداهنة مثل إظهار الإسلام خوفاً ورهبة لحقن الدماء، وسلامة الأموال والأعراض.  والثانی: مثل الکذب عند الحدیث، وإخلاف الوعود، ونقض المواثیق، وخیانة الأمانات، والفجور عند المخاصمات. ومثل هذا لا ینطبق على المداراة، فالمداری، مسلمُ ظاهرا وباطناً غیر آبه مما یحصل له فی سبیل هدایة الآخرین وجلبهم إلى الإسلام، فتراه ودوداً ، عطوفاً ، حسن اللقیا، حسن العِشرة ، صادقاً فی أقواله وأعماله، متعالٍ عن أعراض الدنیا الزائلة صابراً محتسباً لما یلاقیه من الآخرین .. الخ.

2- المداهنة والنفاق والخداع تقوم على الشکوک والشبهات والضلالات والشهوات، والمعاصی. أما المداراة فتقوم على الإیمان الحقیقی الذی هو مواطأة القلب واللسان معا، لذا فأصحابها بعیدون کل البعد عن الشکوک والشبهات والمعاصی.

3- فی المداهنة والنفاق والخداع، حرص کبیر على المصالح الدنیویة فأصحابها إما أن یحصلوا على مرادهم، أو یسلموا لا لهم ولا علیهم. أما المداراة ففیها حرص على المصالح الأخرویة وتقدیمها على المصالح الدنیویة، وإن أوذوا فی سبیل ذلک.

4- أهداف المداهنین والمنافقین والمخادعین، الإفساد فی الأرض بدعوى الإصلاح، وأکبر إفساد ، کفرهم بآیات الله ، وصدهم عن سبیل الله، وموالاتهم أعداء الإسلام المحاربین لله ورسوله. أما المدارون فهدفهم واضح بیّن، وهو الإصلاح فی الأرض، وأی إصلاح أعظم من دعوة الغیر إلى الإیمان بالله عز وجل، ونبذ الشرک، والدعوة إلى الأخلاق الفاضلة، وکف الأذى عن المسلمین، وصون أموالهم وأعراضهم.

   ·        ثانیاً: جوانب ومقومات المواطنة:

  • ·        جوانب المواطنة:

المواطنة مفهوم تاریخی معقد ، له أبعاد عدیدة منها ما هو مادی و قانونی ، وثقافی وسلوکی و اجتماعی .... الخ . وبالتالی فإنه یمکن أن نمیز تلک الجوانب فیما یلی:

  • الجانب القانونی: من المؤکد أن المواطنة هی فی المقام الأول وضع قانونی ، وهذا الوضع یشمل قبل کل شیء حق التصویت والانتخاب ، لکنه أیضاً مجموعة حقوق وحریات یجب أن یتمتع بها المواطن دون قیود غیر التی یفرضها المجتمع ، فالمواطنة قانونیاً تعنی علاقة الفرد بالدولة کحقیقة جغرافیة وسیاسیة تُحددها وتحکمها النصوص الدستوریة والقانونیة والتی تحدد وعلى قاعدة المساواة الحقوق المختلفة للأفراد والواجبات التی علیهم تجاه المجتمع والوسائل التی یتم من خلالها التمتع بالحقوق والوفاء بالواجبات . وعادة ما تکون رابطة ( الجنسیة ) معیاراً أساسیاً لتحدید من هو المواطن وبناءاً علیها تترتب الحقوق والواجبات السیاسیة ، والمدنیة ، والاقتصادیة، والاجتماعیة.   
  • الجانب الاجتماعی: إن نقطة صفة الفرد بالمواطن هی الانتماء لمجموعة من الأفراد (المواطنین ) فی رقعة جغرافیة محددة ومعترف بها داخلیاً وخارجیاً ، والانتماء محاولة لتشکیل الهویة ومن ثم الولاء تبعاً لفهم تلک الهویة وکینونتها.
  • الجانب الثقافی – السلوکی: إن ممارسة مبدأ المواطنة على ارض الواقع مرتبط إلى حد بعید بالمنظومة الثقافیة السائدة داخل المجتمع ، فالعادات والقیم والتقالید والأعراف الاجتماعیة ؛ تعمل على اندماج الذات بالحیاة الاجتماعیة وفق شروط خاصة تحددها الجماعة وبالتالی تحدید الحقوق والواجبات وممارستها على ارض الواقع.
  • الجانب السیاسی: تبدو المواطنة الیوم اقرب إلى نمط سلوکی مدنی والى مشارکة نشطة ویومیة فی حیاة المجتمع أکثر مما هی وضع قانونی مرتبط بمنح الجنسیة ، فالمواطن الصالح مشارک فی الحیاة العامة بکل تفاصیلها ؛ وهذا الوضع یشمل حریة تشکیل الأحزاب ، حق التظاهر السلمی، الاعتصام، والمساهمة فی تشکیل النظام السیاسی.

ب) مقومات المواطنة:

للمواطنة عناصر ومقومات أساسیة ینبغی أن تکتمل حتى تتحقق المواطنة وهذه المکونات هی:

  • الانتماء:

یُعرف الانتماء بأنه النزعة التی تدفع الفرد للدخول فی إطار اجتماعی فکری معین بما یقتضیه هذا من التزام بمعاییر وقواعد هذا الإطار وبنصرته والدفاع عنه فی مقابل الأطر الاجتماعیة والفکریة الأخرى(24) .

وعلى الرغم من أن مفهوم الانتماء الاجتماعی یعانی من  التعقید والغموض، فانه یُعد من أکثر المفاهیم تداولاً فی الأدبیات السوسیولوجیة والتربویة المعاصرة ، ویمیل الباحثون فی علم الاجتماع إلى تحدید الانتماء الاجتماعی للفرد وفقاً لمعیارین أساسیین متکاملین هما : 1) العامل الثقافی الذاتی : الذی یأخذ صورة الولاء لجماعة معینة أو عقیدة محددة ، 2) العامل الموضوعی : الذی یتمثل فی معطیات الواقع الاجتماعی الذی یحیط بالفرد أی الانتماء الفعلی للفرد أو الجماعة ، فالولاء هو الجانب الذاتی فی مسألة الانتماء یعبر عن أقصى حدود المشارکة الوجدانیة والشعوریة بین الفرد وجماعة الانتماء (25).

  • ·        الحقوق:

تتضمن مفهوم المواطنة حقوقاً یتمتع بها جمیع المواطنین وهی فی نفس الوقت واجبات على الدولة والمجتمع ، وبالتالی فان معظم الدساتیر فی تحدیدها لحقوق المواطن ترجع إلى مواثیق حقوق الإنسان وأهمها الإعلان العالمی لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 والتفصیل الوارد فی المعهد الدولی الخاص بالحقوق السیاسیة والمدنیة والمعهد الدولی الخاص بالحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة الصادرین عن هیئة الأمم المتحدة عام 1966م ومنها(26):

   ·          توفیر التعلیم.

 ·    توفیر الخدمات الأساسیة وتشمل ( السکن النظیف ، الخدمات الصحیة ، التأمین والضمان الصحی ، الأمن الاجتماعی ، البیئة النظیفة .... الخ )

   ·          توفیر الحیاة الحرة الکریمة.

   ·          توفیر وضمان العدل والمساواة بین فئات المجتمع.

 ·    الحریة الشخصیة وتشمل ( حریة التملک ، وحریة العمل ، وحریة الاعتقاد ، وحریة التعبیر عن الرأی ، حق الاجتماع والتظاهر السلمی).

   ·          حق الحصول على الجنسیة.

   ·          حریة الإنسان وکرامته.

   ·          حق المشارکة فی اتخاذ القرارات المصیریة.

  • ·        الواجبات:

تختلف الدول عن بعضها العض فی تحدید درجة ونوعیة الواجبات المترتبة على مواطنیها باختلاف الفلسفة التی تقوم علیها الدولة. ویمکن إیراد بعض واجبات المواطن فی مصر(27):

  • احترام النظام السیاسی .
  • التصدی للشائعات التی تسهم فی نثر التفرقة وتأجیج الصراعات السیاسیة والاجتماعیة والمذهبیة.
  • عدم خیانة الوطن.
  • الحفاظ على الممتلکات العامة.
  • الدفاع عن الوطن فی حال التعرض للغزو والهجوم من الأطراف المعادیة.
  • التکاتف مع أفراد المجتمع وحمایاته ونظمه .
  • الإخلاص والدقة فی أداء الأعمال الحکومیة والمجتمعیة التی تهدف لخدمة أفراد المجتمع .

فقد أکد الدستور على أن الملکیة العامة لها حرمتها وحمایتها ودعمها واجب على کل مواطن ، وأن الدفاع عن الوطن وأرضه واجب مقدس والتجنید إجبارى ، وحمایة البیئة واجب وطنى والحفاظ على الوحدة الوطنیة وصیانة أسرار الدولة واجب على کل مواطن  ، وأداء الضرائب والتکالیف العامة من الواجبات (28).

ثالثاً: الإشکالیات الخاصة بالموطنة وتکافؤ الفرص وعدم التمییز :

یثیر مبدأ المواطنة العدید من الإشکالیات والموضوعات التى تحتاج إلى مزید من الدراسة والتمحیص ومن أمثلة ذلک علاقة مبدأ المواطنة بالمساواة ، وحقوق المرأة وعلاقته أیضاً بمسیرة الدیمقراطیة فى الدولة ، وسیتم تناول هذه الموضوعات وفقاً لما یلى(29):

 ·    مبدأ المواطنة والمساواة :تعنى المواطنة المساواة الکاملة فى الحقوق والواجبات بین کل من یحمل الجنسیة المصریة بعض النظر عن الجنس أو الأصل أو الدین، وهذا یعنى أن المساواة أحد النتائج المترتبة على مبدأ المواطنة وهى نتیجة طبیعیة له.

 ·    المواطنة وحقوق المرأة :إن تفسیر مفهوم المواطنة من خلال المیراث الثقافى الذى یعلى من شأن الرجل على حساب المرأة فى أى مجتمع من المجتمعات إستناداً إلى تفسیرات خاطئة أو عادات وتقالید غیر سلیمة إنما یحمل فى طیاته عدم المساواة بین المرأة والرجل مما یوجب الفهم الصحیح للمیراث الثقافى والدینى للمجتمع .

 ·    المواطنة والدیمقراطیة :المواطنة والدیقراطیة صنوان لا إنفصال بینهما ، لأن المواطنة ترتب حقوقاً وواجبات لأفراد المجتمع على قدم المساواة دون تمییز وتعد ممارستها أهم رکائز ودعائم الدیمقراطیة.

رابعاً: شروط المواطنة:

ساعد تطور المواطنة على ظهور العدید من الشروط التى تعد أساساً لإکتمالها فى المجتمع، ومن هذه الشروط(30):

  • اکتمال نمو الدولة: ویعد ذلک بعداً من أهم أبعاد نمو المواطنة، ویستند نمو الدولة بامتلاکها الثقافة التى ترتکز على المشارکة والمساواه، والفهم الصحیح للدولة.
  • ارتباط  مفهوم المواطنة بوجود الدولة الدیمقراطیة: والتى تتیح المجال للحریات کما انها تکرس جهودها لأداء حقوق المواطنین، فالدیمقراطیة تعد الحاضنة الاولى للمواطنة، وإن فعالیة المواطنة تتحدد من خلال مدى الوعى المستند إلى إمکانیة الحصول على المعلومات من مصادرها المختلفة، بحیث تکون هذه المعلومات قاعده القدرة على تحمل المسئولیة والمشارکة.
  • یتحدد هذا الشرط من خلال مدى تمتع المواطنین بالحقوق الاجتماعیة والثقافیة والاقتصادیة، وذلک من خلال عقد اجتماعى بین الشعب فى المجتمع، ومن الضرورى تلازم الحقوق والواجبات على اساس توزیع الفرص والمساواة بین کافة المواطنین.
  • تعد التنشئة الاجتماعیة والثقافیة إحدى شروط وجود المواطنة، حیث تقوم مؤسسات المجتمع المختلفة فى بلورة الفرد القادر على فهم المواطنة من خلال نظام تربوى وثقافى متکامل.

خامساً: القیم التى تستند علیها المواطنة:

تهدف المواطنة إلى تحقیق الانتماء للمواطن وولائه لموطنه وتفاعله إیجابیًا مع مواطنیه بفعل القدرة على المشارکة المجتمعیة وشعور الفرد بالإنصاف، وارتفاع روح الوطنیة لدیه ودفاعه عن وطنه وقیمه، لذلک المواطنة تشمل دلالات متعددة تمتد للإحساس والشعور وممارسة السلوک النابع من إحساس الفرد ووجدانه، لذلک ترتکز المواطنة على القیم المحوریة التالیة(31):

  • قیمة المساواة: وهى تتمثل بالحقوق التى یتمتع بها الفرد من الحق فى التعلیم والعمل والمساواة أمام القانون والقضاء، وأن یمتلک الأدوات القانونیة اللازمة لمواجهة أى انتهاک لأى من حقوقه
  • قیمة الحریة: والتى تنعکس فى العدید من الحقوق مثل حریة الاعتقاد وممارسة الشعائر الدینیة، وحریة التنقل داخل الوطن، والمشارکة المجتمعیة فى حل المشکلات العامة التى تواجه المجتمع، وحریة الاحتجاج حتى لو کان موجة ضد الحکومة، وعقد المؤتمرات والاجتماعات ذات الطابع الاجتماعى والسیاسی
  • قیمة المشارکة: وتتعلق بالعدید من الحقوق مثل الحق فى تنظیم حملات الضغط السلمی على الحکومة أو بعض القرارات السیاسیة الصادرة عن الحکومة، وممارسة کل أشکال الاحتجاج السلمى مثل التظاهر والتصویت فى الانتخابات العامة، وتأسیس والاشتراک فى الأحزاب السیاسیة
  • المسؤولیة الاجتماعیة: وتتضمن مجموعة من الواجبات مثل الخدمة العسکریة للوطن واحترام القانون، والقیام بالواجبات تجاه الولة مثل دفع الضرائب والمحافظة على الملکیة العامة .

فالمواطنة تتعدى حدود شعور الإنسان بأنه فرد فى الوطن لتشمل عمق اتصاله بوطنه والدفاع عن قضایاه الوطنیة، والمشارکة فى تطویره، والسعی دائماً للنهوض به، وأن یکون عنصراً فعالاً فى البناء، لذلک یجب أن یتمتع الفرد بمجموعة من الخصائص التى تساعده على إدراک المواطنة وهی(32):

    ·   الإقدام والمساواة: والتى یترتب علیها أن یمارس المواطن حریة التفکیر، وحریة التعبیر وحریة الحرکة والتنقل، وکما یتطلب منه الشجاعة والجراة التى تمکنه من المشارکة فى المسائل العامة، وتقییم أداء من یتقلدون الوظائف العامة.

    ·   التحضر والکیاسة والتسامح: والتى ترتبط بعمق علاقاته مع أفراد مجتمعه، وما یصدر عنه من قول أو فعل وتعاملات.

    ·   التضامن والولاء: وتتمثل فى الإحساس بالانتماء للوطن والمواطنین، والدفاع عن قضایا المجتمع والمساهمة الفعالة فى تطویر المجتمع.

سادساً: المبادئ التى تستند علیها المواطنة:

المواطنة تحمل فى طیاتها مشاعر الولاء والانتماء وحب الوطن والأرض، وتتجلى فى الالتزام بالحقوق والواجبات، وتحمل المسؤولیات، واحترام القوانین والمعاییر والقیم السائده فى المجتمع، وهناک مجموعة من المبادئ التى ترتکز علیها المواطنة وهى(33):

     ·   الإحساس بالمسؤولیة: حیث أن المجتمع یمتاز بتعدد مکوناته وهویاته وتعدد الثقافات وتداخلها فى بعض الأحیان واختلاف المعتقد فی الأدیان، لذلک لابد من الشعور بالهویة الوطنیة والتى تعد الضمان وصمام الأمان التى تؤدی إلى الحفاظ على تماسک المجتمع.

     ·   التمتع بالحقوق التى یمنحها القانون: فإن تمتع المواطن بالمنافع والحقوق عنصرًا أساسیًا لعضویة الفرد فى المجتمع وإحساسه بکیانه وعضویته للوطن، وإن مشارکة الفرد فى المجتمع دلیل على إحساس الفرد فى کیانه وشخصیته ووجوده، ویمکن تصنیفها إلى حقوق قانونیة وسیاسیة، وحقوق مدنیة(اقتصادیة و اجتماعیة).

     ·   تحمل المسؤولیات والالتزامات: کما أن للفرد مجموعة من الحقوق التی یتمتع بها داخل المجتمع، فعلیه أیضًا مجموعة مسؤولیات والتزامات یجب علیه القیام بها، ویمکن تقسیمها إلى إلزامیة مثل: الضرائب، والخدمة العسکریة، والالتزام بالقوانین، وهناک مسؤولیات یقوم بها الفرد طوعًا تتمثل فی المشارکة فی تحسین الحیاة السیاسیة والمدنیة بشکل عام، والمشارکة المجتمعیة، واحترام حقوق الآخرین، والدفاع عنها، والتصویت.

سابعاً: العلاقة بین المواطنة والدیمقراطیة:

العلاقة بین المواطنة والدیمقراطیة علاقة تلازمیة وحتمیة وذلک لأن الدیمقراطیة بحکم التعریف تقوم على أن یشارک المواطن فی صنع القانون، وله الحق فی مراقبة تنفیذه ومساءلة السلطة التنفیذیة إن هی أهملته أو خالفته أو عطلت أحکامه حیث یظهر ذلک من خلال ما یلی :-

  • فالعلاقة بین الدیمقراطیة والمواطنة علاقة توأمة لأیة تجارب تنتجها الجماعة السیاسیة المکونة للدولة على إعتبار کون الدیمقراطیة تقوم على أساس حق المواطن فی التعبیر والمشارکة وصنع القرار، وهی فی حد ذاتها مقومات المواطنة الفاعلة الصالحة فی ظل الإنتماء للدولة الحدیثة، وبات واضحا أن المواطنة الدیمقراطیة أساس الفاعلیة الإجتماعیة لأنها توفر شروط النهضة ورکائز الفاعلیة الإنسانیة والوطنیة.
  • توجد علاقة وطیدة وحتمیة بین المواطنة والدیمقراطیة حیث تمثل أحد دعائم الاستقرار وأن المواطنة بما تتضمنه من حقوق وواجبات تحددها قوانین ودساتیر وضعیة للمواطن داخل الدولة منها حق المواطن خاصة الشباب فی التعبیر بحریة عن رأیه وحقه فی الإختیار والترشیح للمناصب المختلفة داخل الدولة، وحقه فی المشارکة بشتى أنواعها ومستویاتها، مما یتطلب سیادة المناخ الدیمقراطی داخل الدولة لکی یتمکن الشاب من ممارسة تلک الحقوق ولکی یتوفر هذا المناخ لابد من توفر آلیات وتدابیر تتمثل فی الإصلاح السیاسی الذی یتضمن بدوره الإصلاح الدستوری والتشریعی، وکذلک إصلاح المؤسسات السیاسیة والإجتماعیة ، وإعادة بناء هیکلها وتعدیل لوائحها لکی تکون مناسبة لبناء وغرس ثقافة الدیمقراطیة بین کافة الشباب بالمجتمع ، ومن جانب آخر تتضمن المواطنة الواجبات التی یجب الإلتزام بها وتحمل مسئولیاتها من قبل الشباب تجاه المجتمع، والتی تدعم أیضا الدیمقراطیة من خلال إحترام الشاب للرأی والرأی الآخر ولا یأتی ذلک إلا بغرس ثقافة الدیمقراطیة وثقافة الاختلاف من خلال المؤسسات المختلفة المعنیة بتدعیم القیم والإتجاهات الإیجابیة لدى الشباب، والتی من بینها الجمعیات الأهلیة حیث أن لها دور جوهری فی غرس ثقافة الدیمقراطیة لدى الشباب من خلال توفیر المناخ الدیمقراطی داخل الجمعیة وإتاحة الفرصة لمشارکة الشباب فی إتخاذ القرارات والمشارکة فی وضع وتصمیم البرامج والمشروعات والأنشطة المختلفة داخلها .

ثامناً: دور منظمات المجتمع المدنی فی تعزیز مفهوم المواطنة:

إن وجود منظمات المجتمع المدنی التی تقوم بدورها بالشکل المطلوب، تسهم فی بلورة الفرد المدرک لمفهوم المواطنة والفاعل داخل مجتمعه، وتعزز من حضوره، ومشارکته فی تطویر المجتمع، ویتجلى دورها من خلال مجموعة الفاعلیات والأنشطة والبرامج، وتقوم بدور مهم أیضاً فی بلورة الثقافة المدنیة، وذلک وفق مجموعة الآلیات وهی(34):

  • ·        زیادة وعی الفرد عن وطنه وقیمه المتبعه:

حیث تساهم منظمات المجتمع المدنی فی زیادة وعی المواطن وأهمیة وجوده کمواطن فاعل فی سبیل تحقیق التطویر المجتمعی، کما تساعد على تحویل هذه الثقافة إلى واقع ملموس، وأساس ذلک هو إنتماء وارتباط الفرد بوطنه، والعمل على نقله من دائرة الفردیة إلى الجماعیة، وزیادة إرتباطه بالوطن الذی ینتمی إلیه.

  • تنمیة الإحساس بالمسؤولیة:

إن تحمل کل فرد داخل المجتمع لمسؤولیاته هی التعبیر الحقیقی عن إدراک الفرد لمفهوم المواطنة، وذلک على أساس مجموعة من الواجبات التی تقابلها مجموعة من المسؤولیات، ویأتی دور القانون فی ضبط هذه العلاقة، وتسهم هذه القیمة فی تعزیز مفهوم المواطنة.

  • تعزیز قیم التطوع:

تعتبر الطوعیة الدرجة العلیا للمواطنة، وهی نابعة من أساس الحریة فی الإختیار، وکما أن هذه القیمة تکون صادقة إذا کانت نابعة عن رغبة ذاتیة ولیست مفروضة وقسریة من قبل جهات معینة، وتعبر عن مدى ارتباط الفرد بوطنه.

تاسعاً: المواطنة فی التصور الإسلامی (35) :

لا ینظر الإسلام إلى المواطنة بمفهوم ( إسلامیة المسلم فی مجتمعه الخاص) على إنها حرکة مغلقة ، بل هی حرکة منفتحة ، فإقامة المجتمع المسلم المتماسک یستهدف الانفتاح على ما وراءه انفتاحاً إیجابیاً ... إلى المجتمعات المسلمة للتوحد معها والمساهمة فی حمل همومها ، ... وإلى المجتمعات الأخرى للمساهمة فی إعلاء القیم الإنسانیة التی تحقق للعالم تعایشاً سلمیاً وتفاعلاً حضاریاً نافعاً .

إن الإسلام لم یأت لیمنع ما فطر علیه الناس، لکن لیؤکد ذلک المعنى وذلک السلوک، فهو یعترف بعملیة الانتماء الاجتماعی للاسرة (ادعوهم لآبائهم) والقبیلة (وجعلناکم شعوباً وقبائل لتعارفوا) والدولة (وقال الذی اشتراه من مصر لامرأته أکرامی مثواه) وجعلها أحد مقاصد الحیاة الاجتماعیة. ونسب القرآن الرجل لبلاده، ولکنه فی الوقت ذاته أکد على لسان رسوله صلى الله علیه وآله وسلم أنه "لیس منا من دعا إلى عصبیة" أو جاهلیة أو قومیة وأحداث السیرة ملیئة بشواهد کثیرة فی هذا المعنى. والذی یجعل البعض یقف متأملاً والفهم سلباً أما مصطلح الوطنیة أو القومیة کما یشیر الأنصاری (1999) إنما هو خطأ المفکرین القومیین بتحویل هذا المفهوم والتعبیر عنه بأنه (عقیدة). وفی ذلک تجاوز للحد والوظیفة التی یجب أن یقف عندها دور هذا المفهوم.

   وإذا ما أردنا تجاوز الاحتداد بین هذا وذاک بین فکر التضاد والإلغاء بین من یرى أنها وسیلة الوحدة وبین من یرى عدم أهمیتها البتة، فإن المنهجیة العلمیة والموضوعیة تستدعی أن نطرح فکراً یتجاوز حدود المصادمات ویؤصل لتشکیل فکر ناضج وواعٍ ومؤصل ومستوعب لحجم التحدیات الذی یشهدها عالمنا العربی الإسلامی الیوم.

   إن من الأهمیة بمکان القول بأن مفاهیم الإلغاء والإقصاء والتنکر دائماً ما تخالف طبیعة الحیاة وبالتالی یصعب علیها إکمال مسیرتها.. فالاعتراف بوجود الأشیاء وما یضادها بغض النظر عن قبولها أو رفضها هو سنة حیاتیة جاریة، هذا فضلاً عن قدرتنا ومهارتنا الفکریة والذهنیة على التألیف والتوظیف الأمثل للدور المناسب والأکمل لکل فیما یخصه. وذلک أن کل إلغاء للآخر هو مسلک مجاف لطبیعة الحیاة. ولذلک فالأصل هو استهداف الحکمة المشروعة فی التعامل مع الأفکار والأشخاص والمفاهیم والمقتنیات. ومن هنا نؤکد بأن إقصاء "البعد الإسلامی" من أجل الوطنیة جزئیاً أو إجمالاً کمنهج توحید وطنی لا یتناسب وسیادة التشریع الإسلامی ومرجعیته فی البلد المسلم، وبالمثل فإن نفی "البعد الوطنی" وأهمیته فی احترام خصوصیات الشعوب والأفراد وفی انتماء الإنسان وحبه لوطنه وسعیه لنهضته وتنمیته والدفاع عنه خلل مهین .

   والوحدة المطلوب تبنیها على مستوى العقیدة غیر تلک المطلوبة على مستوى الوطن فالأولى أرقى وأسمى من أن تحدها الحدود والأخرى بطبیعتها ووظیفتها لها حدود.

أی بعبارة أخرى أن الإسلام لا یتعارض مع اعتماد المواطنة باعتبارها بناء للجماعة السیاسیة، بل لا نجد مشکلة قیمیة معرفیة حقیقیة بین مبدأ الأخوة الدینیة، ، فالإخوة هنا رابطة معنویة متحررة عن الزمان والمکان، أما المواطنة فهی رابطة للتعایش المشترک بین أفراد یعیشون فی زمان معین ومکان ضمن وحدة سیاسیة تسمى الدولة.

وعموماً، إن قلنا بوجود مشکلة فی قبول المواطنة على أرضیة إسلامیة فهی ناتجة عن فهم خاطئ بین العقیدة والمشروع، فالعدید من الإسلامیین السیاسیین لا یمیزون بین لوازم العقیدة ولوازم المشروع السیاسی المرتبط بالواقع المتحرک والمتغیر والمتعدد، ولعل فی طلیعة تلکم اللوازم: أن المشروع السیاسی المراد إنجازه لا یتم من خلال حمل الواقع کقالب جامد على أساس العقیدة المنجزة دون النظر إلى حرکیة الواقع وتعقیداته وتحولاته، ولا یمکن حمل الواقع دفعیاً إذا ما کان مغایراً لخصائص العقیدة، کما إنه سوف لا یصدق على الواقع الخارجی المراد إحداث التغییر فیه، فإشکالیة المشروع السیاسی تکمن فی إیجاد روابط معنویة ومادیة قادرة على التعامل مع الواقع کما هو مع محاولة ترشیده على أساس العقیدة أو الإیمان الإیدیولوجی(36).

وقد یکون التخوف آتیاً من اللفظ الذی ارتبطت به هذه القضایا وهی لفظ (المواطنة) حذراً من تصور الوطن نفسه مصدر تلک الحقوق والواجبات، أما مصدرها فهو شیء آخر، فلسفة، أو دین، یعیشه أفراد ذلک المجتمع، فالمواطنة فی الغرب ترتد إلى الفلسفة اللیبرالیة التی یمثل فیها الفرد وحدة مستقلة، لحقوقها الاعتبار الأعلى وأهمها الحریة التی ینبغی أن تصان ما لم تکن خطراً على حریات الآخرین، وعلى هذا تقوم النظم الدیمقراطیة، أما فی الإسلام فمصدر الواجبات والحقوق المتبادلة فی المجتمع المسلم هو الإسلام بما وضعه من قیم خلقیة، وأحکام تعاملیة بین الأفراد أو بین الحاکم والمحکوم(37).

أما تصور أن المواطنة تعنی إقامة نمط من العلاقات الخاصة فی وطن محدد یؤدی إلى انعزاله عن أمته الإسلامیة وهمومها فهذا غیر صحیح، إذ إن الموجهات الإسلامیة التوسعیة أسرة فعشیرة فمجتمع فأمة تمنع هذا، بل أکثر من ذلک تجعل واجبات وحقوق الدائرة الأدنى صاعدة بالناس نحو ما فوقها من دوائر، والتکامل البنائی الإسلامی فی مجتمعین من مجتمعات المسلمین یؤدی تلقائیاً إلى تماثلهما ومن ثم تقاربهما وتوحدهما فی المسار الحضاری، وهذه أوربا بقومیاتها الوطنیة الضیقة استطاعت أن تذیب ما بینها من خلافات وأن تتوحد شیئاً فشیئاً.  

عاشراً: بنیة المواطنة بین التصور الأسلامى والواقع الأجتماعى المعاصر:

  فی أی وطن، تتمثل العناصر الکبرى التی تتبادل الحقوق والواجبات، وتقوم بینها المواطنة فی أثنین: أولاً: "الشعب" .                             ثانیاً: " الدولة" .

المطلب الأول: المواطنة بین أفراد الشعب(38):

مدنیة الإنسان، أی ارتباطه بالناس الآخرین بعلاقات تبادلیة، تتجاوز صورتها الفطریة لتصبح ضرورة حیاتیة بل وجودیة بالنسبة لهذا الإنسان، لهذا نجد أن أشد المذاهب مغالاة فی فردیة الإنسان تعترف بضرورة وجود قیم تنظم علاقات هؤلاء الأفراد فیما بینهم حتى تحتفظ فردیاتهم بأعلى قدر من التحقق.

والإسلام یجعل العلاقات التی ینظمها فی المجتمع وغیره مع حسن علاقة المسلم بربه، والوفاء بعهده فی سبیل سعادة الإنسانیة، وبالمقابل یجعل إهدار الحقوق المرتبة على تلک العلاقات مع الإفساد فی الأرض ونقص میثاق الله سبباً فی استحقاقاتهم مقت الله وسبیلاً للشقاء الأبدی.

لقوله تعالى(39): ((والذین ینقضون عهد الله من بعد میثاقه ویقطعون ما أمر الله به أن یوصل ویفسدون فی الأرض أولئک لهم اللعنة ولهم سواء الدار).

  وتتمثل الحقوق والواجبات المتبادلة على المستوى الشعبی بین أفراد وجماعات الشعب بحسب الصفة التی یأخذها شخص تجاه الآخر، فهناک حقوق بین الوالدین وأولادهم وحقوق بین الزوجین، وحقوق بین الأرحام، وحقوق بین الجیران... الخ.

   وعلى هذا نقول: إن من المهم للارتقاء بالعلاقات بین الأفراد الذین یجمعهم مجتمع مسلم إلى المستوى الإنسانی، المحقق للسعادة، أن تتجلى فیها الأخلاق التی شرعها دین الإسلام بین المؤمنین عموماً، ومنها الأخلاق التالیة:

 ·   الولاء الذی ینعقد برابطة الإیمان بین المؤمنین وغیرهم ، وهو الذی على أساسه تتشکل البنیة العضویة المتماسکة للمجتمع المسلم، وبالتالی للأمة الإسلامیة، وبضعفه تفسد حال الأمة، ویندثر وجودها الحضاری. ولهذا قال سبحانه وتعالى (40) (والذین کفروا بعضهم أولیاء بعض إلا تفعلوه تکن فتنة فی الأرض وفساد کبیر).

 ·   الألفة والتواد والتعاطف، حیث تسود العلاقات بینهم روح تقارب نفسی وعملی إیجابی یشد بعضهم إلى بعض شداً إیماناً إنسانیاً حقیقیاً، لا مصلحیاً أو مظهریاً فقط، وقد أوضح ذلک الرسول صلى الله علیه وسلم فی تشبیه بلیغ، فی قوله علیه الصلاة والسلام: (مثل المؤمنین فی توادهم وتراحمهم وتعاطفهم کمثل الجسد، إذا اشتکى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).

 ·   النصیحة، وهی کلمة جامعة تقتضی السعی بکل ما فیه مصلحة للمنصوح له، ولیست مقصورة على الإرشاد نحو أداء عبادة متروکة، أو ترک منکر مقترف.

  وقد کان من عناصر المبایعة التی بایع الصحابة النبی صلى الله علیه وسلم علیها: (النصح لکل مسلم) وقوله صلى الله علیه وآله وسلم ((الدین النصیحة، قلنا لمن یا رسول الله؟ قال: لله ولکتابه ولرسوله ولأئمة المسلمین وعامتهم ، والمسلم أخو المسلم، لا یخذله ولا یکذبه، ولا یظلمه وأن أحدکم مرآة أخیه، فإن رأى به أذى فلیمطه عنه).

   ومن صور النصح فیما بین المسلمین: (إرشادهم لمصالحهم فی دنیاهم وأخراهم، وکف الأذى عنهم، وستر عوراتهم، ودفع زلاتهم، وإبعاد المضار عنهم، وجلب المنافع لهم، وأمرهم بالمعروف، ونهیهم عن المنکر برفق وإخلاص، والشفقة علیهم...)

 ·   الإصلاح بین الناس، وإزالة أسباب الفرقة والنزاع والشقاق بینهم، والمبادرة إلى احتواء التنافر والخصام إذا حدث، ومنعه من أن یتطور، وقد جعل الإسلام خصلة الإصلاح من أفضل الأعمال، فالله یقول فی کتابه (41).  ((لا خیر فی کثیر من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بین الناس ومن یفعل ذلک ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتیه أجراً عظیماً)).

 ·   النصرة: فمن حق المسلم على أخیه المسلم أن ینصره بما یستطیع من قدرات وإمکانات، والنصر شامل للجوانب المادیة والمعنویة، فکما یجب علیه نصره عندما یظلم فی أمر مادی، یجب علیه أن ینصره إذا وقع علیه ظلم أدبی، کالغیبة والنمیمة، وتشویه السمعة ونحوها.

 ·   والنصر للمسلم مطلوب من أخیه على أیة حال، ولهذا قال صلى الله علیه وسلم (انصر أخاک ظالماً أو مظلوماً، قال رجل: أنصره إذا کان مظلوماً، فکیف أنصره إذا کان ظالماً؟ قال: تحجزه وتمنعه من الظلم، فإن ذلک نصره).

 ·   وکذلک الآداب العملیة التی تقتضیها حرکة الحیاة الیومیة بین الناس، مثل: آداب التعامل المالی، وآداب الصحبة، وآداب الشارع والبیوت، کالاستئذان للدخول، وعدم التلصص علیها، وستر ما یراه مما یضر إشاعته بأخیه، واحترام الکبیر، والعطف على الصغیر.

   ثم إن القیم الخلقیة التی شرعها الإسلام لتکون قواعد موجهة وضابطة للحیاة الإسلامیة تتمثل بصورتها المباشرة فی ضبط العلاقات بین أفراد المجتمع سواء کانت من المطلوبات کالصدق والعدل والحیاء والإحسان، والتعاون على البر والتقوى، والإکرام، والنصیحة أو کانت من القیم المنهی عنها کالغش والغل والتعدی على حقوق الآخرین والتکبر على الناس، والاتهامات الباطلة، والتلصص على العورات.. ونحوها مما جاء النهی عنه فی الشریعة.

   وهی قیم باستطاعتها لو استطاع النظام التربوی غرسها فی نفوس الناشئة وبناء شخصیاتهم علیها أن توجد مجتمعاً تتلألأ إنسانیته فی أعلى درجاتها، ویتناغم أفراده نفسیاً وفکریاً وحرکیاً بأرقى صور الکمالات البشریة.

المطلب الثانی: المواطن والدولة(42)

الحقوق المتبادلة بین الشعب من جهة والدولة من جهة أخرى هی مدار ما یسمى الآن بـ (المواطنة) من حیث هی حقوق متبادلة بین الطرفین.

وفی هذا الإطار ورد إنکار بعضهم –کما سبق- لهذه الحقوق فی الإسلام لعدم وجود لفظ (مواطن) بمعنى شخص یشارک فی شؤون وطنه، بل یوجد لفظ یعطی المعنى المقابل –کما یتصور بعض هؤلاء- وهو لفظ (رعیة) الذی یطلق أساساً على الماشیة التی یوجهها الراعی کیفما یرید.

إن لفظ (الرعیة) فی الصیغ الشرعیة تتضمن معنى حق المرعی على الراعی بالعدل والقیام بالحق وإیفائه حقوقه التی شرعها الإسلام له، فالنص الشرعی وهو نص دینی عماده التوجیه الخلقی قبل التشریع القانونی یوجه الراعی أن یتحمل مسؤولیة إقامة حقوق الرعیة تدیناً لله وطلباً لرضوانه، ولنتأمل حدیث المسؤولیات الذی یقول فیه الرسول صلى الله علیه وسلم (ألا کلکم راع وکلکم مسؤول عن رعیته فالإمام الأعظم الذی على الناس راع وهو مسؤول عن رعیته، والرجل راع على أهل بیته وهو مسؤول عن رعیته، والمرأة راعیة على أهل بیت زوجها وولده وهی مسؤولة عنهم وعبد الرجل راع على مال سیده وهو مسؤول عنه، ألا فکلکم راع وکلکم مسؤول عن رعیته).

ولأن المسلمین فهموا مثل هذا النص فی مدلوله الدینی العام لم ترد عندهم تلک الصورة البشعة التی تمنح الراعی التلاعب بمصائر رعیته کما الراعی بأغنامه، إن الذی فهموه عکس ذلک تماماً لقد فهموا أنه دلیل على عظم حقوق الرعیة وخطورة مسؤولیة من تهیأ له إمساک زمام الحکم علیها بل فهموا منه أن الراعی لیس هو الأصل بل الرعیة، وأن الراعی مجرد وسیلة لإقامة حقوق هذه الرعیة، ومن ذلک ما قاله أحد العلماء: (الراعی هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما اؤتمن على حفظه فهو مطلوب بالعدل فیه والقیام بمصالحه).

والحقیقة أن القیمة لیست فی المصطلحات بذاتها وإنما فی المضامین التی تحملها ثم فی تجلیها فی الواقع العملی فی الحیاة.

حقوق الشعب (المواطنین) على الدولة(43):

من أبرز هذه الحقوق:

 ·   أن یکون الحکم وفق المنهج الذی یرتضیه الشعب وهو بالنسبة للمجتمع المسلم تطبیق شریعة الله والحکم بما أنزل فی وحیه.

 ·   النصح لجمیع أإفراد الرعیة، وعدم غشهم بأی صورة من صور الغش الثقافی أو الاجتماعی جاء فی الحدیث الشریف (ما من عبد یسترعیه الله رعیة یموت وهو غاش لرعیته إلا حرم الله علیه الجنة). فمن حقوق المواطن على الدولة، الصدق وعدم الغش فیما تقوم به من أعمال فقوله صلى الله علیه وسلم (من غشنا فلیس منا) تدخل فیه السلطة (الدولة) کما یدخل فیه الأفراد، بل إنها تدخل فی حدیث (اللهم من ولی من أمر أمتی شیئاً فشق علیهم فاشتقق علیه) فهذا الحدیث یتجه بشکل مباشر إلى ولایة الحکم.

   ·        تحقیق القیم الإسلامیة کالعدل والمساواة من خلال أنظمة شاملة لجمیع المواطنین.

   ·        تحمل المسؤولیة أمام أعداء الوطن.

   ·        تهیئة الفرص لأفراد الشعب للقیام المعاشی والمعادی.

أما حقوق الدولة على المواطنین فمن أهم ما تتمثل به:

البیعة أو الانتخاب: وهی تمثل تعاهداً بین المواطنین وحاکمهم على أن یحکم فیهم بالشریعة وأن یقیم الحق والعدل، على أن یکونوا أوفیاء للنظام مغلبین المصلحة العامة التی تتبناها الدولة على المصالح الجزئیة الذاتیة، والبیعة أو الانتخاب بالتالی لیس مجرد توافق یتم وینسى، إن المطلوب شرعاً أن تظل ملازمة شعوریاً ومن ثم حرکیاً للمواطن فی کل أحواله:

  • الولاء للدولة بحسبانه ولاء للإسلام الذی تتبناه الدولة تطبیقاً ودعوة.
  • الالتزام بتطبیق نصوص الدستور والقانون والقرارت والتوجیهات التی تصدرها المؤسسات الحکومیة.
  • الإخلاص فی العمل للدولة سواء من خلال مؤسساتها أو مؤسسات المجتمع المدنی.
  • الإسهام فی بناء وتنمیة الوطن.
  • النصح والسعی للإصلاح بالطرق السلیمة التی لا تهز استقرار الوطن ودولته.
  • الدفاع عن الوطن ضد أعدائه.
  • التمثیل الجید للدولة والمجتمع خارج حدوده.
  • دفع الضرائب والرسوم من خلال الخمس والزکاة وغیرها من الوسائل التی أوجبها الشرع.

الخلاصة

فی إطار الطرح المتقدم للمطلبین الأول ( المواطنة بین أفراد الشعب ) والثانی ( المواطنة فی حق الدولة )  یمکن فهم التصور لطبیعة الواقع بأنه على قدر الالتزام بالحقوق والواجبات على قدر مستوى المواطنة الحقة الواجب مراعاتها والقیام بمهامها ومسؤلیاتها وعلى عکس ذلک تکون المداهنة والهروب من الالتزام بالحقوق والمسئولیات والواقع المصری أحوج ما یکون أی الالتزام الحق بمفهوم المواطنة الحقة النابعة بین تسلیم الفرد کل من موقعه بأهمیتها وکونها ضرورة ملحة للنهوض بالأفراد والجماعات والمجتمع .

المراجع المستخدمة

  1. إبن منظور: لسان العرب، دار المعارف، بیروت، مادة (و ط ن)، د.ت.
  2. محمد غیث: قاموس علم الإجتماع، دار المعارف الجامعیة، الإسکندریة، 1995، ص56.
  3. إبن منظور: لسان العرب، ج2، دار المعارف ، القاهرة، د. ن ، ص 1447.
  4. عصام عبد الله: المواطنة، مرکز ماعت للدراسات القانونیة والدستوریة، الجیزة، د.ن، ص50.
  5. عصام عبد الله: المواطنة، المرجع السابق ، ص78.
    1. Cathrin Carnbleth: Citizenship education in Encyclopedia of Education Research, 5th, 1992, P.5.
    2. سلسلة دراسة المرأة العربیة فی التنمیة: النوع الإجتماعی والمواطنة، الأمم المتحدة، 2003، ص4-5.
    3. جورج القصیفی: المفهوم المعاصر للمواطنة فی المواطنة والدیمقراطیة فی البلدان العربیة، مرکز دراسات الوحدة العربیة، لبنان، ط2، 2004، ص45.
    4. الأصفهانی (الراغب): المفردات فی غریب القرآن / ص 32، تحقیق صفوان عدنان ط1 ، الدار الشافعیة - بیروت- 1992م.
    5. المرجع السابق / ص 320.
    6. إبن منظور : لسان العرب 1/1029 . الفیروز أبادی: القاموس المحیط / 1546
    7. من سورة القلم ، الآیة : (9)
    8. الطبری (محمد بن جریر) : جامع البیان عن تأویل آی القرآن (تفسیر الطبری) 29/21، نشر مکتبة ومطبعة مصطفى البابی الحلبی وشرکاه، مصر. 
    9. السعدی ( عبدالرحمن بن ناصر) تیسیر الکریم الرحمن فی تفسیر کلام المنان / ص 879 ، ط 3 - اعتنى به تحقیقاً ومقابلة د/ عبدالرحمن بن معلا اللویحق، مکتبة الرشد، الریاض 1422هـ - 2001م.
    10. الألوسی : روح المعانی 3/122
    11. ابن حجر: فتح الباری بشرح صحیح البخاری 10/474 ، کتاب الأدب (باب ما قبل فی ذی الوجهین).
    12. ابن منظور: لسان العرب 1/1029، الفیروز أبادی: القاموس المحیط/ ص 1546
    13. ابن حجر: فتح الباری  شرح صحیح البخاری 10/528
    14. ابن حجر : فتح الباری شرح صحیح البخاری 10/528
    15. ابن منظور: لسان العرب 1/1029، الفیروزأبادی : القاموس المحیط / ص 1546
    16. ابن حجر: فتح الباری 10/454
    17. ابن منظور: لسان العرب 3/694، الفیروز أبادی : القاموس المحیط / ص 1196، ابن فارس (أحمد) معجم مقاییس اللغة. تحقیق عبدالسلام هارون / ص 454 ط1 ، دار الجیل . بیروت - القاهرة 1996م
    18. ابن رجب الحنبلی : (عبدالرحمن بن علی). جامع العلوم والحکم/ ص 375 ، دار المعرفة ، بیروت.
    19. نجلاء عبد الحمید راتب: الانتماء الاجتماعی للشباب المصری  دراسة سوسیولوجیة فی حقبة الانفتاح (القاهرة، مرکز المحروسة للنشر، 1999) ص 57.
    20. علی اسعد وطفة:  نسق الانتماء الاجتماعی وأولویاته فی المجتمع الکویتی المعاصر : مقاربة سوسیولوجیة فی جدل الانتماءات الاجتماعیة واتجاهاتها (الکویت، مجلة دراسات الخلیج  والجزیرة العربیة ، مجلس النشر العلمی، العدد 108، 2003) ص133.
    21. سامح فوزی: المواطنة (مرجع سبق ذکره) ص60.
    22. خالد مصطفى على فهمی: حول مفهوم المواطنة وحقوق الإنسان (القاهرة، د.ن، د.ط، 2008) ص 7.
    23. أحمد جاد منصور: المواطنة وتکافؤ الفرص وعدم التمییز (القاهرة، أکادمیة الشرطة، د.ط، 2006) ص 27: 30.
    24. على لیلة:المجتمع المدنى العربى – قضایا المواطنة وحقوق الانسان( القاهرة، مکتبة الأنجلو المصریة، 2007) ص ص91:89.
    25. نسرین عبد الحمید نبیه: مبدأ المواطنة بین الجدل والتطبیق( الأسکندریة، مرکز الأسکنریة للکتاب، 2008) ص ص15:14.
    26. وسام صقر: الثقافة السیاسیة وانعکاساتها على مفهوم المواطنة لدى الشباب الجامعى فى قطاع غزة( رسالة ماجستیر غیر منشورة، جامعة الازهر- غزة، 2010) ص ص 105:104.
    27. وسام صقر: الثقافة السیاسیة وانعکاساتها على مفهوم المواطنة لدى الشباب الجامعى فى قطاع غزة، مرجع سبق ذکره، ص ص 114،112.
    28. ریاض المالکی: تفعیل مؤسسات المجتمع المدنی الفلسطینی نحو المواطنة والمسؤلیة والاصلاح (فلسطین، المرکز الفلسطینی لتعمیم الدیمقراطیة وتنمیة المجتمع، ط1، 2007) ص42.
    29. علی خلیفة الکواری: مفهوم المواطنة فی الدول القومیة (مجلة المستقبل العربی ، العدد الثانی ، 2001 ) ص 308 : 310 .
    30. عبد الرحمن بن زید الزنیدی: فلسفة المواطنة فی المجتمع السعودی (بحث مقدم للقاء مقدم للقاء قادة العمل التربوی فی السعودیة، الموقع:

 http://www.imamu.edu.sa/naief-chair/Documents

  1. علی خلیفة الکواری: مفهوم المواطنة فی الدولة القومیة (مرجع سبق ذکره)ص325.
  2. فهد إبراهیم الحبیب: الاتجاهات المعاصرة فی تربیة المواطنة (دراسة منشورة فی موقع آفاق للدراسات والبحوث، التاریخ 19/2/2009، الموقع:

http://www.aafaqcenter.com/index.php?=com-content&task=view&id=168&Itemid=392

  1. القران الکریم:سورة الرعد ,أیة25:18
  2. القران الکریم :سورة الأنفال,أیة73
  3. القران الکریم:سورة النساء,أیة 114
  4. کریم شغیدل: أسس المواطنة وصور الالتباس (مجلة الإسلام والدیمقراطیة، منظمة الإسلام والدیمقراطیة، بغداد، العدد العاشر، شباط 2005) ص220:228.
  5. محمد سلیم العوا: فکرة المواطنة وتطورها (دراسة منشورة فی الموقع الالکترونی لحزب الوسط الجدید، التاریخ 30 نوفمبر 1999، الموقع:

http://www.alwsatparty.com/modules.php?file=article&name=News&sid=607

  1. محمد عمارة: حقوق المواطنة فی الإسلام (مقالة منشورة فی منتدى الشروق الإسلامی، على الشبکة الدولیة للمعلومات، التاریخ 22/2/2009، الموقع:

http://www.alshorok.net/vb3/showthread.php?t=9590.

 

 

 

 

 

 

 

  1. المراجع المستخدمة

    1. إبن منظور: لسان العرب، دار المعارف، بیروت، مادة (و ط ن)، د.ت.
    2. محمد غیث: قاموس علم الإجتماع، دار المعارف الجامعیة، الإسکندریة، 1995، ص56.
    3. إبن منظور: لسان العرب، ج2، دار المعارف ، القاهرة، د. ن ، ص 1447.
    4. عصام عبد الله: المواطنة، مرکز ماعت للدراسات القانونیة والدستوریة، الجیزة، د.ن، ص50.
    5. عصام عبد الله: المواطنة، المرجع السابق ، ص78.
      1. Cathrin Carnbleth: Citizenship education in Encyclopedia of Education Research, 5th, 1992, P.5.
      2. سلسلة دراسة المرأة العربیة فی التنمیة: النوع الإجتماعی والمواطنة، الأمم المتحدة، 2003، ص4-5.
      3. جورج القصیفی: المفهوم المعاصر للمواطنة فی المواطنة والدیمقراطیة فی البلدان العربیة، مرکز دراسات الوحدة العربیة، لبنان، ط2، 2004، ص45.
      4. الأصفهانی (الراغب): المفردات فی غریب القرآن / ص 32، تحقیق صفوان عدنان ط1 ، الدار الشافعیة - بیروت- 1992م.
      5. المرجع السابق / ص 320.
      6. إبن منظور : لسان العرب 1/1029 . الفیروز أبادی: القاموس المحیط / 1546
      7. من سورة القلم ، الآیة : (9)
      8. الطبری (محمد بن جریر) : جامع البیان عن تأویل آی القرآن (تفسیر الطبری) 29/21، نشر مکتبة ومطبعة مصطفى البابی الحلبی وشرکاه، مصر. 
      9. السعدی ( عبدالرحمن بن ناصر) تیسیر الکریم الرحمن فی تفسیر کلام المنان / ص 879 ، ط 3 - اعتنى به تحقیقاً ومقابلة د/ عبدالرحمن بن معلا اللویحق، مکتبة الرشد، الریاض 1422هـ - 2001م.
      10. الألوسی : روح المعانی 3/122
      11. ابن حجر: فتح الباری بشرح صحیح البخاری 10/474 ، کتاب الأدب (باب ما قبل فی ذی الوجهین).
      12. ابن منظور: لسان العرب 1/1029، الفیروز أبادی: القاموس المحیط/ ص 1546
      13. ابن حجر: فتح الباری  شرح صحیح البخاری 10/528
      14. ابن حجر : فتح الباری شرح صحیح البخاری 10/528
      15. ابن منظور: لسان العرب 1/1029، الفیروزأبادی : القاموس المحیط / ص 1546
      16. ابن حجر: فتح الباری 10/454
      17. ابن منظور: لسان العرب 3/694، الفیروز أبادی : القاموس المحیط / ص 1196، ابن فارس (أحمد) معجم مقاییس اللغة. تحقیق عبدالسلام هارون / ص 454 ط1 ، دار الجیل . بیروت - القاهرة 1996م
      18. ابن رجب الحنبلی : (عبدالرحمن بن علی). جامع العلوم والحکم/ ص 375 ، دار المعرفة ، بیروت.
      19. نجلاء عبد الحمید راتب: الانتماء الاجتماعی للشباب المصری  دراسة سوسیولوجیة فی حقبة الانفتاح (القاهرة، مرکز المحروسة للنشر، 1999) ص 57.
      20. علی اسعد وطفة:  نسق الانتماء الاجتماعی وأولویاته فی المجتمع الکویتی المعاصر : مقاربة سوسیولوجیة فی جدل الانتماءات الاجتماعیة واتجاهاتها (الکویت، مجلة دراسات الخلیج  والجزیرة العربیة ، مجلس النشر العلمی، العدد 108، 2003) ص133.
      21. سامح فوزی: المواطنة (مرجع سبق ذکره) ص60.
      22. خالد مصطفى على فهمی: حول مفهوم المواطنة وحقوق الإنسان (القاهرة، د.ن، د.ط، 2008) ص 7.
      23. أحمد جاد منصور: المواطنة وتکافؤ الفرص وعدم التمییز (القاهرة، أکادمیة الشرطة، د.ط، 2006) ص 27: 30.
      24. على لیلة:المجتمع المدنى العربى – قضایا المواطنة وحقوق الانسان( القاهرة، مکتبة الأنجلو المصریة، 2007) ص ص91:89.
      25. نسرین عبد الحمید نبیه: مبدأ المواطنة بین الجدل والتطبیق( الأسکندریة، مرکز الأسکنریة للکتاب، 2008) ص ص15:14.
      26. وسام صقر: الثقافة السیاسیة وانعکاساتها على مفهوم المواطنة لدى الشباب الجامعى فى قطاع غزة( رسالة ماجستیر غیر منشورة، جامعة الازهر- غزة، 2010) ص ص 105:104.
      27. وسام صقر: الثقافة السیاسیة وانعکاساتها على مفهوم المواطنة لدى الشباب الجامعى فى قطاع غزة، مرجع سبق ذکره، ص ص 114،112.
      28. ریاض المالکی: تفعیل مؤسسات المجتمع المدنی الفلسطینی نحو المواطنة والمسؤلیة والاصلاح (فلسطین، المرکز الفلسطینی لتعمیم الدیمقراطیة وتنمیة المجتمع، ط1، 2007) ص42.
      29. علی خلیفة الکواری: مفهوم المواطنة فی الدول القومیة (مجلة المستقبل العربی ، العدد الثانی ، 2001 ) ص 308 : 310 .
      30. عبد الرحمن بن زید الزنیدی: فلسفة المواطنة فی المجتمع السعودی (بحث مقدم للقاء مقدم للقاء قادة العمل التربوی فی السعودیة، الموقع:

     http://www.imamu.edu.sa/naief-chair/Documents

    1. علی خلیفة الکواری: مفهوم المواطنة فی الدولة القومیة (مرجع سبق ذکره)ص325.
    2. فهد إبراهیم الحبیب: الاتجاهات المعاصرة فی تربیة المواطنة (دراسة منشورة فی موقع آفاق للدراسات والبحوث، التاریخ 19/2/2009، الموقع:

    http://www.aafaqcenter.com/index.php?=com-content&task=view&id=168&Itemid=392

    1. القران الکریم:سورة الرعد ,أیة25:18
    2. القران الکریم :سورة الأنفال,أیة73
    3. القران الکریم:سورة النساء,أیة 114
    4. کریم شغیدل: أسس المواطنة وصور الالتباس (مجلة الإسلام والدیمقراطیة، منظمة الإسلام والدیمقراطیة، بغداد، العدد العاشر، شباط 2005) ص220:228.
    5. محمد سلیم العوا: فکرة المواطنة وتطورها (دراسة منشورة فی الموقع الالکترونی لحزب الوسط الجدید، التاریخ 30 نوفمبر 1999، الموقع:

    http://www.alwsatparty.com/modules.php?file=article&name=News&sid=607

    1. محمد عمارة: حقوق المواطنة فی الإسلام (مقالة منشورة فی منتدى الشروق الإسلامی، على الشبکة الدولیة للمعلومات، التاریخ 22/2/2009، الموقع:

    http://www.alshorok.net/vb3/showthread.php?t=9590.